ذكرياتي عن الثنائي الريفي عبد الواحد جمعة وجواد وادي

ذكرياتي عن الثنائي الريفي عبد الواحد جمعة وجواد وادي

محسن حسين

في العام 1957 تعرفت على الثنائي الريفي عبدالواحد جمعة وجواد وادي.

كان عبد الواحد وجواد قد بدأ مسيرتهما الفنية التي استمرت حتى اوخر الستينيات من القرن الماضي لتكون تلك السنوات الفترة الذهبية لهما كمطربين تميزا بالغناء الشعبي الريفي الجنوبي.

وفي مكتبي بجريدة الشعب التقيت بهما عدة مرات معا او احدهما في زيارات عامي 1957 و1958 كنت احاورهما في لقاءات للنشر في الجريدة اركز فيها عن الجديد من اعمالهما التي انتشرت في تلك الايام.

وكنت قد زرتهما في مقهى شعبي في علاوي الحلة لصاحبه المطرب الكبير ناصر حكيم وكان جواد وادي يعمل معه في تلك المقهى التي كان يعمها عشاق الفن والمعجبون بالاصوات التي كانت تغنى فيها، فحفظ الاطوار الريفية واجاد البستات وهناك إلتقاه عبدالواحد جمعة ليشكلا ثنائيا حقق شهرة كبيرة.

ويعود الفضل في تشكيلهما الثنائي الى الفنان وديع خونده المعروف باسم (سمير بغدادي) الذي كان ضمن لجنة فحص الاصوات الجديدة في الاذاعة فشجعهما واقترح عليهما بعد ان اجتازا الاختبار بان يكونا ثنائيا، وبالفعل اصبحا ثنائياً ناجحاً وتواصلت اغانيهما المشتركة، وكانت اغنية (شالوا لا على مكصد وداعي) قد شاعت واستهواها المستمعون وكانت من ألحان عبدالواحد جمعة.

وحكى لي عبد الواحد جمعه عن حياته البسيطة وانه كان جنديا اشترك في حرب فلسطين سنة 48 وهناك في احدى المعارك فقد احدى يديه.

وتشاء الصدف ان الضابط الذي كان يقود وحدته العسكرية في حرب فلسطين هو الزعيم عبد الكريم قاسم الذي قاد في 14 تموز 1958 الثورة التي اسقطت النظام الملكي واسست النظام الجمهوري. وقد غنى عبد الواحد جمعة الكثير من الاغاني في مدح الزعيم ومنها

[عبد الكريم يكول يكول اني مو وحدي

سيف العرب وياي وياي والخنجر الكردي]

ومن اغانيهما فى عهد الزعيم عبد الكريم قاسم:

اتريد اتريد العزه تريد

جمعت كلمه ولمت ايد

كلنه نصير شعلة نار

بوجه الغاصب والغدار

وبعد مقتل الزعيم عبد الكريم قاسم في شباط 1963 حورب هذا الفنان القدير كباقي الفنانين العراقيين الذين غنوا له.

من اشهر اغاني عبد الواحد جمعة وجواد وادي في ذلك الوقت اغنية [شالو لا على مكصد وداعي] من تسجيلات جقماقجي وكمنجة الموسيقار جميل بشير واغنية [من فركتك ذاب الچبد و تفسر] وهي اغنية حققت شهرة كبيرة في اوائل عام 1958.

ومن الاغاني المنفردة اغنية جميلة أداها عبدالواحد جمعة وكانت مليئة بالأحساس والشجن وهي اغنية (نص الليل) التي كانت لها حكاية هذه تفاصيلها كما رواها عبد الواحد جمعة بنفسه:

حدث في احد الليالي سوء تفاهم بيني وبين زوجتي (ام طالب) وتطور الى مشادة كلامية حامية وفي الصباح خرجت الى عملي، وبعد عودتي عند المساء وجدت الباب مغلقا والبيت مظلما، فطرقت باب جاري فخرجت لي ابنتهم وسلمتني مفتاح البيت وقالت ان ام طالب قد ذهبت الى اهلها فأقلقني هذا النبأ حيث لم اتعود ان تخرج وتذهب الى اهلها بدون علمي، فحاولت ان أستعلم الخبر خوفا من وقوع مكروه فلم افلح وفي اليوم الثاني ذهبت الى اهل زوجتي وهنا عرفت بانها "زعلانة "وحاولت مراضاتها ولكن (ركبت رأسها) وهكذا بقيت اكثر من اسبوع معذبا حيث لم اجد من يقوم بخدمتي كوني معاقا (يده اليمنى مقطوعة اثناء حرب فلسطين 1948) وفي احد الليالي وانا ملقى على فراشي جاءتني فكرة اغنية ومطلعها (نص الليل والناس بحلاة النوم) فاتصلت بصديقي الشاعر الغنائي عدنان السوداني وقرأت له المطلع وطلبت منه ان يكتب لي اغنية على هذا المنوال باقرب وقت وفي عصر اليوم الثاني سلمني النص الذي يقول في مطلعه:

نص الليل والناس بحلاة النوم

انا الياويل اتكلب وأعد نجوم

فاخذت النص وسلمته للفنان وديع خونده وحكيت له القصة فأجاز الاغنية واللحن وحجز لي الاستوديو وسجلت الاغنية، وبعد بثها من الاذاعة وسماع زوجتي لها قررت العودة الى البيت وهكذا كانت هذه الاغنية هي التي أعادت المياه الى مجاريها.

عبد الواحد جمعة وجواد وادي لم التقي بهما بعد ثورة تموز وعلمت فيما بعد ان عبد الواحد جمعة توفي عام 1986 ولا اعرف تاريخ وفاة جواد وادي.