ما أسباب تراجع القطاع المصرفي في تداولات الأسهم داخل سوق العراق للأوراق المالية؟

ما أسباب تراجع القطاع المصرفي في تداولات الأسهم داخل سوق العراق للأوراق المالية؟

استطلاع/ المدى الاقتصادي
يمثل القطاع المصرفي الحالة الأبرز والأنشط في تداولات سوق العراق للاوراق المالية، والى وقت قريب كان هذا القطاع يتقدم التداولات الاخرى، إلا انه وعلى حين غرة تراجع في حركة تداول الاسهم داخل السوق.

(المدى الاقتصادي) استطلعت آراء عينات من المعنيين بهذه القضية من اجل الوقوف على الاسباب والابعاد.
صيغ غير مرغوب بها
البعض من الشركات تعمل بصيغ التفافية وتحاول عدم دخول التداول من خلال بعد خروجها لاجتماع الهيئة العامة والاستمرار في المماطلة لمدة اربعة اشهربالكامل وهي المدة التي سيسمح بها القانون ومحاولة تمديد الفترة بعد ذلك التحجج ببعض الاسباب لانها تعلم بأنخفاض الاسهم على حد قول المستثمر محمد عمر.
وقال عمر: ان مصرف الاستثمار العراقي على سبيل المثال هو متوقف منذ 14/6/2010 ولغاية الاسبوع الماضي حيث اعلن فتح الاكتتاب علماً ان عملية الاكتتاب قد تستغرق شهرين، فيما لازال مصرف كردستان خارج التداول منذ 14/6/2010 ولم يعد للتداول حتى الان.
وأوضح عمر ان الهيئة العامة التي تتمثل بالمستثمرين مالكي الاسهم (رأس المال) بعد نهاية السنة المالية على المستثمر ان يجري اجتماعاً للهيئة العامة لكي تقر الارباح والخسائر او الرسملة او زيادة رأس المال من خلال الاجتماع ويكون القرار بأجماع الهيئة العامة فيعلن عن اجتماع للهيئة العامة ويأتي كتاب الى سوق العراق للاوراق المالية وهيئة الاوراق المالية ومسجل الشركات اذ يأتي كتاب رسمي للتبليغ قبل شهر على الاقل من موعد الاجتماع ومكانه والقضية التي سيناقشها.
وأضاف عمر: ان السوق في هذه الحالة يقول دخل لدينا كتاب الهيئة العامة للمصرف المعني قبل اسبوع من الموعد الرسمي للاجتماع لكي يوقف التداول بالتنسيق بين السوق والمصرف من خلال اجتماع حاملي الاسهم داخل الهيئة العامة وهم الان سيستغلون فترة الاربعة اشهر التي يسمح بها القانون لاسباب تتعلق بأنخفاض داخل السوق.

وضع القطاع المصرفي
المستثمر فاضل الخفاف الذ ي بدا منزعجاً مما آل اليه واقع القطاع المصرفي وهو يقول: ان البنك المركزي دمر المصارف واضر بالمستثمرين على حد قوله من خلال رفعه لرأس المال الى 250 مليار في وقت ليس للمستثمرين هكذا امكانية على ارض الواقع.
واضاف الخفاف: اول مصرف بدأ بالاكتتاب هو مصرف الوركاء بـ 150 مليار لم ينجح بجمع المبلغ حتى الان.
وتابع الخفاف: انا الان احاول ان اتجنب شراء اسهم مصرفية وانا الان بصدد تصفية الاسهم التي امتلكها داخل القطاع المصرفي وهذه الاسهم انخفضت حتى النصف، وانا الان اتجه لقطاعات الفنادق والخدمات، بينما في السابق كان القطاع المصرفي هو الانشط يليه قطاع الفنادق ثم القطاع الخدمي ومن ثم القطاع الصناعي،اما الان فالقطاع الصناعي هو في مقدمة التداول.
فيما قال المستثمر عباس العبد الله:العمل داخل البورصة في هذه السنة سجل خسائر لكن في الاعوام السابقة كانت العملية مربحة وخسائر هذا العام هي بسبب البنك المركزي وقراراته التي لا تهتم بمصالحنا كمستثمرين او كمواطنين.
واضاف العبد الله:كان على البنك المركزي دراسة واقع السوق واختيار الوقت المناسب لاتخاذ مثل هكذا خطوة والاخذ بنظر الحسبان عدم مجيء الشركات الاستثمارية على نطاق واسع حتى الان اذ ان السيولة مفقودة في السوق.
مدير شركة الجوهرة للوساطة في بيع وشراء الاوراق المالية المحدودة ورئيس مجلس ادارة جمعية وسطاء اوراق المال في العراق علي جمال امين قال: من ناحية حجم التداول فأن القطاع المصرفي يمثل الكتلة الاكبر من حيث حجم الاسهم العامة في سوق العراق للاوراق المالية وكمية كبيرة من الاسهم بسبب رؤوس الاموال العالية التي عادة ما تكون متركزة في القطاع المصرفي على سبيل المثال يوجد مصارف رؤوس اموالها مئة مليار او اكثر من مئة مليار فأذا ما قورنت بالشركات الصناعية نجد شركات صناعية لا تتجاوز رؤوس اموالها المليار والمليارين لذلك فأن القطاع المصرفي يمثل الحجم الاكبر من الاسهم وبالنتيجة فأن حجم التداول في الاسهم على القطاع المصرفي كان الاكبر في اغلب الاحيان.
واضاف امين، ان الحجم الكبير لرؤوس اموال القطاع المصرفي يعني وجود اعداد كبيرة من المساهمين والمستثمرين وبالنتيجة عمليات المضاربة تكون اكثر مما ينعكس على حجم التداول الذي يظهر في النشاط داخل البورصة وهذا يمثل صورة حجم التداول وسبب تقدم القطاع المصرفي على باقي القطاعات في السابق.
ولفت امين إلى ان المصرفين الحكوميين الرافدين والرشيد يعانيان من الشيخوخة في الاداء المصرفي اذ ان عملية السحب والايداع والقرض والاقتراض اصبحت عمليات مملة داخل المصارف الحكومية لذلك توجه المستثمرون نحو المصارف الاهلية التي تمتاز بالمرونة في التعامل وفق الشروط المصرفية برغم وجود بعض الكبوات لكن بشكل عام فأن القطاع الخاص المصرفي يحقق ارباحاً سنوية وعمل المصارف الخاصة نشيط برغم انه يقتصر حتى الان على عمليات السحب والايداع والاقراض والتسهيلات لاننا حتى الان لم نصل الى مرحلة فتح الاعتمادات الخارجية التي ترتبط بعمليات الاستيراد والتصدير والتي هي تمثل ثلثي ارباح المصارف العالمية.

حجم القطاعات الاخرى
المستثمر ماجد صبيح قال: حالياً القطاع الصناعي خلال الجلسات الاخيرة بدأ يمثل حجم تداول اعلى من الفترات السابقة.
واضاف صبيح: توجد مؤشرات على اتجاه عدد من الشركات الحكومية للخصخصة اذ تسربت لنا بعض المعلومات ان الدولة تعرض حصصها في شركتي الهلال والصناعات الخفيفة وهذه الخطوة ستشكل بداية التغيير وانسحاب الدولة من الشركات الصناعية وعرضها للخصخصة حتى تصل الى نسبة 100% ونحن كمستثمرين نتطلع لذلك.
فيما قال المستثمر احمد حسين: لقد غامرت بأموالي حين اشتريت اسهماً عقارية لان القطاع العقاري لازال يحبو ولدينا فقط شركتا معمورة والنخبة.
واضاف حسين اتمنى على الدولة ان تتجه في وقت قريب لتنمية قطاع العقارات الذي يفترض ان يكون الاقطاع الاول في تداولات الاسهم داخل البورصة في ظل مرحلة الاعمار ناهيك عن ازمة السكن.
ويقول المستثمرعلاء محمود: التراجع العام في القطاع المصرفي لم يكن بسبب تقدم القطاعات الاخرى ولكن كان بسبب قرار البنك المركزي هناك نحو عشرين شركة في قطاع المصارف تمتلك 50 ملياراً فما فوق لها ميزة في التداول بسب حجم رؤوس الاموال الكبير وحجم الشركات الكبير، لكن في الاربعة اشهر الماضية لم تكن في التداول سوى تسع الى عشر شركات مصرفية رفع رؤوس اموال المصارف التي تمتلك ميزة التداول.
محمد اسماعيل من شركة الرافدين للوساطة في بيع وشراء الاوراق المالية قال: في جلسات التداول يؤشر ان القطاع الصناعي 335 مليون سهم تداولي بينما قطاع المصارف 318 مليون سهم تداولي والقطاع الصناعي 388 مليون دينار قيمة التداول فيه، فيما قطاع المصارف 356 مليون دينار قيمة التداول مما يعني ان القطاع الصناعي جاء بالمرتبة الاولى وقطاع المصارف جاء بالمرتبة الثانية.
واضاف اسماعيل: الشهر الحالي شهد مرات عدة تقدم قطاعات اخرى على قطاع المصارف والسبب يعود لكون القطاع المصرفي فقد الميزة الكبيرة التي كان عليها قبل صدور قرار البنك المركزي في الشهر الثالث برفع قيم رؤوس الاموال من الموجود حالياً لغاية نهاية السقف الزمني مما ادى لتردد الكثير من المستثمرين في البيع والشراء.
والان تشكلت اسعارالاسهم بما تختلف عن الاسعار التي كانت موجودة في الشهر الثالث من هذا العام بالرغم من وجود نزول عام لتداول الاسهم داخل البورصة لكن قطاع المصارف كان به النزول اكثر من غيره.
وتابع اسماعيل:على سبيل المثال مصرف بابل كان تداول السهم فيه بحدود دينار ومئة فلس الان هو بـ 920 فلس اما مصرف بغداد الذي كان سعر سهمه بحدود الدينار وثمانمئة الان هو بـ دينار وثلاثمئة، فيما كان مصرف الشرق الاوسط الذي يحتل اهمية كبيرة خرج بتداول دينار ومئة فلس بعد ما كان يتداول بـ دينار و900 فلس والسبب هو قرار الهيئة العامة في المصرف بزيادة رأس المال من 60 مليار الى مئة مليار اي يحتاج الى 50% دفع اموال مما اثقل كاهل المستثمرين بصورة عامة.
واردف اسماعيل:في السابق كان القطاع المصرفي يحتل الاولوية ويصل بالتداول الى 93% من التداول العام اما الان فبدأ يفقد هذه القيمة إذ أن نسبته الان تقل عن 50% من قيمة التداول العامة.

البورصات العالمية
المستثمر في البورصة د.علي هادي تحدث قائلاً:من الناحية العملية سوقنا غير مرتبط بشكل مباشر مع الاسواق العالمية لكن يوجد ربط اخر غير مرئي من خلال المستثمر الذي عندما يجد نفسه خاسراً وان اسعار الاسهم متراجعة بشكل عالٍ في البورصات المجاورة وهو يمتلك استثماراً في سوق العراق فيبيع في المرتفع ويذهب ليستثمر في المتراجع فيجد تأثيراً ولكن بشكل غير مباشر ليس نتيجة لربط البورصات لكن من خلال المستثمر نفسه الذي يرتبط عمله بأكثر من بورصة والحالة بالعكس عندما ترتفع الاسواق في الخارج والاسوق في الداخل منخفضة فأنه سيبيع في الخارج ويأتي ليستثمر في الداخل وهذا النوع من الترابط هو الموجود.
واضاف هادي: اما البورصات العالمية فيكون الترابط من خلال كون الشركة الواحدة مسجلة في اكثر من سوق كشركة معينة تجدها مدرجة في بورصة دبي ومدرجة ايضاً في البورصة السعودية والمستثمرين ايضاً لكن نحن في العراق ليس لدينا اي شيء من هذا ولازلنا نعمل على نطاق محلي فالبوصة العراقية ليست مرتبطة بالاسواق العالمية.
وتابع هادي: يوجد تعاون للبورصة العراقية مع اسواق البورصات الاخرى من خلال سوق العراق للاوراق المالية ومن خلال اتحاد البورصات العربية واتحاد البورصات الاوروبية لكن ربطاً مباشراً لا يوجد.
المحلل الاقتصادي عباس الياسري قال: ان الذي يعيق تطور البورصة العراقية هوتخلف القوانين ونحن لدينا جملة من القوانين في العراق تتيح للمستثمر الاجنبي ان يستثمر لكن آلية الاستثمار وتحويل الاموال من الخارج الى الداخل وبالعكس لاتزال تواجه صعوبات والبنوك الموجودة غير عالمية بل هي بنوك محلية.
واضاف الياسري: البنك المركزي يراقب المستثمرين ويريد ان يستثمر البنك المركزي يريد ان يتأكد اين ستذهب هذه الاموال ومن اين جاءت ولدينا قوانين تحدد مبالغ معينة لا يجوز اخراجها.
وتابع الياسري: علينا ان نستفيد من تجارب من سبقنا وما سلكوه من طرق في عملية التحول التي ينبغي ان تكون سريعة والا ليس بالضرورة اذا هم قضوا عشرين سنة حتى وصلوا لما وصلوا عليه ان ننتظر نحن ايضاً عشرين سنة فيجب ان نبدأ من حيث انتهى العالم لكي نتمكن من مواكبة التقدم الاقتصادي.

حديث الخبراء
الخبير الاقتصادي غازي الكناني قال: ان القطاع المصرفي هو قطاع ريادي داخل البورصة منذ تأسيس سوق العراق للاوراق المالية في حزيران عام 2004 اذ كان يمثل 90% من تداولات البرورصة لكنه بعد 18/2/2010.
واضاف الكناني: هذا العام صدر قرار من البنك المركزي بزيادة رؤوس اموال المصارف الى 250 مليار وهذا مبلغ كبير جداً خلال ثلاث سنوات وفي توقيت غير مناسب اذ كان ينبغي ان تكون لمدة خمس سنوات على الاقل ابتداءً من سنة 2012 لكي تستطيع المصارف ان تهيئ نفسها في ظل الظروف السياسية والامنية فالتوقيت كان غير مناسب سيما وان السنة المالية 2010 ستنتهي ولم تشكل حكومة حتى الان مما يؤثر على الوضع الاقتصادي العراقي بشكل كبير جداً وينعكس على القطاع المصرفي الذي يرتبط بكل القطاعات.
رئيس اتحاد المصارف العراقية فؤاد الحسني قال: نحن مع قرار البنك المركزي لان رفع رأس المال قوة للمصارف وللعمليات المصرفية.
واضاف الحسني: كما ان الهدف من زيادة رأس المال هو حث المصارف على الاندماج لكي تتكون كيانات مصرفية اكثر قوة ورصانة.
المستشار في مصرف الشرق الاوسط فاروق صالح الرمضاني قال: ان تراجع قطاع المصارف في سوق العراق للاوراق المالية يرجع لثلاثة اسباب، السبب الاول قرار البنك المركزي لرفع رؤوس الاموال في المصارف الخاصة على ثلاث مراحل 250 مليار مما ادى الى سحب السيولة النقدية لان كبار المستثمرين سحبوا اموالهم.
واضاف الرمضاني: ان السبب الثاني كان قرار وزارة المالية بسحب ودائع القطاع الحكومي من المصارف الخاصة، اما السبب الثالث فهو عدم فتح الاعتمادات المستندية في المصارف الخاصة والاعتماد على المصرف العراقي.
واشار الرمضاني الى ان الحل الصحيح هو من خلال قيام البنك المركزي بأجراءات شديدة لدمج المصارف المتعثرة.
وبخصوص مدى قدرة المصرف على بلوغ رأس المال المحدد من قبل البنك المركزي اكد الرمضاني: ان مصرف الشرق الاوسط سيكون قادراً على تأمين المبلغ لكونه مصرفاً معروفاً ومفضلاً لدى عملائه.

صاحب القرار
مستشار البنك المركزي العراقي د. مظهر محمد صالح قال: ان قرار البنك المركزي لم يرض اصحاب القطاع المصرفي بحكم الظروف الاقتصادية.
واضاف صالح العضو في اللجنة المالية: كانت الغاية من قرار رفع رؤوس الاموال ان تكون المصارف اكثر قوة.
وتابع صالح: البنك المركزي يجب ان يكون اكثر مرونة في الموضوع والبنك المركزي جهة مستقلة وليس لاي جهة ان تؤثر عليه إلا في إطار هيئة البنك.
وذكر صالح ان بأمكان المصارف ان تندمج لتحقيق رؤوس الاموال المحددة من قبل البنك المركزي لكي تقل المصارف وتصبح اكثر قوة.