المدير العام للمصرف العقاري:30مليون دينار كافية لبناء وحدة سكنية بسيطة لذوي الدخل المحدود

المدير العام للمصرف العقاري:30مليون دينار كافية لبناء وحدة سكنية بسيطة لذوي الدخل المحدود

حوار/ المدى الاقتصادي
تتفاقم ازمة السكن في ظل غياب البرنامج الحكومي الذي يضع العلاجات الناجعة والسريعة لهذه المشكلة التي لم تكن وليدة الصدفة، أوجاءت تحت ضغط المرحلة بقدر ما كانت نتيجة طبيعية لسياسات متخبطة سابقة. الحاجة قدرها الخبراء بواقع اكثر من 3 ملايين وحدة سكنية في ظل عدم فاعلية المنظومة المصرفية في جدلية القروض والسلف والتعامل معها وفق آليات تكاد تكون خجولة

وغير مناسبة لحجم الازمة. (المدى الاقتصادي) حاورت المدير العام للمصرف العقاري خضير هليل حول دور المصرف وآليات عمله وسبل تطويرها للتعامل مع ازمة الاسكان.
*يشهد العراق أزمة سكن بشكل متفاقم، كيف ترى دور المصرف في معالجة هذه الازمة؟
- المصرف العقاري هو مصرف عريق تأسس سنة 1948 وهو يمنح القروض لعامة المواطنين من دون استثناء من موظفين الى متقاعدين الى عامة الناس، وبالفعل المصرف العقاري ساهم بشكل فاعل في انشاء الوحدات السكنية للمواطنين من خلال منحه للقروض ونحن لا ندعي ان القرض الذي يمنح يكفي المواطن 100%، ولكنه يكفي لبناء وحدة سكنية بسيطة من خلال مبلغ الـ 30 مليون ونحن نختلف عن المصارف التجارية الاخرى من حيث الفوائد التي نحصل عليها 2% فقط وهي فائدة تشغيلية لصرف رواتب الموظفين بينما المصارف التجارية تأخذ 8% ومدة القرض عشر سنوات بينما نحن مدة القرض لدينا 20 سنة، لذلك فالمصرف العقاري هو مصرف للناس البسطاء من الطبقة الفقيرة، حيث ان التسهيلات الموجودة لدينا اكثر من المصارف الاخرى فهي اضافة الى مدة القرض ونسبة الفائدة فنحن في حالة عدم تسديد المواطن لمبلغ القرض لدينا تأمين على حياة المقترض ففي حالة وفاته لا نطالب الورثة بالمبلغ المتبقي عليه ولا نبيع الدار لغرض تسديد المبلغ وانما شركة التأمين هي التي تسدد المبلغ بالاضافة الى انه في حالة احتراق دار المقترض فهناك تأمين على الحريق في شركة التأمين الوطنية.

*لماذا لا توازي قروض المصرف حاجة المقترض لإكمال متطلبات وحدته السكنية؟
- المصرف العقاري محكوم بأمكانيته المحدودة فهو يقترض من مصرفي الرافدين والرشيد بفائدة مقدارها 4% تسدد من قبل وزارة المالية، فمصرفي الرافدين والرشيد بأمكانيتهما الكبيرة يمنحان 30 مليون ونحن الذين نقترض منهم ايضاً نعطي 30 مليون.

*لماذا لم يبحث مجلس الادارة في زيادة رأسمال المصرف وبالتالي توسيع أنشطته المصرفية على أساس أنه مصرف تخصصي وينبغي أن يتفاعل مع الحاجة؟
- قبل سنة كان رأس المال 25 مليار دينار بينما الان هو 50 مليار وقد جاء تعميم من البنك المركزي ان على جميع المصارف وخلال ثلاث سنوات ان يكون رأس المال 250 ملياراً. ومسألة التوسع محكومة بأننا لا نمتلك الامكانات الكافية للتوسع، ولكن المصرف مستمر ففي سنة 2006 كانت هناك دراسة لدمج المصرف العقاري مع احدى المصارف الحكومية اما الرافدين او الرشيد، لكن وزارة المالية ارتأت ان يتم إقراض المصرف من قبل مصرفي الرافدين او الرشيد بفائدة 4% تتبناها الوزارة نفسها، كما تجدر الاشارة الى ان القرض العقاري قبل 2003 كان 4 ملايين دينار بينما الان اصبح 30 مليونا، وبأعتقادي أن هذا المبلغ كافٍ للمواطن البسيط الذي لديه قطعة ارض لكي يبنيها وليس لمن يريد بناءً فخماً فمن مدة على سبيل المثال جاءني احدهم وهو يملك قطعة ارض مساحتها 300 متر وقد بناها بطريقة فخمة (دبل فاليوم) فقلت له ان المصرف لا يستهدف امثاله، بل هو للمواطنين البسطاء.

*وكيف تدعمون ترميم الوحدات السكنية؟
- ممكن أن يكون بيتاً مشيداً ونقرض على اضافة بناء مبلغ قدره (12) مليونا بسعر الفائدة نفسه ولكن مدة القرض 15 سنة، ومن الجدير بالذكر هنا ان القسط الشهري للثلاثين مليون لايتجاوز الـ166 الف دينار ومن هنا يتضح كيف ان مبلغ القسط بسيط.

*لماذا لم يقم المصرف العقاري بإشاعة أنشطة مصرفية أخرى لكي يطور سعياً للتطوير؟
- مارس المصرف العقاري بعد عام 2007 النشاط المصرفي التجاري لكنه توقف منذ 2009 عام عن العمليات المصرفية التجارية الاخرى لأنه يعد مصرفاً تخصصياً وكذلك الأمر بالنسبة للمصرفين الصناعي والزراعي.

*مصرفا الرافدين والرشيد غير متخصصين ولكنهما يمنحان قروضاًَ عقارية؟
- مصرفا الرافدين والرشيد يتخصصان بالعمليات التجارية والعمليات الصيرفية البحتة لكن في الفترة الاخيرة ومنذ اقل من سنة اصبحا يمنحان القروض الاسكانية بأمر من وزير المالية ولكن في السابق لم يكونا يقومان بهذه الاعمال بل كانا فقط يمنحان تسهيلات، فالعمل المصرفي التجاري يتطلب موظفين وكوادر كبيرة.

*لماذا لم يلجأ المصرف العقاري عن طريق التوأمة والشراكة مع مؤسسات تمويلية سواء اكانت من القطاع العام ام الخاص في بناء وحدات سكنية؟
- المسألة تتقاطع مع النظام الداخلي لاننا كمصرف عقاري لنا حق المشاركة في الشركات التي تدخل في بناء الوحدات السكنية، فمعامل الطابوق ممكن ندخل معها وكل ما يدخل ضمن البناء يسمح لنا به النظام الداخلي الخاص بنا المصادق عليه من قبل الوزارة ومنشور في الجريدة الرسمية منذ 1948 وآخر تعديل له كان في 2004.

* لماذا لا يجري تعديل على النظام الداخلي وتتضمن فقرة إمكانية فسح المجال أمام المصرف العقاري للمساهمة مع شركات القطاع؟
- نحن لا نمتلك الامكانية التي نسهم من خلالها فحتى دعم وزارة المالية يتطلب ان تكون للمصرف امكانية لتدعمها الوزارة وليس ان تتحمل الوزارة المسؤولية كافة.

* كلامكم يستقيم في الظروف المثالية غير المتوفرة لدينا فأزمة السكن تتفاقم يوماً بعد يوم، لذلك فنحن نقترح عليكم ما من شأنه المساهمة في تقليل هذه الازمة؟
- نحن مقيدون بالنظام الداخلي ولا توجد اراضٍ بالمصرف العقاري، لكن كلها اراضٍ زراعية

* ما خططكم القادمة؟
- نحن نسعى لزيادة مبلغ القرض من خلال رأس المال الذي هو الان 50 ملياراً.

* هل لديكم سقف للمعاملات وماذا تفعلون اذا فاق عدد المتقدمين طاقتكم؟
- لا يوجد سقف للمعاملات وكل مواطن يتقدم يحصل على قرض، ونحن لدينا خطة تسليفية لكل العراق حيث نتناول المحافظات من حيث عدد السكان والمعاملات المقدمة لذلك نحن نزود المحافظة بشكل شهري بما يكفيها فالبصرة مثلاً نعطيها شهرياً مليارين ومائتين وخمسين مليوناً،بينما محافظة اخرى نزودها بمليار او مليارين بحسب الكثافة السكانية وعدد المعاملات التي تقدم للمصرف فبموجب خطتنا التسليفية نصرف المبالغ للمواطنين وليس لدينا تأخير في المعاملات حيث تنجز المعاملات من دون اي توقف.

* كيف تنظر لأداء المصارف التي تحمل تسميات الإستثمار والتنمية؟
- أداء المصارف التجارية ضعيف والضعف يكمن في اجراءاتها، لكن المصارف الاهلية على العكس فأجراءاتها اسهل واسرع من المصارف الحكومية لذلك المواطن يتجه الى المصارف الاهلية اكثر من المصارف الحكومية والسبب ان المبالغ التي تمنحها للمستهلكين اكثر من التي تمنحها المصارف الحكومية.

* كيف تقارن بين عزوف المواطن عن المصارف العامة في مسألة القروض والسلف ونسبة النشاط المصرفي العام 95% من النشاط المصرفي عموماً؟
- النشاط المصرفي الحكومي لا يتعدى رواتب المتقاعدين والبطاقة التموينية ورواتب العسكريين وهذه نشاطات ابعدت المصارف الحكومية عن النشاط التجاري الذي يمثل العمل الاساسي للمصارف بالقيام بالحوالات الخارجية والاعتمادات المستندية وهذه تشكل عملاً مصرفياً صحيحاً لكنها متوقفة.

* كيف تنظرون لحصر الاعتمادات المستندية لكل مؤسسات الدولة بمصرف التجارة والعراقي، في الوقت الذي تمتلك بعض المصارف الخاصة هذه الامكانية؟
- مصرف الرافدين على سبيل المثال عليه ديون خارجية لذلك لا يمكنه ان يفتح اعتمادات خارجية، لأن الذي يفتح اعتمادات يحتاج إلى بنك يغطيه وهو لا يمتلك وينبغي ان يفتح في احد المصارف لذلك يخشى من سحب امواله، اما مصرف الرشيد فيقوم ببعض الاعتمادات البسيطة.
فمصرفا الرافدين والرشيد لا يمارسان العمل المصرفي الصحيح وعليهما ان يدخلا بعض التسهيلات على منح القروض للمواطنين بدل ان يكون القرض 20% او 30% من رهن المواطن، ونحن نتساءل لماذا لا يكون القرض بمقدار قيمة 50% من رهن المواطن.

* توجد ثمة أزمة ثقة بين جمهور المستهلكين والمصارف الخاصة وعادة ما يلجأ المستهلك الى المصارف الحكومية، ماتعليقكم؟
- انا لا اتحدث عن الاعتمادات المستندية فقبل فترة حضرت ندوة لمصرف اهلي لديه توجهات ممتازة وتمكن من دمج عشرة مصارف في مشروع شركة عراقية لدعم الصناعات المتوسطة والصغيرة برغم انها بدعم من (يو ان بي دي) التي تعطي لمصرف آشور الذي يقوم بتوزيع المبالغ بفائدة وبتشجيع من وزارة التخطيط لذلك انا قلت في ندوة معهم حضرتها في الاردن لماذا لا تعطوننا نحن المصرف العقاري لكي نعطي المواطنين بفائدة بسيطة ومصرف نينوى على سبيل المثال اعطى ما يقارب 8 مليارات دينار عراقي بواقع 12 مليوناً لكل مواطن ومن دون فائدة بأستثناء استحصالها على 600 الف دينار في البداية تمثل رسوماً وقد صرفت على دفعتين وبسرعة من دون اي توقف، فنحن نتساءل لماذا المصارف العربية والاجنبية تدعم المصارف الاهلية وم لا تدعم المصارف الحكومية كالعقاري، ففي ندوة جرت في نادي العلوية كان احد المانحين الاجانب يتحدث عن دعمه للمصارف الاهلية قلت له لماذا تعطيها للمصارف الأهلية من دون فائدة اعطها لنا لكي نعطيها من دون فائدة ايضاً.

* كيف تدعمون المشاريع العقارية الخاصة التي يضطلع بها مواطنون؟
- نحن نتمنى، لكن النظام الداخلي لا يسمح.. فقبل مدة جاءت شركة اماراتية وارادت بناء عمارات سكنية لكن لم يسمح لها ومع هذا فأن احد المستثمرين سيقوم قريباً ببناء مول عصري لا يوجد مثيل له في الشرق الاوسط اضافة لمدينة ملاهي ومواقف سيارات ومطاعم بكلفة تقدر بـ 60 مليون دولار، ولازال يراجع منذ 2006 ولغاية الان وستصدر به موفقة قريباً بعد ان استحصل موافقة هيئة الاستثمار وموافقتنا وبعد ان غيّر جنس الارض من زراعية الى بناء مول بعد موافقة مديرية التصاميم في امانة بغداد، فالاجراءات الروتينية هي التي تعوق عمل كثير من المشاريع الموجودة.

*ماذا تقولون عن حالات الفساد المالي والإداري التي نسمع عنها في عمل المصرف؟
- هذه الحالات كانت في السابق ومؤكد انكم سمعتم عن المدراء الذين عزلوا بأمر وزير المالية وآخرون احيلوا لهيئة النزاهة والان خرجوا بكفالة ولازالت الاجراءات مستمرة في احالتهم للمحاكم المختصة، ومشاكلنا في بغداد اكثر من المحافظات وتحديداً فرعنا في الرصافة الذي كان في منطقة الصليخ حيث كان بؤرة الفساد ومنذ 2009 اوعز الوزير الى مكتب المفتش العام بأجراء التحقيق وعزل ثلاثة موظفين وتمت احالة اخرين إلى المحاكم، وبعد استلامي ادارة المصرف العقاري كانت اول خطوة قمت بها وخلال ثلاثة ايام قمت بنقل المصرف من القاهرة ونقلته للادارة العامة بعد ان هيأنا مكاناً واثاثاً وجميع المتطلبات برغم اعتراضات الموظفين الذين اشتكوا في الصحف وطلبوا التأجيل من الوزير لكنه قال لهم الامر يتعلق بأدارة المصرف، ومضينا في اجراءات مشددة على الدخول للمصرف بأشتراط دخول فقط لاجراء المعاملة بأسمه وبعد مطابقة الهوية وهكذا قضينا على 80% من الفساد الاداري اما النقطة المهمة والاساسية انه كان تأخير في المعاملات اذ كان الصرف يتوقف من شهر 11 الى الشهر 5 ويتوقف في كل خميس فأربعة اشهر السنة اذا لا يعمل المصرف طوال السنة سوى سبعة اشهر ما يجعل من تكدس المعاملات امراً طبيعياً، لكن حين استلامي للادارة اوقفت كل هذه الاجراءات وجعلت الايقاف فقط ليومين في شهر 12 لصرف الموازنات، والان الصرف يتم بأنسيابية كبيرة.
والان الفساد انتهى لان المواطن لا يحتاج أن يعطي رشوة بعد ان قمنا بتسهيل اجراءات كثيرة للمواطنين فمثلاً عندما تسلمت إدارة المصرف لاحظت ان قرض النواحي الـ 10 ملايين يعطى على اربع دفعات (وقرض 30 مليونا كذلك) فجعلته 3 دفعات ثم دفعتين لكي يرتاح المواطن والتقليل من المراجعة كما خفضنا فقرات الدفعة الاخيرة للنواحي ما قلل من الفساد الاداري والروتين، فتقليل الضوابط وتعديل الفقرات سهّل للمواطن وحدّ من حالات الفساد.

* لماذا لا تعملون بحجز العقار من الدرجة الثانية في القروض؟
- لان الديون الحكومية ديون ممتازة ينبغي ان تكون لها الاولوية في التسديد وهذا ينسحب حتى على الترميم ومصرفي الرشيد والرافدين يشتركان معنا في هذا الشرط.