السياحة ثروة وطنية لا تنضب

السياحة ثروة وطنية لا تنضب

محمد صادق جراد
يمتاز العراق بتنوع القطاعات الاقتصادية ما يمنحه القدرة على التنويع في أسباب النهوض والتقدم في الملف الاقتصادي. فإضافة إلى الموارد الطبيعية الكبيرة التي يمتلكها العراق كالنفط والغاز الطبيعي والفوسفات وموارد أخرى تساهم في جلب مردود اقتصادي كبير للبلد فان العراق

بالإضافة الى ذلك يمتلك أسبابا وعوامل تساعد على زيادة الدخل الوطني من خلال تنشيط قطاعات أخرى لها فرص كبيرة للنجاح كالقطاع الزراعي والصناعي والسياحي حيث يمتلك العراق المقومات الكفيلة لنجاح هذه القطاعات،كامتلاكه الأرض الواسعة الصالحة للزراعة وثروة مائية وموارد بشرية هائلة إضافة إلى مقومات السياحة المتوفرة في جميع مدن العراق تقريبا.
فالعراق يمكنه تحقيق الأمن الغذائي للمواطن وتحقيق الاكتفاء الذاتي من الإنتاج الزراعي والحيواني اذا ما استطاع استغلال الأرض وسخر تنوع المناخ وطبيعة التربة التي تختلف من الشمال الى الوسط والجنوب والشرق والغرب.كما ويمكن للقطاع الصناعي لعب دور كبير في عملية النهوض اذا ما تم تسخير الموارد البشرية وتشريع القوانين اللازمة وتقديم الدعم الحكومي لهذا القطاع الحيوي.
أما القطاع السياحي فيرى الخبراء في العالم بأنه يمتلك مقومات فريدة لاتمتلكها جميع القطاعات الاقتصادية الأخرى وأهمها ان المواقع السياحية في أي دولة تعد ثروة وطنية لا تنضب ولا تتهالك كما يحدث مع الموارد الطبيعية الأخرى التي تتناقص مع مرور الزمن بل نجد ان المواقع الأثرية والتاريخية وحتى الدينية تزداد أهمية كلما تقادمت ومر عليها الزمن فتصبح أكثر قيمة وجذبا للسياح فضلا على ان المرافق السياحية لا تحتاج الى الكثير من النفقات الحكومية كما هو الحال في القطاعات الأخرى كالنفط والصناعة لأنها تحتاج فقط لتوفر البنية التحتية المناسبة للسياحة كوسائط النقل الحديثة ومرافق السكن والطعام وغيرها.
لهذا نجد أن القطاع السياحي يشكل أهمية كبيرة ويعد أهم القطاعات الاقتصادية في العديد من الدول في العالم حيث تعتمد بعض الدول في آسيا وإفريقيا اعتمادا كليا على السياحة وإيراداتها لتمويل النفقات الحكومية ومعالجة مشكلة البطالة من خلال تشغيل الأيدي العاملة وتنشيط السوق المحلية من خلال خلق الكثير من الفرص لأصحاب المهن والحرف المتنوعة والتي ستشهد حركة قوية مع توافد السياح على الأسواق ومنها تنشيط حركة النقل المواصلات وخدمات الاتصالات والفندقة والمطاعم إضافة إلى خدمات الصيرفة وكل هذا سيساهم في استيعاب الكثير من القطاعات المساندة لقطاع السياحة ويتسبب في تحقيق الأرباح..
كل ما تقدم جعل الكثير من الدول تعتمد على السياحة كما أسلفنا فنجد ان في هونك كونك مثلا تشكل إيرادات القطاع السياحي أكثر من 40% من إيرادات الدولة المتنوعة بينما تشكل السياحة في تركيا ثاني اكبر مصدر للعملات الصعبة في البلاد , أما في مصر فتشكل إيرادات هذا القطاع المهم المصدر الثالث للعملة الأجنبية في البلاد وتأتي بعد إيرادات قناة السويس وتحويلات العملة التي يقوم بها العمال المصريون من خارج البلاد.
أما في العراق فيمكن للمتابع لتفاصيل هذه القضية ان يكتشف ان قطاع السياحة في العراق يتمتع بالتنوع الفائق حيث جمع بين المواقع السياحية بمختلف صنوفها وفي اختلاف مواقعها فمن النادر ان تجد مدينة عراقية تخلو من المواقع الأثرية والسياحية فالعراق يمتلك المراقد المقدسة في كربلاء والنجف وبغداد وسامراء والبصرة والموصل وتتوزع المواقع التاريخية والأثرية على عدد من المحافظات العراقية إضافة الى المواقع السياحية ذات الطبيعة الجميلة والمناخ الرائع في أكثر من محافظة في شمال العراق.
إلا أن هناك الكثير من المعوقات تقف أمام تطوير وانتعاش القطاع الاقتصادي في العراق يقف في مقدمتها العامل الأمني والاستقرار السياسي الذي يعتبر من أهم العوامل التي تساعد على جذب السياح وهذا ما ثبت فعلا بعد تدهور الأوضاع الأمنية في بعض الدول العربية التي تعتمد على السياحة كمصر وتونس الأمر الذي أدى الى تراجع السياحة في هذه البلدان.
وهناك معوقات أخرى تقف في طريق تطوير السياحة في العراق وهي البنية التحتية من طرق مواصلات ووسائط النقل الحديثة والفنادق والاتصالات وخدمات أخرى تعد غائبة او غير متكاملة في العراق اليوم بالرغم من إنها تعد من العوامل المساندة للسياحة ويتوقف نجاح وانتعاش السياحة على توفرها لما تقدمه من خدمات للسياح تساعد على جذبهم لهذه المعالم ,وأخيرا غياب الخبرات السياحية المتمثلة بالشركات المختصة والتي تمتلك الخبرة الكافية لمواكبة التطور في العمل السياحي والذي يؤهلها لمنافسة الشركات السياحية الأخرى في المنطقة.
وبالرغم من هذه المعوقات التي يجب معالجتها الا ان مستقبل السياحة في العراق يبشر بالخير لما تمتلكه البيئة العراقية من تنوع في مختلف المجالات تنتظر الاستثمار الأمثل لها في المستقبل القريب. وما يجعلنا متفائلين هو ان السياحة نفط دائم ومورد لا ينضب ولكنه ينتظر الاستغلال الأمثل ليحقق طفرة كبرى تتسبب في خلق فرص كثيرة ومتنوعة تشكل دخلا مهما لأكثر من شريحة في المجتمع إضافة الى كونها مصدرا مهما للدخل الوطني.