ميعـــــاد الطائـــــي
تعد البطالة مشكلة اجتماعية عالمية تشكو منها معظم دول العالم ولكن بنسب مختلفة ويمكننا تعريفها على إنها فشل النشاط الاقتصادي في اية دولة في توفير فرص العمل للأيدي القادرة على العمل والراغبة فيه لتبقى بعيدة عن سوق العمل وهذا ما يسمى البطالة الحقيقية ,
أما البطالة المقنعة فهي تشغيل الأفراد في وظائف لا تتناسب مع اختصاصاتهم أو خبراتهم بصورة مؤقتة او لساعات قليلة لا تصل إلى ساعات العمل الحقيقية ويقع كل ذلك تحت مفهوم التشغيل غير الكامل أو البطالة.
ولقد كان من الطبيعي أن يعاني العراق من مشكلة البطالة وذلك لتردي الوضع الاقتصادي الذي مر عبر عقود طويلة من الإهمال , وبالرغم من التقديرات والإحصائيات التي تشير الى ان نسبة البطالة في العراق هي 15% من الأيدي العاملة إلا إن المشكلة تبدو اكبر بكثير وذلك لغياب الحلول وتفاقم نسبة البطالة في كل عام من خلال رفد الجامعات العراقية سوق العمل الغير نشيط بآلاف الخريجين من الشباب الباحث عن فرصته الغائبة وسط غياب خطة الإصلاح الاقتصادي الشاملة في العراق.
ويمكننا أن نقول بان فرص التشغيل للعاطلين والخريجين من حملة الشهادات في هذه الفترة ضعيف جدا وذلك لأسباب عديدة منها غياب الاستثمارات عن السوق العراقية وانحصارها في مجال أعمال البناء بالإضافة إلى ضعف القطاع الخاص وتوقف الكثير من الشركات الإنتاجية في هذا المجال بالإضافة إلى غياب التنسيق بين الجامعات والمعاهد المهنية وبين سوق العمل وعدم معرفة الحاجة الحقيقية للاختصاصات المطلوبة لذلك نجد على سبيل المثال ان المدارس الثانوية والمتوسطة في العراق تفتقر إلى اختصاص الرياضيات بينما يتكدس فيها اختصاصات أخرى كاللغة العربية والتربية الإسلامية والمثال ينطبق أيضا في وزارة الصحة حيث يغيب اختصاص التخدير على حساب اختصاصات أخرى وهكذا جميع الوزارات لذلك نجد ان الخريجين لا يستطيعون تسويق أنفسهم في سوق العمل.
ومن خلال نظرة للواقع الاقتصادي العراقي ندرك بان احد أهم أسباب البطالة في المشهد العراقي هو توقف عجلة الإنتاج في الشركات والمصانع التابعة للقطاع الخاص والتي شهدت إهمالا كبيرا قبل 2003 وشهدت توقفا تاما بعد سقوط النظام بعد تعرضها للسلب والنهب وتسريح الكثير من موظفيها إضافة الى ان مسالة الاستيراد العشوائي الذي شهدته الأسواق العراقية في السنوات الأخيرة أدت الى توقف ما تبقى من هذه الشركات والمعامل التي لم تستطع منافسة البضائع المستورة فضلا عن ان سياسة الاستيراد العشوائي أدت إلى الإضرار بالقطاع الزراعي أيضا وتسببت بنفس النتائج ونقصد ترك العمل الذي أصبح لا يتناسب مع التكاليف والجهد المبذول نظرا للإغراق السلعي الذي تعرضت له الأسواق العراقية من قبل الدول المجاورة ليساهم كل هذا بزيادة نسبة البطالة التي حاولت الحكومة إن تعالجها من خلال توفير الوظائف الأمنية وشبكة الحماية الاجتماعية ومن خلال العقود المؤقتة ولكنه لم يكن الحل المثالي والكافي لمعالجة المشكلة في البلد , وإننا بحاجة لمعالجات أخرى تتمثل بتوفير الفرص من خلال التوجه إلى قطاعات إنتاجية أفضل أو مشاريع الاستثمار على اعتبار إن الأخيرة تخفض من كاهل الأعباء المترتبة من دفع مرتبات لأعداد كبيرة جدا من قبل الدولة الأمر الذي يساعد خزينة الدولة على صرف الأموال في أمور أخرى وفي مجالات مختلفة.
ولذلك يرى البعض ضرورة السعي إلى زيادة فرص التشغيل في جميع القطاعات سيما القطاع الصناعي والزراعي والسياحي في ظل الدعم المقدم من الحكومة لهذه القطاعات وفي ظل التحسن في الملف الامني الذي يساعد على ازدهار هذه القطاعات وخاصة القطاع الصناعي ومن خلال ربطه بالقطاع الزراعي وتشجيع الصناعات الزراعية المختلفة واستغلال الاراضي الزراعية الواسعة في البلاد.
ومن الأهمية بمكان ان تعمل الحكومة على تشجيع الاستثمار من خلال التشريعات وتقديم التسهيلات للمستثمر لتساهم المشاريع الاستثمارية في تشغيل العمالة العراقية وعدم الاعتماد على التوظيف الحكومي في دوائر الدولة ومؤسساتها. وأخيرا يرى البعض إننا بحاجة الى بعض التعديلات في قانون التقاعد ليساهم في منح الفرصة للشباب مع الأخذ بعين الاعتبار حقوق المتقاعد ونقصد هنا السماح للموظف بالتقاعد في سن اقل من السن القانونية باحتساب نسبة مئوية مرضية له تساهم في خلق فرص للشباب وربما هناك حلول أخرى لا تخفى على المختصين ونتمنى تفعيلها للقضاء على هذه المشكلة الخطيرة.