اقتصاديات: توجس المستثمرين

اقتصاديات: توجس المستثمرين

 عباس الغالبي
يبدو أن محاولات المستثمرين الاجانب مازالت خجولة لا تمثل عمق الخريطة الاستثمارية التي سبق وان اعلنت عنها الهيئة الوطنية للاستثمار والتي تضم بين دفتيها عددا من المشاريع الستراتيجية المهمة في مختلف القطاعات الاقتصادية ، حيث مازالت المشاريع المعلنة للتنفيذ تنتظر قدوم المستثمرين الذين تسيطر عليهم توجسات وعراقيل تجعل ازاء مخاوف جدية بحسب تصوراتهم .

ولعل من الطبيعي ان أي مستثمر يبحث عن البيئة الآمنة الحقيقة ، وكذلك عن حزمة القوانين المرنة التي تعد بمثابة عناصر جاذبة قادرة على خلق مناخات طبيعية للمستثمر ، كما ان الوضع الامني المستقر يمثل أقصى طموحات المستثمر ضماناً لرأسماله ومنعاً للمغامرة في ظروف غير طبيعية متقلبة فيها من التداعيات السياسية والامنية الشيء الكثير .
وفي استعراض لمجمل المشاريع التي اعلن عنها حالياً وخلال الفترة القليلة القادمة نرى انها غير ستراتيجية وليست كبيرة للحد الذي يمثل طموحات السواد الاعظم من الناس، حيث مازال التوجس يلازم المستثمرين بسبب هشاشة الوضع الامني المرتبط حالياً بأزمة تشكيل الحكومة وماقد تعكسه من تذمر على الشارع العراقي ، حيث تصبح هاتان الجدلتان السياسية والامنية العقبتين الاهم امام ولوج المستثمرين الى سوق العمل العراقية ، فلم يتسن لمعظم الوزارات ومجالس المحافظات انجاز كامل المشاريع المقرة ضمن الموازنة الاستثمارية للعام الحالي 2010 ، وقد تلجأ لتدويرها الى العام المقبل لعدم استكمال اجراءات الاعلان والتنفيذ الفعلي .
وتبقى حركية وفاعلية الاستثمار مرتبطة بالبيئة السياسية والامنية المستقرة بشكل مباشر ، ذلك ان المستثمرين الاجانب مثلما يتطلعون الى الاستثمار في العراق ، فهم في الوقت ذاته متطلعون لعوامل مثالية تجعل مسيرة الاستثمار خالية من المنغصات والعقبات والعراقيل التي تحول دون عملية التنفيذ ، وحيث ان العوامل المشجعة على الاستثمار الاخرى من غير عنصر الامن تنحسر وتتلاشى امامه ، فأن تلك العناصر مرتبطة بالاستقرار الأمني وتكاد تكون هذه الجدلية هي المعادلة الأهم في الاستثمار الناجح القادر على احداث عملية تغيير كبرى في البنى التحتية ، وخلق عملية حركة دؤوبة للقطاعات الاقتصادية الاخرى ، ولاسيما الانتاجية منها .
ولكن عملية الاستثمار المتوقعة في العراق وبحكم الخريطة الاستثمارية المعلنة والحاجة الفعلية للقطاعات كافة تتطلب جهدا عالي المستوى من الهيئة الوطنية للاستثمار ولاسيما في مجال الترويج السياحي واعداد وتنفيذ خطة اعلامية ترويجية تبدد مخاوف المستثمر الحقيقية مع ضرورة الاشارة الى تكامل الظروف المثالية للاستثمار والتي لا تنفصم عراها عن قطاعات اقتصادية اخرى كقطاع النقل والاتصالات والقطاع المصرفي القادر على تلبية متطلبات المستثمرين .
وسعياً لتبديد هواجس المستثمرين نتطلع الى اجراءات حكومية قادرة على التعامل مع الاستثمار كحاجة ملحة لانعاش الاقتصاد واحداث دورة اقتصادية فاعلة ، مع امكانية تحديد المعرقلات التي قد تحدث اثناء عملية التنفيذ ووضع العلاجات الناجعة لها انطلاقاً من رؤية ثاقبة لعناصر ومزايا الاقتصاد الوطني وتوظيف امكاناته المادية والفنية بشكل يحدث ثورة استثمارية هائلة ، لاسيما وان كثيرا من كبريات الشركات الاستثمارية العالمية اعلنت عن رغبتها الجامحة لدخول سوق العمل العراقية ، كونها سوقاً واعدة قادرة على الاندماج مع الاسواق العالمية الاخرى .