بغداد/ علي الكاتب
ظاهرة تكاد تمثل ملمحاً لافتاً للنظر في بلد مثل العراق الذي يعاني اقتصاده من اختلالات وظواهر سلبية ليست وليدة الساعة بقدر ماهي تراكمات سابقة، وهي بلا شك ستؤدي الى مواجهة عدد كبير من المشكلات الاقتصادية والاجتماعية التي يصعب ايجاد الحلول لها في المدى المنظور.
قال الدكتور رائد الفياض استاذ الاقتصاد في كلية المنصور الجامعة: ان الاقتصاد العراقي يعاني في الظروف الراهنة من مشكلات اقتصادية منها مشكلة الارتفاع الكبير في معدلات البطالة، خاصة بعد ان تحول أكثر من نصف الخريحين الجامعيين عاطلين عن العمل، وهي بطالة تصنف كونها بطالة هيكلية ناجمة عن تفاقم ظاهرة الاختلال في الهيكل الانتاجي كنتيجة لتوقف قطاعات الإنتاج الرئيسة وخاصة في قطاعات الزراعة والصناعة التحويلية وبقية المفاصل الخدمية الاخرى من حيث التحول في أنماط الطلب على القوى العاملة في سوق العمل، فضلا عن دور العامل الموضوعي المرتبط بطبيعة سوق العمل التي تتطور بسرعة أكبر من التطور في نظام التعليم والتدريب وما سيترتب على ذلك من التطور من اختلال العلاقة بين الشروط المطلوبة في سوق العمل والمؤهلات المعروضة من مخرجات النظام التعليمي.
ويضيف: هي في الغالب ترتبط بمجموعة واسعة ومتشابكة من العوامل والتحديات وفي مقدمتها التوجهات غير الرشيدة للسياسات الاقتصادية في الحقبة الماضية التي أهملت القطاعات الإنتاجية وعمدت الى تسخير الإيرادات النفطية لتمويل الحروب وتبني السياسات النقدية والمالية التوسعية وتمويل العجز في الموازنة العامة عبر الإصدار النقدي الجديد، ما ادى إلى ارتفاع معدلات التضخم وتدهور مستويات المعيشة، وفي مقابل ذلك القيام بخفض معدلات الإنفاق على قطاعات التعليم والصحة، مما ادى الى ارتفاع معدلات التسرب من المدرسة وتدني كفاءة النظام التعليمي، وتدهور إنتاجية المعامل وانخفاض رؤوس الاموال المشاركة في المشاريع المختلفة، ما ادى الى انحسار فرص العمل سواء في السوق المحلية او الوظائف الحكومية على حد سواء وان كان هناك تفاوت في نسبة كل منها، حيث كانت السوق تستقبل بين الحين والحين اعداداً كبيرة من العاطلين عن العمل خلاف الوظائف الحكومية حيث انحسرت فرص الخريجين في الحصول على الوظيفة المناسبة.
وتابع: ان عدم توفر فرص العمل المناسبة للخريجين من الشباب وعدم توفر الوظائف الكافية واقتصار الوظائف على شريحة معينة جعلتهم يلجاؤن الى الهجرة والسفر الى الدول المجاورة للبحث عن الوظيفة المناسبة هناك، بسبب تردي الوضع الاقتصادي وارتفاع اسعار السوق بشكل مستمر مقارنة بثبات الدخل اليومي للفرد، وهو يشجعهم على الهجرة بحثا عن العمل والمستوى المعيشي والاقتصادي والاجتماعي المناسب الذي يطمحون له.
فيما قال محمد سعد ناجي التدريسي في كلية الادارة والاقتصاد في جامعة بغداد: ان السياسات الاقتصادية للنظام السابق خاصة في أنماط الطلب للقوى العاملة ادى الى زيادة معدلات البطالة والنقص الواضح في فرص العمل المتاحة للراغبين في العمل والوظائف، وبلا شك ان الاقتصاد العراقي لايزال يواجه تحديات في هذا الموضوع خاصة في توظيف الموارد النفطية من اجل بناء اقتصاد قوي يؤمن زيادة مستمرة في النمو وتشغيل القوى العاملة والقدرة على تمويل مشاريع البنية الأساسية والخدمات العامة، مع اهمية التنويع في الموارد الاقتصادية الى جانب القطاع النفطي والتأكيد على أهمية التصرف الرشيد بالإيرادات النفطية ورفع مستوى النشاط الاستثماري والإنتاجي وتعزيز دور القطاع الخاص كسبيل وحيد لزيادة الدخول والتوظيف والتحسن في مستويات المعيشة على أن يقترن ذلك ببرنامج اقتصادي يهدف إلى توظيف الإيرادات النفطية لصالح الاستثمار العام في برامج ومشاريع البنية الأساسية والخدمات الاجتماعية العامة.
واضاف: ان توجيه النسبة الكبرى من التخصيصات الاستثمارية لدعم القطاعات السلعية الأساسية وخاصة الزراعة والصناعة ومشروعات البنى التحتية والكهرباء والمياه، ودعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة وتنميتها لكونها تعد مشاريع كثيفة العمل تسهم فعلياً في امتصاص جزء كبير من البطالة، والعمل على تحديث المناهج التعليمية لمواكبة التطورات العلمية، وبما يضمن تأهيل الخريجين من الناحيتين العلمية والعملية، و استحداث برنامج وطني يقوم على التنسيق بين الوزارات المختلفة لخلق فرص العمل التي تتناسب ومؤهلات الخريجين،
و إعادة النظر بخطة القبول المركزي بالتركيز على هدف المواءمة بين مخرجات التعليم و احتياجات سوق العمل، والاهتمام بالتعليم المهني والتقني بما يعزز مهارات الخريجين ويلبي احتياجات سوق العمل، والاهم من ذلك كله دعم القطاع الخاص من أجل خلق المنافسة المشروعة بينه وبين القطاع العام خدمة لدعم الاقتصاد الوطني.