الأبنية المدرسية ..مراحل التأسيس .. وثمرة الإنجاز

الأبنية المدرسية ..مراحل التأسيس .. وثمرة الإنجاز

جواد كاظم البيضاني
اقام الملك فيصل الاول (ت1933هـ)حفلة الشاي في البلاط الملكي لعدد من المعلمين،في نيسان 1932 تحدث خلالها عن واقع التعليم في العراق حيث قال :" كنا حتى اليوم مهتمين في تثبيت كياننا وكنا منشغلين عن النظر إلى ما يجب ان نقوم به نحو المدارس والمعلمين"،

ثم قال :" آمل ان تنشر المدارس في البلاد اكثر .في القرى والجبال والارياف وارجوان يتعلم اولاد القرى والجبال كما يتعلم اولاد المدن" .
والحقيقة فان هذه الدعوة هي جزء من دعوات وجهت من قبل شخصيات سياسية وعلمية لعل ابرزها السيد هبة الدين الحسيني الشهرستاني(ت 1967م) الذي جمع البغداديين من ارباب التجارة والسياسة بمنزله وحثهم على دعم قطاع التعليم من خلال مساهمتهم المادية في بناء مدارس لتعليم ابنائهم ، ويبدو ان ميزانية وزارة المعارف لا تفي بالغرض مع حاجة البلد الى عدد من الابنية المدرسية التي من خلالها يتم النهوض بالبلاد.
كان وزير المعارف اول المتبرعين ولم يبقي من راتبه إلا قوته الذي يكفيه مئونة الشهر. هذا الايثار دفع الحاضرين للتبرع بل ان التبرع شمل الموظفين في وزارته والذين لا يتجاوز عددهم اصابع اليد .يحدثنا التاريخ ان عدد المدارس التي تم تشييدها في الفترة التي تولى بها هبة الدين ادارة الوزارة كأول وزير للمعارف تجاوز (104) مدرسة وهو عدد كبير جداً اذا ما قورن بإمكانيات ذلك العصر وفترة توزيره التي لم تتجاوز السنة.
بنيت هذه المدارس على النمط التقليدي، ومعظمها شيدت بتصاميم مختلفة بعضها عن البعض تبعاً للجهة المنفذة؛ والظاهر ان العمل بهذا النمط في البناء استمر حتى نهاية الحرب العالمية الثانية ، خلال هذه الفترة بدأت مؤسسات الدولة العراقية اكثر تنظيماً وبدأ الاهتمام بالنواحي البيئية والصحية ياخذ بعد اخر الامر الذي تطلب قيام مؤسسات تاخذ على عاتقها اعداد التصامييم تكون بمثابة دوائر هندسية ضمن الوزارات الفاعلة ومنها وزارة المعارف حيث تم استحداث قسم الابنية المدرسية في وزارة التربية في حقبة الاربعينات من القرن الماضي والذي اخذ على عاتقه القيام بتصميم الابنية المدرسية والاشراف عليها .
كان الهدف من انشاء هذا القسم هو متابعة وتنفيذ مباني المدارس بجميع انواعها والتي كان العراق يعاني من نقص شديد في عددها ، حيث اوكلت مهمة ادارة هذا القسم الى المعماري العراقي الكبير (جعفر علاوي) والذي استمر بعملة لحين تقديمة الاستقالة طوعاً سنة 1954م.ان للتصاميم الرائعة التي قام بتنفيذها هذا المعماري الكبير في حقل الابنية المدرسية تركت الاثر الكبير في نفوس طلابه والذين تابعو منهج علاوي في التطوير والتجديد، فمن ماثره الكثيرة (المدرسة الجعفرية) في منطقة سلطان علي عام 1946 وثانوية الكوت عام 1947 وثانوية الحريري عام 1953. بيد اننا نجد تناقضا بين هذه الصروح التي شيدت وفق هذا النمط الرائع وبين مدارس القرى والارياف وكأن الحال يعكس التفاوت الطبقي والاجتماعي بين ابن الريف والمدينة. يحدثنا المهندس (فائق الناصري) مدير قسم الابنية المدرسية السابق ان مدارس القرى والارياف شيدة على شكل حرف (u) يضم ثلاثة اجنحة جناح ايمن واخر ايسر الذان يمثلان القاعات الدراسية والتي لا يتجاوز عددها في الاعم الاغلب الستة صفوف اما الادارة فيمثل موقها الكتلة الرابطة بين بين الجناحين.
ان ابرز ما تعانية هذه المدارس من مشكلات يتمثل بطبيعة التصميم والتي يكون اتجاه الصفوف فيها نحو الغرب الامر الذي يفقد المدارس تعرضها لاشعة الشمس وبالتالي تعقيم الصفوف او ان درجة الاضاءة فيها قليلة إضافة إلى انخفاض درجة الحرارة في فصل الشتاء مما يؤثر سلباً على الحالة الصحية بالنسبة للطلاب.
المهم في الامر ان حاجة البلد الى الابنية المدرسية تضاعفت مما حفز الحكومات المتعاقبة الى توكيل مهام البناء للادارة المحلية لسد النقص الهائل في عدد الابنية المدرسية ،اما قسم الابنية المدرسية والذي كان تابعا الى المديرية العامة للتخطيط التربوي فلم تتعد مهامه الاشراف والاستلام .ويبدو ان العمل استمر على هذا المنوال لما بعد عام 2003حيث بدأ التفكير جدياً بتطوير الدائرة الهندسية في وزارة التربية واستحداث مديرية تاخذ على عاتقها اعمال بناء وترمييم وتاهيل المرافق التربوية في بغداد والمحافظات . وفعلاً استحدثت هذه المديرية باسم (المديرية العامة للابنية المدرسية) بموجب البيان الوزاري المرقم (10506) في 24 ايار 2004 ضمن الهيكل التنظيمي لوزارة التربية ؛حيث اوكلت ادارتها الى الاستاذ حسنين فاضل معلة الذي قام مع فريقه باعداد الهيكل التنظيمي لهذه المديرية الفتية وبدأ نشاطها الفني منذ ذلك التاريخ.
كانت التركة ثقيلة على هذه المديرية الفتية فوفقاً للتقارير الدورية لوزارة التربية قبل 2003 فان ما مجموعة (10000) مدرسة تحتاج الى الاعمار ونصفها يحتاج الى اعادة بناء من مجموع (15000) المجموع الكلي للابنية المدرسية في عموم العراق . وبالمحصلة فان المتبقي من هذه الابنية تعرض الى اضرار كبيرة وعلية فان هذه التقارير ما بعد 2003م اشارة الى ان ما نسبته 80% من الابنية المدارس تحتاج الى تاهيل وترميم وصيانة وبعضها يحتاج الى هدم وعادة بناء ، وبتالي فان المديرية العامة للابنية المدرسية غير قادرة بمفردها على معالجة هذه التركة الثقيلة التي تزداد مع زيادة النمو السكاني الامر الذي دفع المدير العام للابنية المدرسية للدعوة الى ضرورة القيام بحملة وطنية تتظافر بها الجهور لبناء هذا العدد الكبير من المدارس.