ميعاد الطائي
شهدت الأسواق العراقية ارتفاعا ملحوظا في أسعار المواد الغذائية الأساسية وذلك مع حلول شهر رمضان المبارك ومع زيادة الطلب على شرائها من قبل المواطنين , وهذا أمر يكاد يكون طبيعيا يحدث في كل عام. ولكن ما جرى هذا العام هو ان حلول الشهر الفضيل تزامن مع تنفيذ عدد من القوانين المتعلقة بالاقتصاد
واستيراد البضائع منها مطالبة المستورد بشهادة المنشأ وإخضاع البضائع لفحص الجودة وهو ما تسبب في بعض حالات الإرباك لعدم معرفة بعض التجار بآليات تنفيذ هذه القوانين من جهة , وتكدس البضائع على الحدود من جهة أخرى، وهو ما ساهم في رفع كلف السلع الغذائية أسوة ببقية السلع المستوردة.
وتجدر الإشارة إلى ان الحبوب بأنواعها شهدت ارتفاعا بنسبة 25 بالمائة، إضافة إلى ارتفاع أسعار اللحوم المستوردة والبيض ولحوم الدجاج، حيث ان بعض لحوم الدجاج ارتفعت من 3000 آلاف دولار للطن الى 3800 دولار في غضون ايام، إضافة الى استغلال بعض التجار لشحة بعض المواد فقاموا بتكديسها لتحقيق اعلى ربح في ظل الحاجة المتزايدة لها.
ما نريد ان نوضحه هو ان البعض من التجار يقوم بخلط الأوراق من خلال الخلط بصورة متعمدة بين قانون التعرفة الكمركية وقانون التصريحة الكمركية ويحاول ان يبرر رفع أسعار المواد الغذائية من خلال إيهام المواطن بان التاجر أصبح اليوم يدفع رسوما جديدة إضافية ويحاول من خلال ذلك إلقاء اللوم على الدولة وقوانينها وعلى ما يجري على الحدود في ارتفاع أسعار البضائع.
وفي الحقيقة انه ليست هناك أية علاقة بين ارتفاع الأسعار وبين ما يحدث في المنافذ الحدودية سيما عملية تكديس البضائع التي يستخدمها بعض التجار كورقة ضغط على الحكومة باتجاه عرقلة تنفيذ القوانين الجديدة التي تصب في مصلحة المواطن من خلال الحد من استيراد البضائع ذات الجودة المتدنية.
وبالرغم من وضوح قرار التصريحة الكمركية والذي يجعل جميع البضائع المستوردة خاضعة لفحص الجودة ولا يسمح بمرور الا البضائع التي تجتاز الفحص يدعي البعض انه تسبب برفع الأسعار علما انه لا يضع أي رسوم جديدة على البضائع وخاصة الغذائية منها ومن هنا لا نجد مبررا لارتفاع الأسعار.
أما مسألة قانون التعرفة الكمركية الذي يفرض رسومات كمركية على البضائع فانه لم يدخل حيز التنفيذ لحد اليوم ولقد تم تأجيله بقرار سياسي منذ انطلاق مظاهرات ساحة التحرير وذلك مراعاة لظروف المواطن في هذه الفترة الزمنية.
أما التصريحة الكمركية فيمكننا اختصارها بأنها عملية تسهل استيراد البضائع ولا تعقدها كما يصورها البعض فبدلا من ان تكون البضائع داخل الحد العراقي، بانتظار فحصها، ستأتي شهادة الجودة مع البضاعة بعد ان تمت معاينتها في البلد المنشأ من قبل الشركات التي تعاقد معها الجهاز، ما يسهل عمل الموردين وهيئة الكمارك معا. ويراها البعض بأنها خطوة ايجابية للغاية، وستقطع الطريق أمام من تسول له نفسه بإدخال بضائع رديئة او مزورة الى البلد، وان نتائجها على الأمد البعيد مهمة للغاية، وفي صالح المواطن"
وكانت الحكومة العراقية قد تعاقدت مع شركات فرنسية وسويسرية لفحص البضائع الداخلة للبلاد، بعد تفاقم ظاهرة البضائع الرديئة والمواد الغذائية الفاسدة. ويلزم العقد المستوردين بتقديم "شهادات جودة" لبضائعهم عند المنافذ الحدودية. وبعد أن كان مقررا تطبيق شهادة الجودة مطلع أيار الماضي، أرجأ إلى مطلع تموز، ما دفع الحكومة إلى تمديد المهلة 10 أيام أخرى فقط، تبدأ من 10 تموز، لتلافي الارتباط الذي تشهده المنافذ الحدودية ولهذا يمكننا القول بان السلعة في شهر رمضان لا يختلف سعرها من بلد المنشأ وإنما من خلال التجار العراقيين الذين يعملون بدون ضوابط في تحديد الأسعار الأمر الذي يستوجب مراقبة ومحاسبة لمن يستغل تزامن تطبيق القرارات مع حلول شهر رمضان المبارك ليجني إرباحا إضافية على حساب المواطن البسيط في ظل غياب الرقابة.
لهذا نطالب بتفعيل عمل الهيئات الرقابية من اجل متابعة أحوال السوق العراقي ومحاسبة كل من يتسبب بارتفاع الأسعار دون مبرر حقيقي لنحمي المستهلك العراقي من جشع البعض الذين تعودوا على استغلال الأزمات والمناسبات ويجعلوا منها فرصا للربح الفاحش.