اقتصاديات :مقومات نجاح الاستثمار

اقتصاديات :مقومات نجاح الاستثمار

 عباس الغالبي
يعول الخبراء والمراقبون كثيراً على الاستثمار لتفعيل وتنشيط الاقتصاد الوطني، في وقت ما زال الاستثمار يعاني عقبات ومطبات كثيرة بحاجة الى جهود فاعلة وصولاً إلى مناخات خصبة للاستثمار في القطاعات الاقتصادية كافة.
كما لا يمكن بحكم المنطق أن يعمل الاستثمار في بيئة سياسية وأمنية غير مستقرة وهشة، وفيها من التداعيات ما يمكن ان تلقي بظلالها وبقوة على مسارات ومديات الاستثمار.

ومن هنا فلا يصح القول إن هيئة الاستثمار غير فاعلة، فمن الإنصاف أن نقول إن الآراء التي ذهب إليها منتقدو الهيئة الوطنية للاستثمار هي لا تلامس الحقيقة، ذلك أن الهيئة بحكم مهامها على وفق القانون رقم 13 لسنة 2006 وتعديلاته التي أجريت نهاية عام 2009، تضطلع بواجبات محددة يرسمها لها القانون المذكور، وعلى الرغم من هذه المهام فأنها وبحكم متابعتنا الدقيقة للمشهد الاستثماري في العراق اجتهدت كثيراً وحاولت أن تحقق قدراً مهنياً في الترويج وعرض الخريطة الاستثمارية والدخول في مباحثات ومفاوضات مع جهات حكومية وأخرى تمثل كبريات الشركات الاستثمارية العامية وبشكل مباشر لحثها على دخول الاستثمار في البلد، إلا أنها غير مسؤولة عن التداعيات الأمنية والسياسية التي تمثل العقبة الاهم امام دخول الشركات الاستثمارية العربية والعالمية بقوة الى سوق العمل العراقي، كما إنها غير مسؤولة عن توفير بيئة تشريعية مثلى وإقرار حزمة من القوانين التي يفترض ان تشرع من قبل مجلس النواب لتكون ساندة وداعمة لقانون الاستثمار رقم 13، وكذلك فأن ظروف الاستثمار الطبيعية والجاذبة للمستثمرين وشركاتهم هي بطبيعة الحال منوطة بإجراءات حكومية عالية المستوى تشترك فيها الجهات كافة سعياً لخلق أجواء خصبة ومناسبة للاستثمار.
ومن خلال متابعتنا الإعلامية للمشهد الاقتصادي نرى ان الاستثمار فيما اذا أريد له الفاعلية والنشاط لا يمكن للهيئة وحدها أن تضطلع بهذه المهمة التي تتطلب مثلما نوهنا جهودا تضامنية ودعما لوجستيا وقانونيا عالي المستوى، وهذا لا يتحقق إلا بوجود إرادة وطنية وقدرة عالية على التنفيذ بشكل مهني بعيداً عن المناكفات السياسية.
والاستثمار على وفق الخريطة الاستثمارية التي أعدتها الهيئة الوطنية زاخر بالكثير من المشاريع التي إذا ما نفذت من قبل الشركات العالمية فأنها تنعكس ايجابياً على القطاعات الاقتصادية كافة، حيث إنها رتبت على وفق أولويات تلامس الحاجات الأساسية لهذه القطاعات، فضلاً عن أنها وضعت بشكل علمي ومنهجي، ما يجعلها تتطلب جهات تنفيذية كفوءة وفرصا استثمارية متاحة تجسدها على أرض الواقع.
ومن هنا فأن الاستثمار عملية مركبة ووطنية تتطلب جهداً متضافراً وموازنات مالية تغطي حجم المشاريع المخطط لها وإدارات قادرة على الامساك بزمام الامور، وكل هذه العناصر لابد أن تسير في بيئة آمنة وفي ظل حزمة قوانين مرادفة ومساندة ووضع سياسي داعم للاستثمار، وجهد حكومي ضامن للشركات التي تعمل في السوق العراقية ووضع مصرفي ملبٍ لطموح المستثمرين وعناصر جذب أخرى ليس من المنطقي أن تتولى كل هذه العناصر المركبة الهيئة الوطنية للاستثمار وحدها.