خبراء : ارتفاع أسعار المواد الغذائية عالمياً تهديد للأمن الغذائي المحلي

خبراء : ارتفاع أسعار المواد الغذائية عالمياً تهديد للأمن الغذائي المحلي

بغداد / ليث محمد رضا
تجاوز مؤشّر أسعار المواد الغذائية هذا العام أعلى مستوى له، في وقت دعا خبراء منظمة الأغذية والزراعة (فاو) مؤخرا إلى ضرورة تعزيز التعاون الدولي وتوخي الحذر من الازمة الحالية وتهديداتها للأمن الغذائي، فيما أرجع خبراء

محليون ارتفاع الاسعار الى ارتفاع تكاليف الإنتاج الناجمة بشكل اساس عن ارتفاع اسعار النفط اضافة الى انخفاض قيمة الدولار والمضاربة نتيجة للأحداث سيما في العالم العربي.
وعزا الخبير الاقتصادي الدكتور ماجد الصوري ارتفاع اسعار المواد الغذائية على المستوى العالمي إلى أسباب مختلفة في مقدمتها ارتفاع تكاليف الإنتاج الناجمة بشكل اساس عن ارتفاع اسعار النفط اضافة الى انخفاض قيمة الدولار والمضاربة نتيجة للأحداث سيما في العالم العربي ونتيجة للظروف الجوية والفيضانات، وامتناع روسيا عن تصدير الحبوب لغاية الشهر الخامس من العام الماضي، حيث ان انتاج روسيا يبلغ 18 مليون طن.
وأضاف الصوري: كما أن سوء توزيع الانتاج في العالم سيما وان دور الدول النامية ضعيف في هذا الاتجاه، وبالتأكيد ان أي ارتفاع في المواد الغذائية العالمية ينعكس على الاقتصاد الوطني من ناحية ويؤدي الى استخدام اموال اكبر من اجل الاستيراد،سواء البطاقة التموينية أم المواد الأخرى عن طريق القطاع الخاص أو الحكومة وهذا سيؤدي إلى تفعيل العامل الخارجي في عملية التضخم.إضافة إلى أن الإجراءات الحكومية الاقتصادية المختلفة لم تأخذ بنظر الاعتبار التأشيرات والعوامل المختلفة التي تؤثر على العملية الاقتصادية وإجراءاتها غير المدروسة مثل تفعيل قانون الرسوم الكمركية إضافة الى غياب الانتاج المحلي وارتفاع مستوى التكاليف حتى بالنسبة للانتاج المذكور فأن تأثر عملية ارتفاع الاسعار العالمية اذا ما استمر فسيكون تأثيرها على الاقتصاد العراقي وعلى تضخم الأسعار في العراق كبيراً مما سيؤدي إلى تخفيض القوة الشرائية لدخل الفرد العراقي وبالتالي سيؤدي الى بعض الاضطرابات الاجتماعية، ما يجعل الحكومة تضطر الى اتخاذ إجراءات مختلفة للحد من هذه العملية.
وتابع الصوري: لا بد للحكومة أن تستخدم الفائض من الاموال في الموازنة الناتج عن التعاقدات النفطية بشكل مكثف لتطوير النشاطات الاقتصادية في العراق في جميع المجالات الإنتاجية من اجل توفير الإمكانات لتعويض الاستيرادات، والتخفيض من عامل ارتفاع الأسعار ومن اجل تطوير الريف والزراعة لتعظيم الإمكانات اللازمة للحفاظ على سلة الغذاء العراقي وتوفير الاحتياطيات اللازمة في حالة تعرض السوق العالمي الى نكسات ناجمة عن تطورات بيئية وسياسية واجتماعية تصعب السيطرة عليها.
من جانبه، قال الخبير الاقتصادي الدكتور سالم البياتي: إن الأمن الغذائي هو جزء من منظومة الأمن الوطني وأية دولة عندما تريد تحقيق سيادة حقيقية وتدعم قدرتها على اتخاذ القرار تعمل على تنمية مواردها الداخلية وصناعتها الغذائية والنسيجية والاساسيات داخلياً وهذا يحصنها ويجعلها تستطيع أن تتحكم بالزيادة وتستطيع أن توفر السلة الغذائية للمواطن دون الخضوع إلى الضغوطات وبما أن البطاقة التموينية ومقومات الأمن الغذائي العراقي كلها مستوردة فأن أي اهتزاز في أحدى أطراف الأمن الغذائي العالمي تؤثر على العراق وكان تأثيرها بنسبة عالية لعدم وجود البدائل، وأن العراق أذا ما أراد التخفيف من وطأة الازمة الغذائية العالمية فعليه أن يطور صناعة لأحتياجاته الداخلية على اقل تقدير.
وأضاف البياتي ان الامن الغذائي العراقي معرض للاهتزاز مع اية هزة خارجية لذا فهو لا يملك فاعلية في الداخل.
ويذكر أن مؤشر البنك الدولي لأسعار الغذاء لا يزال قريباً من ذروته التي بلغها في عام 2008. ففي آذار 2011، كان المؤشر لا يزال مرتفعاً بنسبة 36 في المائة عن المستوى الذي كان عليه قبل عام، على الرغم من حدوث انخفاض طفيف في الآونة الأخيرة ومن بين المواد الغذائية الأساسية التي لا تزال أسعارها مرتفعة كثيراً عما كانت عليه في مثل هذا الوقت من العام الماضي الذرة (74 في المائة)، والقمح (69 في المائة)، وفول الصويا (36 في المائة)، والسكر (21 في المائة)؛ إلا أن أسعار الأرز وهو الأهم كانت مستقرة. وتظهر المقارنة بين متوسط الأسعار في الربع الأول من عام 2011 والربع الأخير من عام 2010 ارتفاع أسعار طائفة عريضة من السلع الغذائية الأساسية.
ويرجع البنك الدولي ارتفاع اسعار المواد الغذائية عالمياً إلى الزيادة في أسعار الوقود، ويحوم مؤشر البنك الدولي لأسعار الغذاء حول ذروته التي كان عليها في عام 2008. ومنذ حزيران 2010، سقط 44 مليون شخص آخرين دون خط الفقر البالغ 1.25 دولار أمريكي للفرد في اليوم نتيجةً لارتفاع أسعار الغذاء.
ويقول البنك الدولي في هذا الاتجاه إن نماذج المحاكاة تظهر أن حدوث زيادة أخرى بنسبة 10 في المائة في مؤشر أسعار الغذاء يمكن أن تؤدي إلى سقوط 10 ملايين شخص آخرين في هوة الفقر، أما في حال حدوث زيادة نسبتها 30 في المائة فقد يزيد عدد الفقراء على 34 مليوناً. وتشهد البلدان منخفضة الدخل والشريحة المنخفضة من البلدان متوسطة الدخل ارتفاعاً في أسعار السلع الغذائية يزيد متوسطه على 5 نقاط مئوية مقارنة بالبلدان الأكثر ثراءً. ويظهر التركيز بوجه خاص على منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هذا الصدد حدوث تضخم في أسعار المواد الغذائية تزيد نسبته على 10 في المائة في إيران، ومصر، وسوريا، مع حدوث ارتفاعات محدودة بعض الشيء في أجزاء أخرى من المنطقة. فقد ارتفعت الأسعار العالمية للذرة بنسبة 17 في المائة في الربع الأول من عام 2011 مقارنةً بالربع الأخير من عام 2010، بسبب تزايد الطلب للاستخدامات الصناعية ونقص المخزونات. كما واجه العديد من البلدان بمنطقة أفريقيا جنوب الصحراء زيادات تفوق العشرة في المائة في أسعار الذرة خلال الربع الأول من عام 2011. وتظهر المقارنة بين تغير الأسعار داخل البلدان نفسها أن قفزات الأسعار، ومن ثم تأثيراتها على الفقر، يمكن أن يغلب عليها الطابع المحلي إلى حد بعيد. ومن بين الإجراءات الفورية توجيه المساعدات الاجتماعية وبرامج التغذية إلى الشرائح الأشد فقراً من سكان المناطق التي قفزت بها أسعار الغذاء. وينبغي عند وضع إجراءات سياسات الاقتصاد الكلي مراعاة مدى تأثير الزيادات في أسعار السلع الأساسية في التوقعات التضخمية؛ ولابد لمستوردي السلع الأساسية الصافين أن يراقبوا تقلبات القطاع الخارجي. ومن بين إجراءات السياسات التي من شأنها أن تقلص الضغوط الواقعة على أسواق الغذاء العالمية المحدودة القيام بتخفيف الشروط الإلزامية المتعلقة بإنتاج الوقود الحيوي عندما تتجاوز أسعار الغذاء مستويات معينة ورفع القيود عن تصدير الحبوب الغذائية. ومن الأمثلة على أهداف السياسات على الأجل المتوسط التي تستهدف تحسين الأمن الغذاء: ضخ الاستثمارات الرامية إلى زيادة المحاصيل الزراعية بأسلوب مستدام بيئياً، وتعزيز كفاءة سلاسل استيراد الغذاء وإمداداته، وتعظيم استخدام أدوات إدارة المخاطر مثل آليات التحوط.
الى ذلك،قال مصدر اعلامي تأثر العراق بأزمة الغذاء العالمي في مجال الحبوب فأنها الان في موسم تسويقي والعراق ليس له أي تأثير في موضوع ارتفاع الاسعار الحالية لان الحكومة أعطت كل إمكاناتها من الحنطة والرز للمواطن.
وأضاف ان الحكومة توجهت الى مناقصة مائة الف طن من الحنطة و104 الاف طن من الرز في العام الماضي و1875 الف طن حنطة.
من جانبه، قال مدير عام شركة تجارة المواد الغذائية علي مظلوم: إن الأزمة لها اسباب عديدة بما فيها بعض الكوارث الطبيعية التي شهدها العالم.
وبين انه في ما يتعلق بالسكر فأن اكبر دولتين مصدرتين له هما البرازيل وتايلند كلاهما شهدا امطاراً غزيرة انعكست على هذا المنتج وبالتالي على الأسعار.
وكان للتغيرات الطبيعية في المناخ تأثير واضح على الأسعار.
وأشار الى ان هذا الارتفاع اثر على البطاقة التموينية لان تخصيصاتها محدودة،ما جعل ارتفاع الاسعار انعكس على كميات مواد البطاقة التموينية.
ولفت الى ان تخصيصات البطاقة التموينية محدودة وبالتالي فعند ارتفاع الاسعار ينعكس الامر على مفرداتها المستوردة يضاف الى ذلك ان شحة المواد الغذائية عالمياً ادى الى تلكؤ في تنفيذ العقود المبرمة مع الشركات وهذا اثر على انسيابية مواد البطاقة في توقيتاتها الشهرية.
وذكر خبراء دوليون انه في حالة استمرار أسعار الغذاء العالمية على تقلبها في أعقاب الأحداث الأخيرة في بلدان منطقة الشرق الأوسط واليابان الأمر الذي ينعكس بشكل مباشر على الامن الغذائي العراقي وموضوعة البطاقة التموينية تحديداً. ففي أعقاب الأحداث الأخيرة في الشرق الأوسط، زادت أسعار النفط الخام بنسبة 21 في المائة في الربع الأول من عام 2011. وأسهمت الأحداث المأساوية التي شهدتها اليابان في 11 آذار الماضي في حدوث تراجع أسعار الذرة وفول الصويا والقمح في التعاقدات الآجلة، بما يعكس توقع انخفاض الطلب على الواردات، وهو الطلب الذي عاود ارتفاعه منذ ذلك الحين.
ويأتي التقلب الأخير في أسعار الغذاء في سياق عدة عوامل أخرى دفعت بالأسعار إلى الارتفاع خلال العام المنصرم. وتشمل هذه العوامل: سوء الأحوال المناخية في بعض أكبر البلدان المصدرة للحبوب الغذائية، مثل الاتحاد الروسي وكازاخستان وكندا واستراليا والأرجنتين، خلال النصف الثاني من عام 2010؛ الزيادة الكبيرة في كافة أسعار السلع الغذائية الأساسية في عام 2010، وهو الأمر الذي زاد من حد المنافسة على الأراضي وغيرها من المدخلات؛ و الصلة ما بين ارتفاع أسعار النفط وأنواع الوقود الحيوي وجاءت هذه العوامل في ظل سياق متوسط الأمد من: (أ) تفوق نمو الطلب على الغذاء على نمو الإنتاج خلال العقد المنصرم (ب) ما تلا ذلك من استنزاف المخزونات الحبوب حتى تدنت إلى مستويات تاريخية؛ (ج) تأثير تغير المناخ على تقلب الأحوال المناخية وكمية غلال المحاصيل الغذائية؛ (د) تزايد اللجوء إلى فرض قيود على تصدير الحبوب منذ قفزة أسعار الغذاء في عام 2008؛ و (ه) ارتفاع نصيب صادرات الحبوب الآتية من منطقتي البحر الأسود وأمريكا اللاتينية حيث يزيد تقلب المحاصيل عما عليه الحال لدى مصدري منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي OECD.
وترتبط الزيادات في أسعار الغذاء بالزيادات في أسعار الطاقة. فقد صعدت أسعار النفط الخام بنسبة 10.3 في المائة في مارس/آذار حتى صارت تزيد بنسبة 36 في المائة عما كانت عليه قبل عام. وهذه الزيادات في أسعار النفط تؤثر في أسعار الغذاء فحدوث ارتفاع نسبته 10 في المائة في أسعار النفط الخام يؤدي لحدوث زيادة نسبتها 2.7 في المائة على مؤشر أسعار الغذاء 1 — وذلك من خلال قنوات متعددة (انظر الشكل رقم 4). وأولها، أن حدوث ارتفاع في أسعار النفط الخام يشجع على زيادة استخدام منتجات غذائية مثل الذرة والزيوت النباتية والسكر في إنتاج الوقود الحيوي. وفي تقييم صدر في أبريل/نيسان 2011، ذكرت وزارة الزراعة الأمريكية أن استخدام الذرة في إنتاج الوقود الحيوي بالولايات المتحدة قد ارتفع من نسبة 31 في المائة من إجمالي إنتاج الذرة في عامي 2008/2009 ليصل إلى نسبة متوقعة قدرها 40 في المائة في عام 2010/2011.