تموينية الفقراء .. ومستحقاتها

تموينية الفقراء .. ومستحقاتها

ثامر الهيمص
بعد صدور نظام فحص الجودة والشروع في تطبيقه، لا داع لأن تقلق وزارة التجارة بعد الآن على الجودة من المناشئ حيث تقوم الشركتان النمساوية والفرنسية بهذا الفحص، كما في منافذنا الحدودية سوف تتم إقامة مختبرات فحص النوعية والجودة.

لذلك لا داع لحصر المناشئ مثلاً كما تريد وزارة التجارة بالرز الهولندي والسكر البرازيلي لأنهما ليسا البلدين الوحيدين في الجودة، ولهذا الغرض ستقوم الوزارة بجمع عناصر البطاقة التموينية في كيس واحد عدا الطحين، وهذا لا داع له إذ أن الجودة ستكون شاملة سواء كانت المواد تستوردها التجارة أم القطاع الخاص، وبهذه الحالة نوفر عملية التعبئة لصالح المعجون تلك المادة الجديدة والعزيزة على الأقل.
وبعد الانتهاء من مشكلة الجودة والنوعية تبقى مشكلة النقل والخزن أو التوزيع هي المشكلة التي ما زالت التجارة تراوح في مكانها ولا تقدم في حلها حيث كما هو معروف التأخر عموما" ووصول المواد في اوقات متفاوتة تصل لعدة اشهر في بعض المواد.
لذلك وصلت العملية الى طريق مسدود أما بسبب ضعف سلطة القانون أو انتشار الفساد الذي طال كثيرا من دوائرنا. في حين المفروض أن تكون التموينية أداة الدولة الأساسية لمكافحة الفقر ولهذا تكون مستحقات ذلك ما يأتي: ـ

أولاً: الفقراء حسب آخر الإحصائيات بلغ مجموعهم عشرة ملايين والبعض يقول يشكلون 40% من الشعب العراقي وخصوصاً في الريف بحيث يشكلون في الريف 39% و16% في المدينة (د. جبار عبد الرزاق \ عدد يوم 23\ 8 المدى)، ويضيف أن 75 % من ريف المثنى تحت خط الفقر و 60% في بابل و 61 % في الكوت)،فيما نسبة الفقر 9% في دهوك و 3% في السليمانية وأربيل.
أذن هذه الشريحة التي هي عشرة ملايين تقريباً يجب أن تكون هي المستهدفة في البطاقة التموينية كماً ونوعاً. علماً أن كلفة عناصر التموينية (سكر طحين زيت رز عدس) لا تتجاوز العشرة آلاف دينار حالياً في حين قدرت احتياجات الفرد الغذائية بـ (34000 ألف دينار) لذا يكون دعم هذه الشريحة البالغة ثلث السكان امراً اساسياً دستورياً بمساواة العراقيين في الحقوق والواجبات وشرعياً لا تحتاج للتبرير دينياً.

ثانياً: يجب أن تسعى وزارة التجارة وبعد تخلصها من مشكلة جودة المواد الى التخلص من مشكلة النقل والخزن باعتماد أساليب جديدة تربط بين حسن الأداء والأجر أو الحوافز،والمضي قدماً في إلغاء بطاقة ذوي الدرجات الخاصة حيث ما زالت تحجب عن رئيس العائلة فقط. وبما أن الحد الأدنى لراتب ذوي الدرجات الخاصة لا يقل عن خمسة ملايين فماذا يعني مثلاً خمسين ألف دينار أي لخمسة أفراد كمعدل للعائلة من هذا المبلغ. وهكذا بالنسبة لكبار التجار والمقاولين. مما يوفر مبالغ تعزز تموينية الفقراء وسكوت البنك الدولي الرافض للدعم، ورضا الله كصدقات، مضافاً إليها ما خصص للتغليف الجديد على السنة المالية القادمة.

ثالثاً: بما أن الحاجات الأساسية للإنسان العراقي الفقير حسب التقديرات تبلغ (896 , 76 ألف دينار) تدفع حالياً وزارة التجارة من خلال التموينية مبلغ عشرة آلاف دينار منها يبقى العجز (896 ,66 ألف دينار) لذلك سوف يكون رفع البطاقة الجديدة لهذه الشريحة إلى (34 ألف دينار) يساهم مباشرة في رفع حوالي 45% من العجز المالي ويبذل الفقير العراقي جهده نحو السكن الذي يتضاعف والتضخم النقدي المتزايد الذي بلغ في تموز سنة 2011 2 ,6% عن تموز سنة 2010 حسب مؤشرات وزارة التخطيط.
ناهيك عن البطالة التي تتفاهم مثلاً في تلعفر هناك (18 ألف عاطل) ونفوسها (220 ألف نسخة) وهناك مليون امرأة تكافح لتوفير الغذاء لأطفالهن مما يفطرهم للخروج للعمل حسب إحصائيات الصليب الأحمر الأخيرة.

رابعاً: الجوع لا يمكن التعايش معه فهو يأتي بعد مشكلة الدواء ومشكلة السكن وقناة التموينية ستكون أداة أساسية في الأفق المنظور أي للخمس أو العشر سنوات القادمة لذلك لابد من رفد التموينية بموارد أخرى للفقراء وخصوصاً شبكات الضمان والمعوقين والأرامل الذين هم في قاع المجتمع لذلك نحتاج الى حث المرجعيات الدينية بدفع الناس الميسورين من غير الدرجات الخاصة والتجار والمقاولين وأثرياء الأزمات على التنازل عن حصصهم التموينية إذ أن خمسين أو ستين أو مئة ألف لا تعني لكثير من الناس شيئاً يستحق الحرص عليه. كما أنه تعبيراً حقيقياً صادقاً عن التقوى والإيمان وهي.(ميدقه سر) تطفئ غضب الرب.

خامساً: التموينية في هذه الحالة تصبح أداة لتخفيف التفاوت الطبقي الحاد وتسهم مباشرة في رفع المستوى المعيشي لعشرة ملايين فقير. بمعنى أن المبالغ المصروفة عليها تذهب للاستيراد مع زيادة سنوية لا تقل عن 15% الى 20% لتغطية الزيادة السكانية والتضخم النقدي. وهذا أمر لا يستقيم مع اقتصاد ريعي هش تحدده بورصات ومشاكل العالم الاقتصادية لذلك على نائب رئيس الوزراء المعني أن يسعى الى دفع الوزارات ذات العلاقة إلى ما يأتي: ـ

1ـ تسليف وتشجيع زراعة الطماطم لمعامل المعجون.
2ـ مساعدة الزيوت النباتية لزيادة وتعزيز إنتاجها من الزيت وإمكانية إعادة فقرات المساحيق والصوابين للبطاقة.
3ـ دفع وزارة الزراعة للتوسع في المواد الإستراتيجية (حنطة، رز).
4ـ أحياء معامل السكر في ميسان والموصل.
لذلك نكون قد ضربنا أكثر من عصفورين بحجر تموينية الفقراء لتصبح قاطرة للتنمية المستدامة حيث ستكون إنتاج معاملنا وزراعتنا لا يعاني من مشكلة التسويق. وبعكس ذلك يبقى الفقر ويكون الصرف فقط على الجهاز الأمني لملاحقة ضحايا الفقر (إرهاب جريمة تزوير وفساد).
ونؤكد ضرورة أن يكون سعي وزارة التجارة بهذا الاتجاه بالتنسيق مع مراكز البحث ووزارة التخطيط لنلمس توجهاً ايجابياً فعالاً تنموياً وبعد ذلك تغلف المواد بورق وأكياس عراقية ونرفع مستوى عشرة مليون جائع وهذه هي المصالحة الحقيقية والوحدة الوطنية المتكاملة ونخفض نسبة أمراض سوء التغذية المنتشرة. حالياً ولكي يناضل فقيرنا على جبهة السكن والمرض والتعليم على الأقل.