أنصار الشرطة يهرعون لإنقاذ عائلة كابان من غدر الزمان !

أنصار الشرطة يهرعون لإنقاذ عائلة كابان من غدر الزمان !

كتب / إياد الصالحي
الغصّة تقبضُ على أعناق وقلوب الرياضيين والجماهير بين الحين والآخر كلما تناهى سمعهم أفول نجم في سماء الرياضة العراقية بسبب مرضه او عجزه او تنكر اقرب الناس إليه ممن تناسوا صحبة الأمس وأداروا وجوههم عنه ،

وما أكثر الضحايا في دروب (عقوق الوفاء) الذين كتموا أنفاسهم في خلوة الدموع وراحوا ينزوون في ظلمات الخجل من الواقع ترقبا لشهقة الموت الأخيرة وهروباً من ذلة التوسل بمن تجردوا عن إنسانيتهم وغدوا شياطين المصالح لا يرفّ لهم جفن رحمة بمن غدر به الزمان.
لقد كانت ردة فعل استغاثة عائلة المرحوم اللواء محمد نجيب كابان احد رموز نادي الشرطة وصانع مجده في حقبتي الستينيات والسبعينيات عبر صفحة ( المدى الرياضي) أمس الأول مدوية ومؤثرة في الوسط الرياضي والجماهيري بعد ان تلقينا عبر البريد الالكتروني عشرات الرسائل التي عبرت عن تضامنها وألمها لمعاناة عائلة الفقيد، ناهيك عن الاتصالات الهاتفية لعدد كبير من الرياضيين والزملاء (داخل الوطن وخارجه) وحتى من القراء الذين طلبوا المساهمة بتقديم المساعدة لهذه العائلة التي فجعت بوداع عزيزها مخلفا وراءه مأساة كبيرة تمثلت تهديدها بإخلاء الشقة ورمي الزوجة والابن الوحيد في الشارع لعدم تمكنها من دفع الإيجار بعد ان كانت توفره من منحة شهرية قدرها 250 ألف دينار تقدمها ادارة نادي الشرطة سابقا وتم قطعها أخيرا بعد وفاة كابان الأمر الذي دعا زوجته لمناشدة مسؤولي الرياضة لإنقاذها من محنتها الصعبة، مذكّرة إياهم بان المرحوم ضحى بسني حياته مخلصاً من اجل إبقاء مسيرة الشرطة الرياضية حافلة بالانجازات العربية والآسيوية بشهادة التاريخ "اصدق الألسنة في زمن الرياء والخديعة والجفاء ".
ولعل من ابرز المبادرات الإنسانية التي أطلقت تضامنا مع عائلة كابان هي تجمع رابطة مشجعي نادي الشرطة الرياضي في ليلة نشر الخبر حيث أعلن أعضاؤها جمع تبرعات عينية من محبي النادي لتأمين مبلغ إيجار سنة كاملة للعائلة شعوراً منهم بان الرجل مات مهملاً ولم تمتد إليه يد الرعاية من أشخاص يتبؤون مسؤوليات مهمة في صروح الرياضة العراقية وكانوا ابناء النادي أيام تمثيلهم له كلاعبين وحراس مغمورين قبل ان يسبغ عليهم كابان (ومن سار على نهج حرصه) بفضله تربوياً وفنياً وإنسانيا لبلوغهم مراتب عليا من الشهرة بعد ان عانوا الحرمان والفقر المدقع قبل ارتدائهم الفانيلة الخضراء.
ان مبادرة رابطة مشجعي نادي الشرطة في الوقت الذي تؤكد عمق العلاقة الوثيقة بين النجوم الأبرار لفريقهم الأثير الأحياء منهم والأموات وترسخ انطلاقة جدية لمبادرات أخرى تصبّ في خدمة الرياضة والرياضيين، فإنها تدق أسفينا للأسف في علاقة مسؤولي الرياضة بشريحة كبيرة من الرواد ( أسرى المرض والعوز والموت البطيء) ، فما سرّ التحول النفسي السلبي لدى المسؤول الرياضي ليتخذ من الجفاء سلاحاً لمحاربة نجوم الأمس ، كيف تسوّل له نفسه قطع مبلغ زهيد مقارنة بالارقام المهولة التي تبذخ على موائد شرفية ومعسكرات خاوية من الأهداف وبعيدة عن المحاسبة وإيفادات ترفيهية وتخصيصات غير مناسبة مع مشروع صناعة الإنجاز ، وهل عجز المسؤول الرياضي عن إيجاد منفذ قانوني لإبقاء منحة كابان بينما هناك عشرات المنح والمكافآت التي تصرف ( بلا وجع قلب) للاعبين ومدربين وإداريين لم يقدموا أعشار ما استنزفه الراحل من دم وعرق على منصات التتويج؟ فضلا عن خبرته وحكمته في العمل الاداري بشهادة الرائد الإعلامي مؤيد البدري : (عمل المرحوم كابان معي في اتحاد الكرة الذي رأسته عام 1977 وكنت اتعمّد ان يكون آخر شخص استشيره في الاجتماعات لان رأيه السديد دائما هو الذي يأخذ به الاتحاد ويوصلنا الى جادة الصواب).
رحم الله محمد نجيب كابان الذي خصه الدكتورعبد القادر زينل بمساحة كبيرة من مذكراته الرياضية عن رحلته مع نادي الشرطة في مشروع توثيقي سيكون له صدى كبير في الوسطين الإعلامي والشعبي لما تضمنه من أسرار تكشف أول مرة عن فعاليات واحداث وشجون شاء زينل عدم البوح عنها سابقاً وآن الأوان ان يهديها الى الجماهير في استراحته التي اختارها طوع نفسه في الدوحة بعد سني العمل الاداري المضني، وابرز ما وصف به زينل صديقه كابان بـ( اللواء الزاهد والمتواضع والمحب من دون مقابل) ، فأين نجد مثل هذه الخصال في نفوس رياضيي اليوم؟
اذا كان كابان قد مشى بلا ضجيج ومن دون ان يكلف مسؤول ما شراء حبة دواء او ينفق دولاراً واحداً لتخفيف ألمه في مشفى خارج الوطن بعد ان كبله الشلل النصفي وتضخم البروستات بالعجز واليأس التام ، فان انصار فريق الشرطة لم ولن يهدأ لهم بال ومصممين على فضح المجحدين كبُر شأنهم ام صغر!
ومضة: قال الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش قبل موته : امشوا صامتين معي على خطوات اجدادي .. ووقع الناي في أزلي .. ولا تضعوا على قبري البنفسج فهو زهر المحبطين يذكّر الموتى بموت الحب قبل أوانه .