الفساد أحد أسباب الفقر

الفساد أحد أسباب الفقر

محمد جاسم محمد العبيدي
لظاهرة الفقر وارتفاع نسبها أسباب عديدة على الصعيدين الداخلي والخارجي، وكلها عوامل تساهم في زيادة الفقر وفي مقدمة هذه الأسباب، السياسات الاقتصادية الموجهة لصالح الطبقة الغنية إحدى أهم آليات إنتاج الفقر، والسياسة النقدية التي تؤثر على سعر الفائدة هي أهم السياسات المسببة للفقر،

باعتبار أن سعر الفائدة يؤثر في خفض الحوافز المرتبطة بالاستثمار سواء المحلي أو الأجنبي، ويسبب ذلك انخفاض الطلب على العمالة.
وأدت السياسات النقدية السابقة إلى ارتفاع معدلات التضخم، وأثّر ذلك سلبياً على خفض القيمة الشرائية لشرائح كثيرة في المجتمع.
وتراجع دور الدولة في الاهتمام بالرعاية الاجتماعية والصحية تبعاً لسياسات الإنفاق المتبعة، فضلاً عن أن الأزمات السياسية والأمنية والتي أفضت إلى هروب رؤوس الأموال من البلد مما أثر كثيراً على سوق العمل والإنتاج معاً، وأسهمت في إنتاج الفقر، بسبب انخفاض الطلب على العمل وتدني الأجور.
أن أسباب انتشار الفقر لا تقتصر على ندرة الموارد الطبيعية والسياسات الاقتصادية للدولة، بل تتوقف أيضاً هنالك عامل مهم جدا يتمثل بوجود الفساد الذي ينحر ليس الاقتصاد فقط بل هيكل الدولة والعلاقات الاجتماعية.
ويحصل الفساد عادة في خطوط التماس بين القطاعات الخدمية والمواطن هذه القطاعات التي من شأنها أن تلعب دوراً كبيراً في التنمية، والعراق شهد الكثير من حالات الفساد في قطاعات مهمة كالتجارة من خلال مفردات البطاقة التموينية، وقطاع الكهرباء وحتى قطاع التربية والتعليم.
وعادة ما يحصل الفساد في الدول التي تعاني من أزمات سياسية وحالات حروب ومراحل انتقالية كما هو حال العراق. وأن مكافحة الفساد تقتضي الدعوة إلى إقامة الندوات والمؤتمرات حول هذا الموضوع الشائك والمعقد, ووضع الأبحاث والدراسات التي تفضح الطرق والأساليب الشيطانية التي يلجأ إليها المفسدون. وهي أساليب مبتكرة في غالب الأحيان من خلال منظمات محترفة وشبكات كبيرة مرتبطة مع بعضها البعض.
وتناولت تقارير دولية بأن حجم الخسائر التي تلحق بالاقتصاد العالمي نتيجة انتشار ظاهرة الفساد بأشكالها المختلفة يقدر بأكثر من أربعمائة مليار دولار سنويا وهذا الرقم قابل للزيادة إذا ما ظلت هذه الظاهرة دون التصدي لها، كما أن ظاهرة الفساد أصبحت من المظاهر الرئيسية التي تهدد جميع أشكال التطور التي يشهدها الاقتصاد العالمي, وتؤثر سلبا في مسيرة الدول الاقتصادية وسعيها لتحقيق أعلى معدلات النمو والفساد في العديد من دول العالم ينطلق أحيانا من ضعف السلطة السياسية أو نتيجة إغفال تطبيق القوانين أو قلة الخبرة لدى موظفي الدولة ودوائرها، وقلة الخبرة بحد ذاتها هاما مهماً من عوامل مرور المفسدين من خلال استغلالهم جهل الموظف، خاصة ما يتعلق منها بالأمور الفنية. ويؤدي الفساد إلى نتائج سياسية واقتصادية في غاية الخطورة. فهو يؤدي أولاً إلى الانخفاض في مستوى الأداء الحكومي، ويشيع أجواء من عدم الثقة، وينشر الإحساس بالظلم، وبالتالي يؤدي إلى تقويض الشرعية السياسية للدولة. ويترافق الفساد مع تشوهات يجدها المسؤولون أنفسهم، من أجل الحصول على "ريع" الفساد، الذي يؤدي إلى الأضرار بالنمو الاقتصادي وبالتنمية الاجتماعية. ويتبدى كل ذلك في العقود التي تجريها الدولة مع الشركات والمقاولين، والتي تحمل في طياتها كل ألاعيب الغش. وتتجسد النتيجة السياسية الأولى للفساد بالتسبب في إضعاف الدولة وهيبتها، وعند ذاك تتهاوى الرقابة والمتابعة، وينتشر جو الفساد. أما الحكم على مدى قوة أو ضعف الدولة فيمكن ملاحظته من مدى الغموض أو الشفافية في معاملات الدولة الاقتصادية، وفي مدى إتباع الإجراءات والنظم الموضوعة في التعيينات، وفي قصور أو فاعلية أجهزة الرقابة. ومتابعة العقود الموقعة مع الدول والشركات في مجالات عديدة.
والفساد يكشف عن وجهه القبيح في كل مكان، ويحدث آثاره المدمرة في مناطق عالمنا الفقيرة، حيث يدع الملايين من البشر أسرى البؤس والفقر والمرض والصراعات وسائر أشكال الاستغلال الوحشية.
لهذا نجد بأن إستراتيجية مكافحة الفقر التي أعلن العراق عنها تتطلب أول ما تتطلبه مكافحة الفساد لأنه العامل الرئيسي الأول في الفقر.