صناعة وتجارة السيارات... خـلافات وخســــائـــر

صناعة وتجارة السيارات... خـلافات وخســــائـــر

ثامر الهيمص
مما يؤسف له جدا" هو ضعف التعاون والتنسيق بين الوزارات حيث يعتقد اغلبهم أن نجاح الآخر لا يعنيه مطلقا"، كما أن التنسيق والتكامل يعتبران تدخلا" في إقطاعيته، إذا يؤذي الى توحيد الأنشطة المتقاربة فيخسر احدهما موقعها أو جزءا من نفوذه.

فمثلا" لم نلاحظ أي تنسيق في تسويق منتجات الزيوت النباتية من قبل وزارة التجارة رغم الاستعداد الكامل للشركة بتجهيز البطاقة التموينية بالزيت علما" بأن مثل هذا التنسيق والتسويق يشجع الصناعة والزراعة على توفير المواد الأولية والثانوية لهذه الصناعة.
والميدان الثاني لمثل هذه الخلافات (موضوع بحثنا) هو غياب التنسيق والتسويق بين الشركة العامة لصناعة السيارات والشركة العامة لتجارة السيارات والمكائن. فقد اعلنت الأولى بارتفاع مبيعاتها الى اكثر من 70% مقارنة بالعام الماضي. فالذي يسمع أن صناعة السيارات تقدمت بنتاجها ومبيعاتها أكثير من أي شركة عالمية بالسيارات، مما يدعو الى الفخر. ولكن الحقيقة أنها كانت مبيعات وليس عن تجميع أو تصنيع، مما يعني أن الجانب التجاري لهذه الشركة هو السائد في نشاطها بنسبة لا تقل عن 95%. وهناك من يسأل عن هذه لازدواجية في القطاع العام أن تسوق شركتين نفس المستوى في نفس الوقت رغم أن هناك شركة واحدة متخصصة لتجارة السيارات والمكائن وصيانتها وبيع أدواتها، اما من الناحية القانونية لا نعلم مدى صلاحية الشركة العامة لصناعة السيارات باستيراد وتسويق السيارات أسوة بالشركة العامة لتجارة السيارات. علما" أن هذه الشركة حكومية عريقة عمرها حوالي نصف قرن. فمثلا" سوقت هذه الشركة في سنة 2008 فقط (7816 سيارة صالون و 922 باص و 1896 لاندكروزو بيك اب و 231 لوري وشاحنة 790 مواصفات خاصة أي بما مجموعه 11655 سيارة) ومبيعاتها من المكائن بانواعها بما قيمته (100256 مليار دينار والادوات الاحتياطية 312344 مليون دينار). ولديها ثماني ورش صيانة لخدمات ما بعد البيع بالإضافة الى مخازن الأدوات الاحتياطية وفروعها في المحافظات.
الم تستطع هذه الشركة العريقة التجارية أن تسوق السيارات المجمعة أو المصانعة في معامل الإسكندرية؟ وكذلك أدواتها الاحتياطية وخدمات ما بعد البيع ثم ماذا تخسر الشركة العامة لصناعة السيارات لو اتفقت مع الشركة المسوقة (شركة العامة لتجارة السيارات والمكائن) في تسويق انتاجها سوى ان كان صالون أو ساحبات أو شاحنات أو باصات وتأخذ ربحها كاملا" من الشركة المسوقة. وهذا سياق عالمي فمثلا" تقوم شركة سومي توما بتسويق سيارات تيوتا وشركة تويومنكة بتسويق سيارات ميسان ديزيل وهكذا يقوم الوكلاء الحصريون في الدول المستوردة. فلماذا تحرص صناعة السيارات العراقية على المتاجرة رغم وجود شركة مسوقة معروفة؟. فهذا الحرص لاشك سيكون على حساب الجانب التكنولوجي وتصبح متاجرتهم مجرد عملية هروب من الكمارك كصناعة وطنية وهي ليس كذلك كما نعمل.
ثم ان هذه الازدواجية لا تخضع الى ضوابط فنية أو بيئية أو اقتصادية ما دامت الشركتان تتنافسان لتحقيق أكبر عدد ممكن من الاستيراد مما يؤثر على مهنية الشركة المسوقة.
لذلك بإمكان صناعة السيارات أن تتخلص من نشاط المتاجرة و مشاكل الصيانة ولوحات المرور وتسقيط الموديلات القديمة وتعمل باختصاصها الصناعي فقط فهو أجدى اقتصاديا" ولا داع بالتذرع بكثرة العاملين ما دامت تستوفي أقيام منتجاتها من الشركة المسوقة سوى أن كانت هذه السيارات مجمعة بالحد الادنى أو مصنعة أو أدواتها الاحتياطية.
في الختام نأمل من وزارتي الصناعة والتجارة وضع الأمور في نصابها بحيث تنتج الصناعة السيارات بعد أن تتكامل مع الصناعات المغذية (البطاريات والإطارات وبعض الكهربائيات في القطاع العام) وبقية الصناعات البلاستيكية في القطاع الخاص. كل ذلك في ضوء خطة تسويقية تعدها الشركة المسوقة من خلال خبرتها في السوق وحاجة دوائر الدولة. لتتكامل الدورة الاقتصادية متكاملة وغير معتمدة على الاستيراد العشوائي. "ورحم الله امرأً جبّ الغيبة عن نفسه".