قراءة في اقتصاد المحافظات..تباين واضح للأرقام القياسية لأسعار المستهلك لعام 2010

قراءة في اقتصاد المحافظات..تباين واضح للأرقام القياسية لأسعار المستهلك لعام 2010

بغداد/ ضياء ثابت السراي
جاءت بيانات الجهاز المركزي للإحصاء وتكنولوجيا المعلومات في المسح السنوي للرقم القياسي لأسعار المستهلك للعام 2010 في عموم المحافظات العراقية، متباينة في مستوياتها مسجلة تفاوتاً كبيراً بلغت نسبته 9% ارتفاعا وانخفاضا بين المحافظات، لتترجم واقعاً اقتصادياً غير مستقر.

الخبز والحبوب والأغذية
وفي سياق المسح السنوي للرقم القياسي للسلع والخدمات صنفت محافظة دهوك على انها صاحبة الرقم القياسي الأعلى لأسعار المستهلك لمادة الخبز والحبوب ،ومحافظة النجف الاشرف سجلت الرقم القياسي الأدنى لأسعار المستهلك للمادة ذاتها.
اما الأغذية بشكل عام فقد كان الرقم القياسي الأعلى لأسعار المستهلك في محافظة المثنى، والرقم الأدنى في محافظة واسط، وسجلت محافظة الانبار الرقم الأعلى للأسماك واللحوم فيما سجلت محافظة ديالى الرقم الأدنى.


المشروبات الكحولية والألبسة
وبالنسبة للرقم القياسي الأعلى لأسعار المستهلك للمشروبات الكحولية فقد اشره المسح في محافظة السليمانية في الوقت الذي تساوى فيه الرقم القياسي الأدنى لتلك المادة في محافظتي صلاح الدين وذي قار، وأعلن المسح محافظة ميسان صاحبة الرقم القياسي الأعلى للملابس و محافظة ذي قار بالرقم الأدنى.

خدمات السكن والصحة
وفي ما يتعلق بأسعار السكن ،فان السليمانية امتلكت الرقم القياسي الأدنى للسكن والمياه والكهرباء والغاز، وتأتي الانبار في المقدمة لارتفاع الرقم القياسي لأسعار المستهلك فيها لهذه الخدمات ،في حين الرقم القياسي الأعلى للصحة وما يتعلق بها من خدمات كان في محافظتي كركوك والبصرة وبشكل شبه متساو ،ومحافظة ديالى امتلكت الرقم القياسي الأدنى في هذا الجانب.

النقل والتعليم والاتصالات
خدمات النقل هي الأخرى طالها المسح ليؤشر محافظة النجف بالرقم القياسي الأعلى بين المحافظات،ومحافظة أربيل بالرقم الأدنى.
وعن خدمات الاتصالات فان المسح سجل محافظة السليمانية كسيدة الرقم القياسي الأكبر ،في حين ذكر بغداد وللمرة الأولى كمحافظة سجل لديها أدنى رقم قياسي بالتساوي مع محافظة أربيل لخدمات الاتصالات ،لكن التعليم وخدماته عاد ليضع محافظة النجف في قمة الأسعار وصلاح الدين المحافظة التي فيها تنخفض أجور وأسعار التعليم وخدماته فينخفض الرقم القياسي لأسعار المستهلك، وفي ما يخص المطاعم وخدماتها فان محافظة الانبار لديها أعلى رقم قياسي ،والنجف مرة أخرى لكن هذه المرة تملك الرقم القياسي الأدنى.

الدخل الفردي واقتصاد المحافظات
هذه النتائج بينت التفاوت في أرقام أسعار المستهلك القياسية التي تبنى على أساسها مستويات المعيشة وغلاءها ومن خلالها يمكن تسجيل نقاط عدة من أهمها مستوى دخل الفرد في المحافظات ومستوى قوة الاقتصاد الجزئي للمحافظة، ويتبين من خلال المسح ان أقوى الدخول يمتلكها سكان محافظات الانبار والسليمانية والنجف بينما اقلها توجد في محافظات ديالى وأربيل وذي قار، اما قوة الاقتصاد الجزئي للمحافظات فانه في محافظتي بغداد وواسط يعد الأثبت ومن خلالهما يمكن اعتماد الأرقام القياسية الأكثر استقراراً، كما تبينه جداول الرقم القياسي لأسعار المستهلك في المحافظات التي أصدرها الجهاز المركزي للإحصاء وتكنولوجيا المعلومات.

هشاشة الاسواق وضعف الاقتصاد
الخبير الاقتصادي الدكتور كاظم الجصاني يرى ان التفاوت في أرقام أسعار المستهلك القياسية بين المحافظات وبالنسبة المذكورة( 9%) تؤشر هشاشة في استقرارية الأسواق وضعفاً في الاقتصاد، حيث ان التفاوت في الأرقام القياسية لأسعار المستهلك تبعا للمقاييس الاقتصادية يخرج عن حيز الأمان اذا ما تجاوز نسبة 5% ويكون مؤشراً خطراً ان وصل الى نسبة 9% لانه يدل على تأثر اقتصاد المحافظات بمؤثرات خارجية بغض النظر عن نوعها الا انها هي من يتحكم بارتفاع وانخفاض الرقم القياسي وهذا يعرض ما نسبته 40% من الدخل الفردي للضياع بسبب التقلقل وعدم استقرار الرقم القياسي لأسعار المستهلك.

مصادر تمويل السوق
المستشار الاقتصادي لمكتب بعثة الاتحاد الأوروبي باول ارميز يعتقد ان هذا التفاوت ناشئ عن عشوائية التجارة وعدم انضباطها واختلاف مصادر تمويل السوق بالبضائع والخدمات مما ينجم عنها اختلاف بالأسعار يخدع الجهات الراصدة فترى ان هنالك محافظة تتمتع باقتصاد نشيط وأخرى باقتصاد ضعيف ،وفي الحقيقة فان كلا المحافظتين صاحبة الاقتصاد النشيط او الضعيف تعاني من ذات المشكلة ولديهما مستوى الاقتصاد المحلي نفسه في ما يتعلق بالبضائع والسلع، اما الخدمات فهي تعني مقياساً أدق لقوة وضعف الاقتصاد يمكن اعتمادها ،وبالتالي فان المحافظة التي ترتفع فيها الأرقام القياسية لأسعار المستهلك للخدمات العامة تكون هي المحافظة صاحبة الاقتصاد الأنشط ،وتلك التي تنخفض فيها أسعار الخدمات تكون صاحبة الاقتصاد الأضعف ،لذا فان سيطرة حكومية على قطاع الخدمات العامة لفترة مؤقتة وبنسبة وسطية يعد علاجاً ناجعاً لتوحيد المستوى الاقتصادي للمحافظات الذي سيقود الى استقرار في الرقم القياسي لأسعار المستهلك للسلع والبضائع التي تتأثر على الدوام بأسعار الخدمات العامة.