الياباني أكيرا كوروساوا:لن يتغيَّر العالم إلا إذا غيّرنا،الطبيعة الإنسانيَّة نفسها،وطرقنا في التفكير

الياباني أكيرا كوروساوا:لن يتغيَّر العالم إلا إذا غيّرنا،الطبيعة الإنسانيَّة نفسها،وطرقنا في التفكير

أجرت مجلة «سينيست» الأمريكية هذا الحوار مع المخرج الياباني الكبير أكيرا كوروساوا أثناء زيارته لنيويورك في عام 1986، واستهلَّت حوارها بالمقدِّمة التَّالية، مع ملاحظة أنَّ ما وضع بين الأقواس في هذه المُقدِّمة فمن إضافة المُترجم.

بدا ترشيح أكيرا كوروساوا لجائزة الأكاديمية في العام (1986) لأفضل مخرج اعترافاً، وإن كان متأخراً، بأن أعظم مخرج ياباني حيّ (توفي في عام 1998) هو أيضاً واحد من أعظم المخرجين العالميين. يُعد فيلم «ران»(فوضى) - فيلمه السابع والعشرين - ذروةَ مسيرته الاستثنائية، وهو العملَ المقتبس من «الملك لير» لشكسبير والذي حلم كوروساوا طويلاً بإخراجه. أثناء زيارة كوروساوا إلى نيويورك في خريف (1986)، وبالتزامن مع عرض فيلم «ران» في مهرجان نيويورك السينمائي، قابله كيوكو هيرانو الذي ترجم حوارهما من اليابانية.

٭ سينيست: ذكرتَ في لقاءٍ معك لمجلة يابانية أنكَ أردتَ في فيلم «ران» أن تصوِّر قدر الإنسان من وجهة نظر «سماوية»، فهل لكَ أن تفسِّر؟.
- أكيرا كوروساوا: لم أقل ذلك تحديداً. يُسيء الصَّحفيون اليابانيون فهمي، أو أنَّهم يستسهلون تلخيص ما أقوله فعلاً. ما عنيتُه هو أنَّ بعضاً من المشاهد المفصليَّة في الفيلم مبنيَّة على تساؤلاتي المتعلِّقة بالكيفية التي يعي الرَّب وبوذا- هذه الحياة البشرية، وهذا الجنس البشري العالق في النَّماذج السُّلوكية السَّخيفة ذاتها. صُوّر «كاجيموشا» كظلِّ المحارب١ الذي كان يشهد المعارك المحدَّدة التي خاضها، بالإضافة إلى فترة الحروب الأهلية، بشكلٍ عُمومي، ومن وجهة نظرٍ مُحيطة. أردتُ، هذه المرَّة، في فيلم «ران»، أن أصوِّر الرؤية الأوسع بأسلوب أكثر موضوعية. لم أعنِ أني أردتُ رؤية الأشياء من خلال عيني كائن سماوي.

٭ سينيست: أيَّا من الجماهير اجتذب فيلم «ران» في اليابان؟.

- كوروساوا: اجتذب شريحةً واسعةً من المشاهدين، بما فيهم جمهور أفلامي الأثير بالطَّبع. لسببٍ ما، ذهبتِ نساء كثيرات لمشاهدته، ولا أعلم تحديداً لماذا. أعرف أنَّ بعضاً من المُسنَّات - من اللواتي يعملن كـحاملات لحقائب اللاعبين في ملاعب الجولف قرب جبل فوجي، حيث صوِّر جزءٌ من الفيلم- ذهبنَ لمشاهدة الفيلم في طوكيو. لقد أحببنَ الفيلم كثيراً، وطلبنَ منِّي إخراج فيلم آخر.

٭ سينيست: كنتَ تخرج أفلاماً تصوِّر هموماً سياسية واجتماعية بطريقة أكثر مباشرة، كما في فيلم «فضيحة»(1950)، و فيلم «ينام الأشرار هنيئا»(1960)، لكن باتت أفلامك مؤخراً تعود إلى فترات من الماضي، وأصبحت تبدو أكثر فلسفية.

- كوروساوا: أعتقد أنَّ العالم لن يتغير حتَّى لو تفوهت بعبارةٍ مباشرةٍ من قبيل افعل هذا وذاك. لن يتغيَّر العالم إلا إذا غيرنا، وعلى نحو مثابر، الطَّبيعةَ الإنسانيَّة نفسها، وطرقنا في التَّفكير. يتحتَّم أن نتحرَّر من الشُّرور المتجذِّرة في الطَّبيعة الإنسانيَّة، بدلاً عن تقديم حلول محدَّدة للمُعضلات، أو بدلاً عن تجسيد مشاكل اجتماعية بصورةٍ مباشرةٍ، ولذلك ربَّما أصبحت أفلامي أكثر فلسفية.

٭ سينيست:هل كنتَ تفكِّر بهذه الطَّريقة عندما كنتَ شاباً؟.

- كوروساوا: لا، لم أكن أفكر هكذا حين كنتُ شاباً، ولذلك كنتُ أخرج مثل تلك الأفلام، لكنِّي أدركتُ أنَّ ذلك لم يكن مؤثِّراً، ولن يتغيَّر العالم. ليس الأمر ببساطة تحريك الأشياء من اليسار إلى اليمين، كنتُ أتصدى لهمومٍ مُتعلِّقة بفتراتٍ مُعيَّنةٍ، وأثق أنَّي أعبِّر عمَّا ينبغي أن أعبِّر عنه في أفلامي، لكنِّي لا أظنُّ أنَّ الرَّسائل تظهر في أفلامي بشكلٍ جليٍّ، فهي النِتاجات المُتقدِّمة لأفكاري. لا أحاول أن أُعلِّم أو أنقل رسالةً ما، لأنَّ الجمهور يمقتُ ذلك، ويمتعض من أمور كهذه، وينأى عنها. يذهب النَّاس إلى مشاهدة الأفلام ليستمتعوا. أظنُّني جعلتهم ينتبهون إلى المشكلات دون أن أضطر إلى جعلهم يتعلَّمونها بشكلٍ واعٍ…يؤثِّر النُّقاد على جمهور اليوم بطريقةٍ سلبيةٍ، فهم يرون الفيلم هنا (كوروساوا يُشير إلى رأسه). كلا! أريدهم أن يشاهدوا الأفلام من هنا (كوروساوا يشير إلى قلبه) لأنَّني أخرج الأفلام وأنا أفكِّر بتلك الطريقة. لا أريدهم أن يحاولوا تفسير كلَّ شيء. النَّاس التي تدفع لمشاهدة فيلم ستشاهده كما هو. بالإضافة إلى ذلك، لا أعتقد أنَّ للسِّينما بُعداً واحداً، بل عدَّة أوجه. ينبغي للفيلم أن يبدو دائرياً (ذا أبعادٍ مُتعدِّدة) في الحالة المثاليَّة، وعلى الرَّغم من استحالة تحقيق هذا الشَّكل ماديًّا، فإنَّه من الممكن محاولة الوصول إليه. ينبغي على الفيلم أن يفتن المُفكِّرين والمُتعمِّقين من النَّاس، بينما في الوقت ذاته، عليه أن يُمتع النَّاس العاديين أيضاً. ولو استمتعت مجموعة صغيرة ومغلقة من النَّاس بفيلم ما، فإنَّه لن يحقِّق أثره. على الفيلم أن يُرضي شريحةً عريضةً من النَّاس، كلَّ النَّاس.

٭ سينيست:هل خضعتَ لضغوطات سياسية حين أصبحتْ أفلامك تتناول مواضيع سياسية بأسلوب أكثر مباشرة؟.

- كوروساوا: في نهاية فيلم «أكيرو» مثلاً، بعد مراسم الجنازة، سارت الأمور بطريقة بيروقراطيَّة مجدَّداً في مكتب الشَّخصية الرَّئيسة في الفيلم. أعلمني نائب رئيس شركة الإنتاج أنَّنا انتقدنا البيروقراطيَّة بما فيه الكفاية قبل ذلك المشهد، ولا نحتاج إلى ذلك المشهد الأخير. فقلتُ له: «لكَ أن تحذف هذا المشهد على الرَّحب والسِّعة، لكن في تلك الحالة، من فضلكَ، قم بحذف جميع مشاهد الفيلم أيضا». كانت الشَّركة في حالة خسارة، فأخبروني في النِّهاية أن الفيلم سيبقى حسناً كما هو…حاولت شركات الإنتاج احتواء أي إشكاليَّات مُحتملة كهذه حينما كنتُ أحاول إطلاق عبارات مباشرة، لكنني لم أخضع لمثل تلك الضغوطات. ذكرتَ أنِّي لم أخرج فيلماً يحتوي على ثيمات معاصرة. أظنُ لو أنِّي اخترتُ إشكاليَّات مُعاصرة كمواضيع لأفلامي، لما تجرَّأت شركة بتوزيعها. وإذا لم توزِّع شركة أفلامي، فلن يكون لي سبب لإخراج تلك الأفلام…في المشهد الأخير من فيلم «ينام الأشرار هنيئا»، لعلَّ كلَّ مشاهد استنتج أنَّ رئيس الوزراء «كيشي» آنذاك كان المصدر الأكبر للفساد، وهو الذي كان يتحدَّث في الطرف الآخر من المحادثة. ولهذا السبب لم تُعِدْ شركة الإنتاج إطلاق الفيلم على الرغم من توق الجمهور لمشاهدته من جديد. قال فرانسيس فورد كوبلا إنَّه كان فيلمه المفضَّل. لم تكن الشركة لتوزِّع الفيلم لو عُرفتْ تلك الشَّخصية المجهولة. تعمَّدت أن أكون واضحاً، ولم يكن منتجو الفيلم قادرين على استيعاب ذلك حين قرأوا السيناريو، ولذلك وافقوا عليه، ودفعوا أموالهم. منتجو الأفلام هم أقل مَنْ يفهمها.

٭ سينسيت: أ هم أسوأ من نقَّاد الأفلام؟.

- كوروساوا: بكل تأكيد. نحن نكتب السيناريوهات بمهارة ونرسلها لهم، بينما لا يفهم المنتجون ذلك فعلاً. أما بالنِّسبة للنُّقاد فهم من كلِّ الأنواع. كثير من نقاد الأفلام اليابانيين غريبو الأطوار. يكتبون مراجعات، وكأنَّ ثمَّة قوانين محدَّدة فيما بينهم كأن يقولون لبعضهم بعضاً: «هذه المرة سأكتبُ مراجعةً إيجابيةً، لتكتبَ أنتَ مراجعةً سلبية». يعتمدُ الأمر على من يدفع لهم، وليس على إرادتهم أو آرائهم الشَّخصية.
٭ سينيست: أصبح جزء من النَّقد السِّينمائي في اليابان تفكيرياً مؤخَّراً، إذ شرع الأكاديميون في الكتابة عن الأفلام مُوظِّفين مذاهب نقديَّة جديدة كالبُنيوية. هل ترى أنَّ هذا أسهم في تطوير جودة النَّقد السِّينمائي؟.

- كوروساوا: إنهم يستخدمون مُصطلحات مُتحذلقة للغاية، ولست أؤمن بهذه العقلنة أو الرَّطانة. ينبغي أن تكون الأفلام أكثر مصداقيَّةً في ارتباطها بالمشاعر الإنسانيَّة. خذ على سبيل المثال مصطلح «الفكر المتعامد في السِّينما». يرغبون في إطلاق العنان لمثل هذه الرَّطانة، لكنِّي لا أفهم حقاً ما الذي تعنيه، وهو أمر ينسحب على النَّقد الموسيقي أيضاً. يقول تورو تاكيميستو وآخرون إنَّ هؤلاء النُّقاد لا يفهمون شيئاً، مُستغرباً مما تعنيه كل تلك العُجمة… السَّيد هايدو كوباياشي (ناقد فنون شهير) استخلص بعد كتابة كل ذلك الكم من التَّحاليل النَّقدية، واستحسن، بعد كل هذا، الأعمال التي أثنى في نقده عليها: «أعتقد أنَّ دور النَّاقد تشجيع الفنَّانين من خلال العثور على المواضع الحسنة في أعمالهم. إنَّ مجرد الإشارة إلى النُّقاط السَّلبية لأمر سخيف. إنَّه من الأفضل الصَّمت. وحتَّى لو انتقدتَ بقسوةٍ، فإن ذلك لن يُصلح العمل. إن كنتَ تكرهُ العمل الذي تنقده، فتجاهله فقط». هذا ما قاله…لن يتَّفق الفنَّانون مع النُّقاد. يرغب الفنَّانون بالثَّناء، سواء استحقوه أو لم يستحقوه. أسوء ما يمكن أن يظهر من ناقد هو أن يكتب مُراجعةً سلبيةً نكايةً في المُراجعات الإيجابية التي يكتبها الآخرون، ولا يفعل ذلك اقتناعاً بما يكتب، ولكن رغبةً منه في الظهور. للنُّقاد حُريَّة النَّقد وكتابة ملاحظات سلبية، لكنَّ الذي لا يمكنني أن أتسامح معه هو أن أُهاجم بكرهٍ وأنعتَ بالغبي وبالأحمق. لا أفهم ما الذي فعلته بهذا الرَّجل (النَّاقد) لأستحقَ هذا. ينبغي أن يكون منبع النَّقد المحبَّة، لا الكره. يكتب النُّقاد في اليابان أشياء غير معقولة. ادّعوا في هذه المرَّة، مثلاً، أنِّي أخرجتُ فيلم «ران» لأجني الأموال. لو كان ما قالوه صحيحاً لكنتُ قد أخرجتُ فيلماً أكثر سهولة. لقد كان صعباً إخراج ذلك الفيلم، لكنِّي معتاد على الافتراءات. ستكون كذبةً لو قلت إنِّي لا أكترث، إنِّي أتجاهل كلَّ شيء.

٭ سينسيت: قلتَ مرَّة إنَّ أهمَّ أمر بالنسبة للشباب الطَّموحين في أن يصبحوا مُخرجين هو قراءة أدبيَّات العالم الكلاسيكيَّة. هل مازلتَ تؤمن بهذا؟.

- كوروساوا: بكل تأكيد. من المستحيل قراءة كل شيء، لذا على المرء أن يعثر على الكُتَّاب الذين يحبُّهم، ومن ثم يعثر على الأعمال الأثيرة لهؤلاء الكُتَّاب ويقرؤها مراراً وتكراراً. وبالتَّالي يُصبح فهمه لشخصيَّات هذه الأعمال مُتعمقاً. للمرء مرحلة استيعاب معيَّنة بعد قراءة العمل للمرَّة الأولى، ولكن بعد قراءته عشر مرَّات، ستكون مرحلة استيعابه مختلفةً تلقائياً. من المهم أيضاً أن يستوعب الممثِّلون شخصيَّات الأدوار التي سيتقمَّصونها… إنَّ أفضل ما يمكن فعله هو كتابة السِّيناريوهات، وهذا من أساسيَّات الصَّنعة، لأن السِّيناريو المُتميِّز يمكن أن يُصبح فيلماً متميِّزاً، وحتى لو أخرجه مخرج من الدَّرجة الثَّالثة، بينما لا يمكن لسيناريو رديء أن يصبح فيلماً مُتميِّزاً، ولو أخرجه مخرج من الطِّراز الأوَّل. لذا يتعيَّن على المرء أن يُدرك أهميَّة السِّيناريوهات. كذلك حين يرغب أحدهم في دراسة صناعة الأفلام، فإنَّ استهلاك مادة الفيلم الخام وإنشاء مواقع تصوير يكلِّف أموالاً طائلةً، ولا يُمنح المرء عادةً فرصاً مثل هذه، في حين لا تكلِّف كتابات سيناريو سوى ورق وأقلام. تتطلَّب محطَّات التلفزة، خصوصاً في اليابان، الكثير من السِّيناريوهات الجيَّدة، أما الأفلام فحدِّث ولا حرج. لطالما نصحتُ معشر الشباب بكتابة السِّيناريوهات، لكنَّهم لا يفعلون.

قال بلزاك مرَّةً إنَّ أهم أمر بالنَّسبة للروائيين هو أن يحتملوا سأم مشقَّة كتابة السَّطر تلو الآخر من حروف الأبجدية. أما هؤلاء الشَّباب فليسوا صبورين بما فيه الكفاية.. إنَّهم لا يرغبون حتَّى في أن يبذلوا جهداً في قراءة الرِّوايات. يظنُّون أنفسهم موهوبين، لكن ليس لديهم ما يُظهر ذلك. اجتذبتُ في فيلم «ران» مساعدي مخرجين شباب وطموحين. اخترتُ ثلاثة من بين الكثير من المُتقدِّمين، بناءً على السِّيناريوهات التي تقدَّموا بها. أحاول دائماً تشجيع المواهب الشَّابة. كان ثمَّة شاب إيطالي، وأصبح مخرجاً مساعداً في «ران» أيضاً. لقد تعلَّم التَّحدث والكتابة باليابانيَّة.

ينبغي أن تُصبح القراءة والكتابة اعتياديتين، وإلاَّ استعصى الأمر. لا يكتبُ، في هذه الأيام، مساعدو المخرجين الشَّباب سيناريوهات مُتعلِّلين بأنَّهم منشغلون. كنتُ أكتب في كلِّ الأوقات. يصبح عمل مساعد المخرج الأول شاقاً ومُعقَّداً للغاية في موقع التَّصوير، ولذلك كنتُ أكتب في منتصف اللَّيل على الفراش. تمكنتُ من بيع كلِّ تلك السِّيناريوهات بسهولةٍ، وكنتُ بذلك أتقاضى أكثر من راتب أي مساعد مخرج. كان ذلك يعني أنَّه بإمكاني الشُّرب أكثر. وهكذا كنتُ أكتب، فأشرب، وحينما أفلس، أكتب مرَّةً أخرى. كان أصدقائي ينتظرون منِّي كتابة سيناريوهات، لأحصل على المال، فنشرب. كنَّا، أثناء شربنا، نتحدَّث طوال الوقت عن الأفلام. إنَّ بعضاً من تلك الأحاديث أصبحت جزءاً من مشاريع قادمة. وحتَّى الآن، حين نحتسي الشَّراب مع الطَّاقم والممثلين في الموقع بعد الانتهاء من التَّصوير، نتحدَّث عن عملنا، وأحياناً تكون تلك أهم أحاديثٍ لدينا.

٭ سينيست: الشَّاشة الضَّخمة في «مركز لينكولن» تُظهر أثراً دراماتيكياً مُدهشاً لفيلم «ران» مقارنةً مع الشَّاشات الصَّغيرة في غرف العرض الصحفية؟.

- كوروساوا: عرض «ران» في باريس في شاشةٍ مُخصَّصة لعرض أفلام ٠٧ ميليمترا، وظهرت مشاهد المعارك بالذَّات عظميةً، وكانت المشاهدة مثيرةً مع نظام الستيريو ذي القنوات السِّت. أحدثَ الجمهور الذي لم يستطع الدخول في الصالة ضجيجاً صاخباً خارجها، إلا أنَّه كان مسموعاً داخلها، لكنَّ بعض المَشاهد النَّفسية والمُرهفة ربما لم تكن موفَّقة هناك. أشعر أحياناً أنَّ مثل هذه المشاهد تتناسب أكثر مع صالات أصغر وأكثر هدوء. لا توجد صالات عديدة من التي تعرض أفلام ٧٠ ميليمترا. أظنُّ أنَّ أفضل الأفلام التي صُّورت بكاميرات ٧٠ ميليمترا كانا «بن هير» لـ«ويلز»، و«لورنس العرب» لـ«لين». لن يكون مشهد سباق العربة تحديداً في الفيلم الأول مثيراً لو لم يعرض في شاشة مخصَّصة لعرض أفلام ٧٠ ميليمترا.

الهامش
١- كاجيموشا كلمة يابانية تعني ظل المحارب، وهي تستخدم لوصف المرء الذي يتقمص شخصية ما. الموسوعة الحديثة.

عن مجلة "نزوى" العمانية