أزمة المشتقات النفطية قديمة جديدة تظهر من جديد دونما سابق إنذار!

أزمة المشتقات النفطية قديمة جديدة تظهر من جديد دونما سابق إنذار!

استطلاع/ ليث محمد رضا
عادت طوابير السيارات امام محطات الوقود من جديد في مشهد قديم جديد ، لتبرز أزمة اقتصادية اخرى تتزامن مع ازمة تشكيل الحكومة من دون معرفة مسوغات ذلك.
(المدى الاقتصادي) تحاول من خلال هذا الاستطلاع الوقوف على أسباب ظهور هذه الازمة من جديد.

أهل المعاناة
سائق سيارة الاجرة علاء يوسف قال : اضطررت الوقوف ساعة و نصف امام محطة تجهيز الوقود من اجل التزود بالبنزين في هذا الصيف الحارق بعد ان اجتازت درجة الحرارة نصف درجة الغليان و انتظاري يمثل الازمة .
فيما قال حسين مصطفى : أزمة الوقود وبشكل خاص البنزين ظهرت منذ شهرين و قد اضطررت لمرات عدة إلى الوقوف في الطوابير امام محطات تزويد الوقود، وأضاف أن سواق مركبات الاجرة هم الاكثر تضرراً من الوقوف في طابور البنزين لان السيارة تمثل مصدر رزق لهم و ان الاوقات التي يقضونها امام محطات الوقود هي خسائر تقلل من الوارد اليومي .
بينما قال امجد صادق : انا احاول ان اجنب نفسي الازمة فلطالما قمت بملء خزان سيارتي الخصوصي خوفا من تفاقم الأزمة .
هذا و اتفق عدد من اصحاب محطات تزويد الوقود مع المواطنين الا انهم اكدوا ان احد اسباب الازمة هو التفاوت الواضح بين محطة واخرى من حيث ما تمتلكه من الوقود فالمحطات الكبرى تستمر بالعمل حتى الليل بينما ثمة محطات ينفد وقودها عند الظهيرة.

وزارة النفط
المتحدث الرسمي لوزارة النفط عاصم جهاد قال لنا : ان الطوابير هي بسبب زيادة الطلب، فحرارة الجو ادت الى الزيادة في الاستهلاك اكثر من 50% بالرغم من اجراءات الوزارة لتغطية احتياجات المواطنين من المنتجات النفطية.
واضاف جهاد : ان الوزارة قامت بزيادة ساعات التجهيز في محطات الوقود بالاضافة الى توفير 30 منفذاً في عموم بغداد (كرخ ورصافة) تجهز الوقود لأصحاب المولدات المنزلية.
وتابع جهاد: إن أزمة الكهرباء تعد احد اهم اسباب النقص في المنتجات النفطية لانها تسبب زيادة في الطلب عليها، فالمواطن لا يكتفي بحاجة سيارته و لاحاجة المولدة المنزلية اليومي، بل يعبئ من محطة الوقود و يعود إلى المنزل لكي يخزنه تحسباً للازمة .
وأوضح جهاد: أن الوزارة تطمئن المواطنين بأستمرار التجهيز لاستيعاب الزيادة في الاستهلاك اضافة لالتزام الوزارة بتجهيز اصحاب المولدات في شهر آب الجاري كما قامت الوزارة بزيادة تمويل اصحاب الأفران، وأكد جهاد: وجود لجان في الوزارة تتابع عملية التجهيز ويستمر عمل تلك اللجان لساعات متأخرة من الليل كما قال جهاد ان الوزارة تشدد على اصحاب المولدات لتخفيض سعر الامبير الواحد من الطاقة الكهربائية.
وشدد جهاد ان القلق من حدوث ازمة يسبب إقبال المواطنين بسبب الاشاعات فهم يتواجدون أمام المحطات و هذه الاشاعات تقوم بها جهات لا تريد الاستقرار فالعراق مستهدف .


ماذا قال الخبراء؟
الخبير الاقتصادي د. علي الفكيكي : ان سبب ازمة الوقود هي التوجهات التي تدير امور الاقتصاد بالعقلية نفسها التي كانت موجودة قبل 2003 و هي عقلية ذات فكر شمولي حيث ان وزارة النفط و منذ 2003 تتابع المستثمرين بالتقدم لانشاء مصافٍ نفطية و لو ان وزارة النفط لها فكر اقتصادي حديث لسمحت للقطاع الخاص بأقامة مصافٍ، إلا ان ادارة القطاع النفطي قديمة و لم تنتبه الا في 2010 حيث بدأت تعطي تراخيص استثمار.
وأضاف الفكيكي: ان مدير عام الشركة العامة للمنتجات النفطية في تصرح صحفي قال انه يرى الحل في تقييد استيراد السيارات و يعيدنا للتخطيط الشمولي و عليه ان يعلم ان زمن التخطيط الشمولي قد انتهى في الفعاليات الاقتصادية بعالم الاقتصاد الجديد و الاجدر به ان يبدأ بنفسه و لا يركب سيارة. و شدد الفكيكي : ان وزارة النفط ينبغي ألا تتعامل مع المصافي كالنشاط الاستخراجي، فالمصافي صناعة تحويلية مثلها كمثل صناعة الاسمنت و الطابوق.
وكان على وزارة النفط ان تشجع القطاع الخاص و تعطيه تخفيضاً كما تعطي للاردن بذلك ، لذلك فالخلل ليس في استيراد السيارات بقدر ما هو في مسار وزارة النفط . و اكد الفكيكي : ان الافضل تصنيع النفط محلياً كل ما كان ذلك ممكناً بدلاً من تصديره لكي يضيف قيمة اضافية للاقتصاد الوطني لكن وزارة النفط متشبثة بالتباهي بأنها زادت من تصدير النفط الى الخارج . و بخصوص انعكاسات الازمة على الاقتصاد الوطني تابع الفكيكي : ان الازمة تنعكس على مجمل اداء الاقتصاد الوطني من خلال رفع تكاليف الانتاج و خفض القدرة التنافسية للعراق، وأن قنينة ماء اردنية بعد اجتياز الكمارك تقل 25% عن سعر قنية ماء عراقية مطروحة في ساحة المعمل و ان سعر الف طابوقة ايرانية واصلة الى منطقة الفرات الاوسط اقل سعراً بنسبة من 5% - 10% الى الف طابوقة عراقية واصلة للمنطقة نفسها بسبب ارتفاع كلف المنتجات النفطية العراقية بالاضافة الى ارتفاع كلفة الوقود و انقطاع الكهرباء و ارتفاع كلف النقل و كلف العمال . فيما قال أستاذ الإدارة و الاقتصاد في جامعة واسط د. احمد عبد الله الوائلي : تتزامن هذه الظاهرة مع ارتفاع درجات الحرارة وتزايد ساعات القطع المبرمج, وفي هذا الزحام تاثير نفسي واقتصادي كبير تزيد من احباط الشارع العراقي الذي يعاني من ازمات كثيرة. ويمكن تلخيص التاثيرات الاقتصادية، أن التوقف لساعات طوال للانتظار سيؤدي الى تقليل ساعات العمل الفعلية لمن هم في طوابير الانتظار وبذلك سينخفض الانتاج وتقل الانتاجية. وأضاف الوائلي : استغلال اصحاب النفوس الضعيفة في هذا الامر للتعامل مع اصحاب محطات الوقود لبيع الوقود في السوق السوداء وباسعار مرتفعة تزيد من معانات المواطن الاقتصادية وتزيد كلف الحياة عليه . وتابع الوائلي : ان ارتفاع كلف الوقود سيؤدي الى تزايد كلف السلع والخدمات التي تعتمد الوقود في انتاجها مما يؤدي الى تزايد اسعارها وبالتالي سيصب ذلك بتاثيره على المواطن وبشكل سلبي يزيد من معاناته الاقتصادية.