المعلقات وعيون العصور..قراءة رائدة لتراثنا الشعري والكشف عن جماليات المعلقات السبع

المعلقات وعيون العصور..قراءة رائدة لتراثنا الشعري والكشف عن جماليات المعلقات السبع

قراءة: عبد الأمير خليل مراد
تظل المعلقات السبع ميدانا خصبا لآراء الباحثين والدارسين, وقد الفت في هذا الميدان العديد من الكتب والدراسات التي تناولت هذه المعلقات بوصفها إبداعا مختلفا ومؤسسا للشعرية العربية, وفد اختلف الدارسون حول أبعادها الفنية وتاريخها ومصادرها وشراحها.

ويأتي كتاب الدكتور, سليمان الشطي (المعلقات وعيون العصور) والصادر في سلسلة عالم المعرفة المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب, في مقدمة الدراسات الجادة التي تناولت هذه المعلقات بوعي نقدي متميز, حيث استطاع الباحث أن يزيح عن بالنا الكثير من القناعات والتي استندت الى الأوهام والتاريخ المضطرب، وبهذا لا يمكن أن تستقيم هذه الأوهام أمام الاستقراء التاريخي الموضوعي والنظر النقدي التحليلي.
وقد أشار الباحث في تمهيده للكتاب إلى أسباب تسميتها بالمعلقات واختلاف الرواة حول عددها ,حيث أوضح هذه الحقيقة وبيان دقة ما وصل إلينا عبر العصور من اجتهاد وتعدد في الروايات, فهناك مؤرخون يقررون تعليقها على أستار الكعبة وآخرون ينفون مثل هذه القضية وبين الدكتور الشطي آراء بعض المستشرقين الذين اعتنوا بدراسة المعلقات كالمستشرق الألماني (تيودور نولدكه) و(الفريد كريمر) و(اهلورد) و(تشالزليال), بالإضافة إلى عدد من المؤرخين والدارسين العرب الذين اختلفوا حول هذه المعلقات اسمها وعددها, فهناك من يقرها وهناك من يرفضها,ويأتي في مقدمة الاسماء التي تناولت المعلقات،الرافعي، ومحمد الخضر وطه حسين وعبد المتعال الصعيدي والدكتور احمد الحوفي وشوقي ضيف وجرجي زيدان والزيات وبدوي طبانة وناصر الدين الأسد وغيرهم.
وخلص الدكتور الشطي إلى أن المعلقات تمثل مختارات نالت عناية خاصة في التوثيق والعرض والشرح, وتم تدوينها بصورة منظمة بداية القرن الثالث عشر ,كما أنها انحدرت ضمن الدواوين السبعة التي كانت في مقدمة الدواوين التي اهتم بها العلماء جمعا وتوثيقا.
وفي الفصل الأول المعنون بـ (في البدء كانت الشروح) أوضح الباحث دوافع الاهتمام بهذه القصائد وشروحها المتعددة, وكيف كان رواتها المعاصرون لشعرائها يستوضحون ما استعصى عليهم من معان في بعض القصائد، مبينا المراحل التي نضجت فيها هذه الشروح, كما أشار إلى الطريقة, أو المنهج الذي تبناه أبو سعيد الضرير وهو يمثل صفوة الشروح لهذه القصائد. وتناول الدكتور الشطي الشروح بعد القرن الرابع الهجري حيث أشار إلى كثرة أعدادها واعتمادها على الأصول السابقة، اذ بقيت تستمد منها المعلومات وتدور في فلكها اقتباسا أو نقلا كاملا, ومن هذه الشروح, هو شرح الزوزني, والتبريزي, وأبي البركات الانباري, واللخمي, والوهراني, والحلبي, وهناك شروح للمتأخرين كشرح ابن القمم الكموني, وكمال الدين الدميري واحمد بن الفقيه والعوفي والفاكهي, بالإضافة إلى وجود شروح أخرى ظهرت في القرن العشرين, خصوصا عند اصحاب الاتجاه الإحيائي للتراث العربي والذين اهتموا بهذه القصائد, كالنعساني والشنقيطي والغلاييني, وبكري شيخ أمين وطلال حرب وعبد الملك مرتاض الذي استفاد من المناهج الحديثة في قراءته لهذه القصائد, حيث تناول نظام النسج اللغوي في المعلقات معتمدا على الأسلوبية باعتبارها الإجراء الذي يضبط سطح النظام النسجي للكلام, بالإضافة إلى دراسة الإيقاع ورمزية المرأة, وقد اندرجت هذه الدراسة كما بين الدكتور الشطي ضمن حقل الانثروبولوجيا, حيث تناولت الحيز الكلي, مصنفا إياها من حيث دلالتها على المياه والأمكنة.
وفي الفصل الثاني المعنون بـ(نظرات تعليمية: شروح الدواوين) أوضح المؤلف الهدف الواضح من هذه الشروح ,والمناهج التعليمية التي انعكست على النظرة الخاصة وطريقة كل شرح ,وقد لخصها ضمن ثلاثة اتجاهات رئيسية تحت إطارها التعليمي وهي:
ا. المنهج التعليمي الفني. ب. المنهج التعليمي اللغوي. ج. المنهج التعليمي التلفيقي.
وقد مثل للمنهج الأول (التعليمي الفني) بالأعلم الشنتمري، وهو يضع عدة ملامح رئيسية لشرحه أولها: اهتمام بجلاء وتوضيح معنى اللفظ الغامض على طلابه وقارئيه, وهذا يستدعي (تفسير جميع غريبه) وثانيها: إدراك جوانب المعنى وفهمه, فاختراق حاجز اللفظ يؤدي إلى الإطالة به, أما الملمح الثالث فهو: الاهتمام بالغامض من الإعراب, أما الرابع: فالإيجاز من دون إخلال أو إملال وعدم الإسراف في الروايات أو التوقف عند الخلافات, وتقصي معاني الغريب, وهذا كله يضعه ضمن كلمة جامعة لعلها تمثل الملمح الخامس حيث إن خطته تهتم وتؤكد أن(فائدة الشعر معرفة لغته ومعناه). ومثّل للمنهج الثاني (اللغوي التعليمي) بالبطليوسي, الذي مثل شرحه لهذا الاتجاه, حيث يبرز الهدف التعليمي اللغوي, فيتضاءل إحساسه بالمعنى بدرجة واضحة, يعرض لأقوال العلماء اللغوية, مع مس خفيف للمعنى, وهو لا يضيف جديدا كما يقول المؤلف للمتمرس في قراءة الشروح أو من له اطلاع بين في الشعر الجاهلي وفهمه ,وقد مثل لهذه الشروح بمثالين الأول بين امرئ القيس (فتوضح فالمقراة لم يعف رسمها /لما نسجتها من جنوب وشمال), والمثال الثاني بيت زهير بن أبي سلمى (رأيت المنايا خبط عشواء من تصب / تمته ومن تخطئ يعمر فيهرم).
ويرى المؤلف أن البطليوسي قد استمد شرحه فيما يتعلق بالقصائد الخمس الداخلة ضمن القصائد السبع من أصلين أساسيين هما شرح الانباري وشرح ابن النحاس في مراوحة بين الطرحين مع إدخال بعض المعلومات العامة معتمدا فيها على ثقافته العربية.
كما مثّل للمنهج الثالث (معلمون ملفقون) بالتبريزي والجواليقي، والتي مثلت كتبهم مجموعة من المعلومات والمؤلفات المقلدة لما سبقها أو ملفقة بينها. وهناك نوعان من تلك الكتب, بعضها يلفق بالبسط حيث يحوي مجموعة مؤلفات في كتاب واحد. والنوع الثاني فهو الملفق المختصر وهي معدة للطلبة ويستفيد منها المعلمون في أداء مهمتهم وهي تنحو إلى البساطة والتلخيص أولا والتلفيق ثانيا.
ويرى المؤلف أن منهج التبريزي يعنى بالجانب التعليمي التثقيفي ونصوص أعماله تقدم لنا معلما يوفق بين ما يراه يكمل بعضه بعضا, ويحذف ما يجده حملا, يقدم حاجة المتعلم لا العالم, العابر لا المتريث.
أما الجواليقي فهو امتداد مباشر للتبريزي تمثل في شرحه علمه وطريقته, ويلاحظ أن الجواليقي ذو عناية محدودة بالشرح وبسيطة من حيث طبيعة التناول وحجمه, كما يوضح الدكتور سليمان الشطي أن شرح الجواليقي لا يزيد على شرح التبريزي, مقتنصا المفردات والعبارات عنه وهو يتبع منهجه وطريقة عرضه للمادة في أدق التفاصيل, وكانت شروحه هي تلخيص للتلخيص.
وفي الفصل الثالث المعنون بـ(نص المعلقات بين يدي الثقافة اللغوية) أشار المؤلف إلى تحديد مفهوم المنهج اللغوي في قراءة المعلقات, دراسة الأدب يجب أن تعنى بمادته الرئيسية وهي اللغة, ومن هذه الأرضية ينطلق اصحاب هذا المنهج نحو إزالة إبهام الكلمات من خلال تقصي معناها ودلالتها وموقفها المتميز في النص.
كما استعرض في هذا الإطار رأي الناقد الانكليزي ا.ا. ريتشاردز الذي ركز على علم دلالة الألفاظ وتطورها, وقد توصل في دراسته المختلفة إلى نتائج واضحة عن ماهية الأدب واستخدامه للغة واختلافه عن الاستخدام العلمي لها.
وبين الباحث أن الشروح العربية القديمة للشعر, تعتمد أساسا على الفهم اللغوي للنص, الذي تكون ابسط صوره شرح المفردات ثم تعميق النظرة لتصل عند النقاد والبلاغيين إلى مستوى عميق بالغ الجودة كما تمثلت في نظرية النظم عند عبد القاهر الجرجاني.
كما تناول الدكتور الشطي ثلاثة شروح عنيت بهذا الجانب وهي (شرح ابن كيسان) و(شرح القصائد السبع الطوال الجاهليات)لابن الانباري و (شرح القصائد التسع المشهورات)لابن النحاس، فابن كيسان يمثل في شرحه المقدمة الطبيعية لأصحاب المنهج اللغوي من الشراح, ويلاحظ من طريقته المبسطة والمعتدلة لا يبتعد كثيرا عن مقصد البيت الأساسي, حيث يقدم مدخلا طيبا وفهما معقولا للمعنى, يتلقاه القارئ فتنطبع في ذهنه صوره كافية له لا إسراف فيها.
ويرى الدكتور الشطي أن ابن الانباري جسد في شرحه المنهج اللغوي, بمفهومه القديم, في أتم صوره وأكثرها تعبيرا عنه, كما امتاز منهجه بالتوفيق ودقة المصادر التي يستقي منها مادته وشرحه للمفردات في مستوياتها المتعددة. أما ابن النحاس فقد تبنى منهجا لغويا خاصا, يفسر من خلاله الشعر ويشرحه من الزاوية التي يرى أنها الجانب المهم. وان أكثر شروحه عبارة عن دروس وآراء متفرقة لعلوم النحو مطبقه على الشعر, كما يتميز شرحه مقارنة بابن الانباري بعدم إكثاره من الشواهد علما أن قضايا اللغة والإعراب قد شغلت مساحة واسعة من شرحه.

وفي الفصل الرابع المعنون بـ(الزوزني: نظرات فنية)، تناول المؤلف أهمية المنهج اللغوي في دراسة النصوص الأدبية, مبينا أن اللغة في الشعر ليست وسيلة إيصال بل هي وسيلة تعبير ,وفرق واسع بين لغة الإيصال ولغة التعبير, مبينا أن دراسة الزوزني من خلال كتابه (شرح القصائد السبع)بأنها دراسة فنية خرجت عن إطار الفهم اللغوي ,حيث حاول في شرحه جمع محاسن اصحاب المنهج اللغوي واختصر الزوائد والاستطرادات وحصر فهمه في النص الفني وبنيته, في حدود الطاقة, بيان فهم معنى القصيدة فهما جيدا, ليس من جهة حرفية الألفاظ, ولكن بالنفاذ إلى ما يقوله الشاعر, مدركا إشاراته وتلميحاته من الاستعانة والاستفادة من المعارف الأخرى.
ويرى الدكتور سليمان الشطي أن المتأمل في شروح الزوزني يستطيع أن يتلمس بعض الخصائص الفنية التي تختلف عن سابقتها, لارتباطهم بالمرحلة الشفاهية, فالزوزني استفاد من المصادر المدونة التي أثرت معارفه وقدرته على التقاط المعني بحس نقدي يختلف عمن سبقه كابن كيسان والانباري, وقد تميزت شروحه بالحس الفني في قراءة البيت الشعري, وكذلك إحساس فني وراءه أساس علمي يستطيع من خلاله النقاد إلى النص الشعري.
وبين المؤلف أن الزوزني كان حريصا على إكساب شرحه الصيغ الفنية وقد عني عناية خاصة بهذا الجانب وهذا ما يمكن لمسه في مواقع كثيرة من شرحه, وقد حاول جاهدا استقصاء جوانبها المختلفة حتى يعطيها حقها من البيان ليتضح مداها المتميز في البيت, وانه أحيانا يقصر شرحه أو أكثره على صفة معينة مثلت محورا أساسيا في البيت, ويرى المؤلف أن الزوزني حقق توازنا معقولا بين المعارف اللغوية والتاريخية التي وقف عندها الشراح الآخرون وبين الحاجة إلى فهم الجانب الفني في القصيدة بادراك حدود الألفاظ ودلالة المعنى والصور الفنية.
وفي الفصل الخامس المعنون بـ (نظرات نقدية تراثية) كانت للدكتور الشطي نظرات نقدية إزاء شروح المعلقات ودورانها في أكثر من موقف نقدي قديم , حيث أجمل هذه المواقف في ملمحين أساسيين, أولهما: كثرة ورود أبيات المعلقات عند هؤلاء النقاد, حتى إننا لنخال أن في هذه الشذرات الكثيرة عالما متكاملا, وليس علينا إلا أن نجمع هذا الشتات لتستوي أمامنا النظرية النقدية العربية القديمة من خلال هذه النصوص المحددة.
أما الملمح الثاني, فانه يتشكل عندما تقترب من هذه النصوص النقدية وتنفذ إلى الداخل وتلامسها ملامسة مباشرة, ونضعها بعضا إلى بعض, سنلحظ ان دورانها المتكرر في عشرات الكتب إنما يمثل تضخما شكليا.
وأشار الباحث إلى أن بواكير النظرات الأولى كانت قائمة على أساس المحاولة للفهم الأولي لنص هذه القصائد, وبألفاظ أكثر تحديدا, تلتقي بتفسير نصوص أو آليات النقد التفسيري الذي يحاول أن يفك مغاليق النص الأدبي, وينفذ إليه ابتداء من النص الحرفي المباشر وصولا إلى النظرة الاشمل والإدراك الأعمق للنص, موضحا أن الاستقصاء العلمي الدقيق لم يطغ على الحس النقدي القائم على التذوق الواعي المستند إلى إحاطة دقيقة بنظر أولئك النقاد إلى النصوص المتميزة شرحا وتوضيحا. فهم كما اختاروا وتناولوا القصائد المطولة شرحا وتفسيرا, فإنهم أيضا نظروا في داخلها مبرزين الأبيات الجيدة مشيرين إلى الجانب المتميز منها , سواء في المعنى أو الصورة.
واستعرض الدكتور الشطي رأي الآمدي وهو يحاول متابعة الصورة وإبراز أسبابها وغايتها الخفية والكامنة وراء إظهارها بالمظهر الذي اختاره لها الشاعر, كما يأتي إلى رأي القاضي الجرجاني الذي يستخلص جوهر الفكرة التي بسطها الامدي, حيث يشير إلى الأبيات والى أن فيها إفراطا في الاستعارة, ولكنه مقبول.
وفي الفصل السادس المعنون بـ(المعلقات ونظرات العصر الحديث: معلمون ومتذوقون) يدرس الباحث اهتمام أصحاب حركة الإحياء في العصر الحديث بالشعر الجاهلي، وخصوصا القصائد السبع، حيث وجد فيها أصحاب التعليم والنظرة المدرسية مجالا لنفض الغبار عن دراستهم التي ران عليها غبار الزمن.
وبين الدكتور الشطي الاختلاف بين اصحاب هذا التوجه واصحاب النظرة الجديدة، وهم اصحاب نظرة علمية يقذفون حولها بذرتهم كي تكتسب مشروعية القبول. أما اصحاب النظرة الذوقية التأثرية الذين يتركون النفس على سجيتها أمام النص الأدبي فإنهم عادوا إلى هذه النصوص ووجدوا فيها مجالا ملائما للدراسة لصدقها وملامستها لجوهر الفن.
وأشار المؤلف إلى أن أغلبية اصحاب النظرة التعليمية ينتمون إلى اصحاب المنهج التقليدي الذي يتمسك بما اثر عن القدماء، وبخاصة ما ينتمي منه إلى العصور الأولى، ومثّل لأصحاب هذا المنهج بالنعساني والشنقيطي والغلاييني، كما تناول دراسة الدكتور بدوي طبانة التي اهتمت بالمنهج التعليمي مع الاستفادة من تطور الدراسات الأدبية، وقد تميزت دراساته بركيزتين هما: بروز الحياة العربية في المعلقات أولا، والفن الشعري فيها ثانيا.
وتوقف الدكتور الشطي عند اصحاب النظرة الذوقية ممثلة بطه حسين، بوصفه اقرب الدارسين العرب المعاصرين للشعر الجاهلي، وتمثيل هذا المنهج، إذ إن منهجه يمثل ناقدا ذوقيا يعتد بالمنهج العلمي في تحقيق النص وتوثيقه لغويا وتاريخيا.
وكان سعي طه حسين يسعى في شروطه إلى تلمس طبيعة الشاعر ونفسيته، معتمدا في ذلك على القصيدة ذاتها مع فهمه لطبيعة الشاعر. وهذا التلمس هدفه جس الروح العامة التي تكمن وراء القصيدة.
وفي الفصل السابع المعنون بـ(المعلقات ونظرات العصر الحديث)تناول الدكتور سليمان الشطي أهم الدارسين للشعر الجاهلي والقصائد السبع، حيث أشار إلى الدكتور مصطفى ناصف والدكتور وهب رومية والناقد يوسف اليوسف والدكتور كمال أبو ديب، فهؤلاء النقاد حاولوا دراسة الشعر الجاهلي من خلال مناهج نقدية جديدة استغرقوا فيها روح الحداثة.
واعتبر المؤلف الدكتور مصطفى ناصف أهم ممثل لهذا الاتجاه في مجال دراسات النصوص القديمة، وبخاصة القصائد السبع، وقد تابع هذا الاتجاه في كتابيه(دراسة الأدب العربي) و(وقراءة ثانية لشعرنا القديم). كما سعى ناصف إلى تأكيد دور الأسطورة في الشعر العربي، ولم يقر فكرة تقسيم الشعر إلى موضوعات بل أكد على وحدة الشعر وفساد فكرة الموضوعات.
وبيّن الدكتور الشطي أن الدكتور وهب رومية في دراسته (شعرنا القديم والنقد الجديد) قد عالج آراء الدكتور إبراهيم عبد الرحمن في تحليلاته للنص الجاهلي، وهو يتحدث عن الثور الوحشي في لوحة الصيد، مبينا أن المطاردة محكومة في كل القصائد بنهاية محتومة هي قتل الكلاب ونجاة الثور قبل مغيب الشمس، حيث اختلف رومية مع إبراهيم في هذه التوصلات وعدم التسليم بدقتها كما تناول رأي الناقد يوسف اليوسف في كتابيه (مقالات في الشعر الجاهلي) و(وبحوث في المعلقات)، مبينا عدم دقة هذه الكشوفات التي تستند إلى مقولة اللاشعور الجمعي الموغل في القدم، إذ يرى الدكتور الشطي أن الباحث مطالب بإثبات وطرح مبرراته لإبراز معطيات هذا العقل الجمعي بعيدا عن المقولات العامة، فالمنهج يتراوح بين عدة مناهج، وكأنه إحياء للمنهج التلفيقي.
كما اخذ على كمال أبو ديب تبنيه المنهج البنيوي في قراءته للشعر الجاهلي، وقد خضعت وستخضع دراسته لمراجعات واعتراضات، مثلها مثل أي دراسة ترى أنها تحدث جديدا غير مسبوق، مشيرا إلى أن كمال أبو ديب قدم منهجه ودراسته
باعتبارهما طفرة تخلف وراءها كل ما سبقها، متجاهلا محاولات عديدة في هذا المضمار.