تشارلز ديكنز السنوات المبكرة

تشارلز ديكنز السنوات المبكرة

ترجمة عبد الخالق علي
ولد تشارلز ديكنز في لاندبورت – هامبشاير يوم 7 شباط 1812 لوالدين هما جون و اليزابيث. كان تسلسله الثاني بين ثمانية اشقاء. بعد ان قضى السنوات الثلاث الاولى من حياته في بورتسموث- هامبشاير، انتقلت العائلة الى لندن عام 1815.

كانت سنواته الاولى بسيطة و سعيدة رغم انه كان يعتبر نفسه “ ولدا صغيرا جدا لا يلقى العناية اللازمة “. كان يقضي وقته خارج المنزل، لكنه كان ايضا يقرأ بنهم خاصة روايات المغامرات للكاتب توبياس سموليت و هنري فيلدنك. في ما بعد تحدث ديكنز عن ذكريات طفولته القاسية و عن ذكراه الشبه تصويرية عن البشر و الاحداث التي استخدمها في كتاباته. قضى تشارلز ديكنز خمس سنوات من طفولته في ميدواي من 1817 حتى 1822 و كانت منطقة روتشستر ملهمة للعديد من اعماله. اصبح اسطورة وطنية عند عودته على مدى ثلاثة عشر عاما من حياته و موته في كادز هيل عام 1870. الاحتفال السنوي الحالي كان قد تطور عبر السنين ليصبح حدثا زاهيا و عرفا و متعة. الاف الزوار يستنشقون العبق الفيكتوري، بينما يسير الالاف في موكب وسط روتشستر كل يوم. الخليط الفريد من الموسيقى و الرقص و الدراما و مسرح الشارع قد اكسبه مكانا في جدول الاحداث الرئيسية في الصيف. انك تسير في شوارع القرية الساحرة لتستمتع بروح الماضي الذي يخلق هنا من جديد. و نستمر في المدينة القديمة الجميلة كانتربري، و نشعر بالحنين الى الماضي من خلال نوافذ المباني القديمة على طول الشوارع الحجرية.
ترعرع تشارلز ديكنز في كاثام وروتشستر. الكثير من كتبه تصور اماكن و مباني موجودة في ميدواي، فمثلا ساتس هاوس في (توقعات عظيمة) هي مكان خزن الطابوق الاحمر في كرو لين.
وصلت هذه الفترة الى نهاية مفاجئة عندما اودع جون ديكنز – الذي كان يعيش فوق مستواه – السجن في ساوثوارك في لندن عام 1824. بعد فترة قصيرة انضمت اليه بقية العائلة – ماعدا تشارلز البالغ 12 عاما- الذي نزل مع صديقة العائلة اليزابيث رويلانس في مدينة كامدن.
بدأ ديكنز يعمل لعشر ساعات في اليوم في مخزن للاصباغ بالقرب من محطة قطار تشيرنغ كروس الحالية. كان يكسب ستة شلنات بالاسبوع، ظروف العمل السيئة تركت لديه انطباعا عميقا و اثرت فيما بعد على قصصه و مقالاته، و شكلت اساسا لولعه بالاصلاح الاقتصادي- الاجتماعي واصلاح ظروف العمل التي يقع عبئها على الفقراء. فيما بعد كتب يقول “ كيف اصبحت منبوذا بهذه السهولة في تلك السن”.
بعد مرور اشهر قليلة توفيت جدته لابيه اليزابيث ديكنز تاركة لابيه مبلغ 450 باون، و اطلق سراحه من السجن، و اول ما فعله هو تسديد الديون التي عليه.
رغم ان تشارلز كان يدرس في اكاديمية ولنغتون شمال لندن، فان والدته لم تقطعه عن العمل في مخزن الاصباغ مما جعل تشارلز يعتقد بوجوب سيطرة الاب على العائلة و ان واجب الام هو في محيطها داخل البيت. لم تكن اكاديمية ولنغتون بمستوى جيد – كثرة الدروس، التدريس العشوائي، ضعف الانضباط، الوحشية السادية التي يتميز بها مديرها، كثرة المرضى و البيئة المتهالكة – كلها تتجسد في مؤسسة السيد كريكل في رواية ديفيد كوبرفيلد. ثم عمل تشارلز كاتبا بسيطا في مكاتب قانونية من مايس 1827 حتى ت2 1828. و كان في وقت راحته يتعلم الطبع على الالة الكاتبة، لذلك ترك العمل ليعمل مراسلا على حسابه، يكتب عن الاجراءات القانونية، و استمر على ذلك لمدة اربع سنوات.
في عام 1830 التقى ديكنز بحبيبته الاولى ماريا بيدنيل، التي تمثلها شخصية دورا في ديفيد كوبرفيلد، الا ان والديها رفضا تلك العلاقة و انهياها عن طريق ارسالها للدراسة في باريس.
الصحافة و الروايات المبكرة
في عام 1833، نشرت اولى قصص ديكنز “ عشاء في ممشى الحور المجلة الشهرية “ دوريات لندن”. في العام التالي استأجر غرفة في حانة فرنيفال و اصبح صحفيا سياسيا يكتب عن الجدل البرلماني و يسافر عبر بريطانيا لتغطية الحملات الانتخابية لصحيفة “كتابات الصباح”. عمله الصحفي شكل اول مجموعة له من الاسكتشات نشرت في 1836، و قاد ذلك الى اول رواية له “ اوراق بيكويك “ في آذار 1836. و استمر في المساهمة و تحرير الصحف خلال عمله الادبي. في 1836 وافق تشارلز على العمل كرئيس تحرير في صحيفة “ بينتلي ميسيلاني “ و بقي يشغل هذا المنصب لثلاث سنوات حتى اختلف مع صاحبها. في نفس الوقت استمر نجاحه كروائي، فكتب “ اوليفر تويست 1837-39 “، “ نيكولاس نيكلبي 1838-39 “، “ محل الفضول القديم “، و اخيرا “ بارنابي رادج: حكاية عن اعمال الشغب 1840-41 “ كلها نشرت على شكل سلسلات شهرية قبل ان تتحول الى كتب. خلال هذه الفترة كان تشارلز يحتفظ بغراب اسمه كريب، قام بتحنيطه عند موته عام 1841 (موجود الان في المكتبة الحرة في فيلادلفيا).
في الثاني من نيسان 1836 تزوج تشارلز من كاثرين تومسون هوغارث (1816-1879) و هي ابنة جورج هوغارث رئيس تحرير “ كتابات المساء”. و بعد شهر عسل قصير في “ كينت “ عادا الى بيتهما في بلومزبري. انجبا عشرة ابناء هم:
* تشارلز كاليفورد بوز ديكنز – الذي عرف في ما بعد تشارلز ديكنز جي ار (رئيس تحرير “ على مدار العام “ و مؤلف “ قاموس ديكنز عن اندن 1879).
* ماري ديكنز
* كيت ماكريدي ديكنز
* والتر لاندور ديكنز
* فرانسيس جيفري ديكنز
* الفريد دورسي تينيسون ديكنز
* سيدني سميث هالديماند ديكنز
* سير هنري فيلدنغ ديكنز
* دورا آني ديكنز
* ادوارد ديكنز
عاش ديكنز و عائلته في 48 شارع دوتي – لندن (مقابل ايجار يبلغ 80 باونا في السنة) من 25 اذار 1837 حتى ك1 1839. و انتقل للعيش معهم شقيقه الاصغر فريدريك، و ماري شقيقة زوجته كاثرين البالغة 17 عاما. كان ديكنز متعلقا جدا بماري حتى انها توفيت بين ذراعيه بعد معاناة قصيرة مع المرض عام 1837، و اصبحت شخصية مألوفة في العديد من كتبه، و قد صور موتها بموت “ نيل” في “ محل الفضول القديم “.