واقع القطاع الخاص ومتطلباته فـي العراق

واقع القطاع الخاص ومتطلباته فـي العراق

خالد جميل البصري
أصبح واضحاً ومؤكداً ان الاستقرار الاقتصادي وتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية في العراق يعتمد على حشد جميع إمكانات المجتمع بما فيها منطلقات وخبرات وموارد القطاع الخاص, لذا اتجهت السياسة العامة للـدولة نحو الإسهام في نموه وتعزيز دوره في ظل التحول لاقتصاد السوق ، إذ يعد المحرك الأساسي في تصحيح المسار التنموي وتنويع مصادر الدخل.

وقد غلبت على هذا القطاع بعد عام 2003 صفة العمل الفردي والمنشأة الصغيرة من حيث التنظيم والاستثمار وعزوف نشاطه عن قطاعات التنويع الاقتصادي الكبيرة (الزراعية والصناعية) والاتجاه نحو القطاعات الخدمية ذات الربح السريع كقطاع التجارة وخدمات الكمبيوتر والاتصالات ومقاولات إعمار العراق فضلاً عن التوجه نحو فتح المصارف الخاصة لذا كان أداؤه محدوداً بالنسبة لمشاركته في تكوين الناتج المحلي الإجمالي قطاعياً فبلغ متوسط مساهمته في القطاع التحويلي قرابة (2.2%) والنفطي (0.3%) خلال المدة 2003-2006 .
وفي ضوء واقع السياسات الحكومية القائمة، نرى أن القطاع الخاص المحلي غير مؤهل لقيادة عملية التنمية في العراق في الوقت الحاضر وذلك لأسباب عدة من أهمها :
أ. إن القطاع الخاص لا يمتلك القدرات الفنية والإدارية الكافية والموارد المالية الضخمة اللازمة لتمويل التنمية في العراق.
ب. التأخر في إجراء الإصلاحات التشريعية والهيكلية والفنية المتعلقة بخلق البيئة الاستثمارية الملائمة لعمل اقتصاد السوق وجذب المستثمرين وبخاصة المستثمرين الوطنيين الذين هم خارج العراق.
ج- سيطرة الدولة على القطاع المالي والمصرفي وعجز هذا القطاع عن تلبية متطلبات القطاع الخاص من رأس مال وأداء دوره في تعبئة مدخرات المؤسسات والأفراد وتحويلها إلى استثمارات في القطاعات الإنتاجية للقطاع الخاص.
إن أهمية وضع خطة تنموية بعيدة المدى ضمن ستراتيجية هادفة إلى دعم القطاع الخاص وإعطائه الدور التنموي ، كما في كثير من الدول ومنها جمهورية مصر العربية ودولة الإمارات العربية المتحدة يعد بحد ذاته تحدياً كبيراً أمام الدولة مما يتطلب ذلك العمل على تفعيله ودعمه بالإمكانات كافة التي تستطيع الحكومة العراقية توفيرها على وفق المتغيرات والمستجدات الدولية الحالية التي تستدعي ضرورة اعتماد الاقتصاد العراقي نهجاً تنموياً يلائم هذه المرحلة، لذا استهدفت الخطة الخمسية الصادرة من قبل وزارة التخطيط والتعاون الإنمائي توسيع قاعدة المعلومات المتعلقة بالتنمية لتمكين القطاع الخاص من التنافس في إنشاء وإدارة المشاريع ذات الأنشطة الاقتصادية المختلفة ليصبح أحد الركائز الأساسية في تنفيذ ستراتيجيات الدولة وتحقيق التنويع الاقتصادي ، فضلا عن تخفيف العبء الملقى على عاتق ميزانية الدولة من خلال تقليل الإعانات المقدمة للأنشطة الاقتصادية ، وإيجاد فرص جديدة للعمل والمنافسة في السوق الدولية .
ولهذا تضمنت الخطة الأسس والأهداف الملائمة للتحول نحو منح دور اكبر للقطاع الخاص ورفع مساهمته في تكوين الناتج المحلي الإجمالي من خلال الآتي :
1. تعزيز النهج الاقتصادي المعتمد على إعطاء الدور القيادي للقطاع الخاص في الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية كافة .
2. تشجيع التكامل والاندماج بين الشركات الصغيرة والفردية .
3. منح المزيد من الدعم والتشجيع للقطاع الخاص لغرض الاستثمار في القطاعات الزراعي والصناعي والسياحي وأنشطة التصدير من أجل رفع مستوى قدرته التنافسية والإنتاجية ومن ثم تقليل أثر الاختلالات على الاقتصاد العراقي .
4. العمل على توفير متطلبات تحسين المناخ الاستثماري فضلاً عن توفير بيئته السليمة من خلال توفير الأنظمة واستخدام السياسات التي تتسم بالمرونة والاستجابة للتغيرات الاقتصادية المحلية والدولية.
5. إصلاح النظام الضريبي وتخفيض الإعفاءات الكمركية لتسهيل الإجراءات وتحسين بيئة الاستثمار .
6. إصلاح النظام المالي وتحسين أداء النظام المصرفي من خلال تطوير مؤسسات وأسواق المال وخطط الإقراض والضمان لغرض توسيع خدماته وتشجيع دخول القطاع الخاص فيه.
7. رفع مستوى تشغيل العمالة الوطنية بشكل خاص والعاملين في القطاع الخاص بشكل عام.
8. السعي لاستقطاب الاستثمارات الأجنبية ونقل الخبرات والتكنولوجيا الحديثة .
لذا فان غياب تلك المتطلبات وضيق القاعدة الاقتصادية وعدم التوسع والنمو في الإنفاق الاستثماري (توفير البنية التحتية الضرورية) وتعطيل مشاريع التنمية ، تحد من فاعلية القطاع الخاص وتقلل دوره ومساهمته في عملية الإصلاح والتنويع الاقتصادي في العراق.