ترجمة: ابتسام عبد الله
صدرت اخيرا، المذكرات الشخصية للكاتبة البريطانية الاكثـر شهرة في مجال الروايات البوليسية الغامضة، اغاثا كريستي وتعكس المذكرات حياة اكبر واكثـر ثراء من اعمالها.
وتقول الناقدة ماري ماكنمارا، انها قد عثـرت مؤخرا في احدى المكتبات على رواية لاغاثا كريستي،
ولم تصدق الامر، واعتبرته حدثا ادبيا، وكأنها وجدت مسرحية غير معروفة لشكسبير وكان من المعروف ان مجموع اعمال كريستي 80 (66 رواية و 14 مجموعة قصصية).
لقد امنت كريستي بقص الحكايات، دون ان تمزجها بحياتها الخاصة، ولكن تلك الحياة بدت بشكل واضح في مذكراتها 532 صفحة (صدرت عن دار هاربر).
التي انتشرت قبل ايام، بفضل حفيدها، والكتاب يحتوي مذكرات امرأة، بعيدا عن كونها كاتبة معروفة، ومع ذلك فهي تعترف انها كانت تقص الحكايات على الهررة الصغار في الحديقة ايام طفولتها، ولكن عملها كان احد الاشياء التي كونت حياتها، التي شهدت حربين عالميتين، وزواجين لها وشهرة عريضة لا يمكن وصفها غير بـ “عالمية”.
وفي خلال الاعوام التي كانت فيها متزوجة من عالم الاثار ماكس ماللوان، أمضت الكثير من الاوقات معه في المناطق الاثرية، ومشاركته في الحفريات الهمتها بافكار عدد من اعمالها ومنها، “الموت يأتي اخيراً”.
ان العديد من كتاب الروايات البوليسية يدينون بالفضل الى اغاثا كريستي، ولا يعني ذلك ان مثل تلك الروايات لم تكن موجودة من قبلها ولكنها كانت لا تحقق النجاح الكبير، إذ ان المفتش هيركيول بوارو، بطلها المفضل، غدا شهيرا بسرعة وتقدم كل من سبقه كان بوارو مختلفا في طريقته للعثور على المجرمين: البحث عن اعقاب السكائر او قصاصات رسالة ممزقة، بدلا من العمل في غرفة مغلقة، كما اشتهرت بطلتها الاخرى (مس ماربل)، التي بدت منافسة لها أهمية إزاء المفتشين المعروفين.
والانسة ماربل، كانت بسبب تقدمها في السن، ذات خبرة بالطبيعة البشرية ساعدتها لحل الغاز الجرائم، ومع ذلك فهناك بعض من ينتقد كريستي، بسبب لجوئها الى السرعة في السرد، دون أي اهتمام بالناحية السايكولوجية شخوصها او دراستها بعمق، ولكن اسلوب كريستي تغير في اوائل السبعينات وعلى الرغم من ذلك فان المعجبين بها يفضلون اعمالها القديمة التي ما يزال الإقبال عليها كبيرا وخاصة روايات، “المرآة المكسورة” و “ستارة”” و”جريمة في قطار الشرق السريع”.
لم تكن اغاتا كريستي كاتبة دافئة، بل أصبحت ملكة الجريمة (على الطريقة القديمة)، عبر قتل الكثيرين في رواياتها، وقد قدمت شخصيات متعددة ومختلفة في انتماءاتها واعمالها: من الاطفال الى المتقدمين في السن الى راقصات البالية والى اناس من مختلف الطبقات، الشعبية والراقية.
ولم يكن العالم الادبي لها متجانسا، اذ كانت رواياتها مثل حياتها، متنوعة، واسباب الجريمة فيها كانت متفاوتة: الحب، النقود، الطموح، الخوف، الانتقام، ومن افضل رواياها: “جريمة على النيل”، “وبعد ذلك لا احد”، “الخصم السري”، “جريمة في قطاء الشرق السريع” و “ستار”. ويمكن القول ان اعمالها الاسوأ، تحمل ايضا لمسات كاتب جيد.
وبالنسبة لعين معاصرة، فان كتبها تعكس اخطاء جيلها، والقتلة فيها تختلف انتماءاتهم الطبقية كما الضحايا، وميزة “بوارو” في اعمالها، يعود الى كونه اجنبيا، لا يحس الناس خشية منه، وعبر شخصيته وصديقه البريطاني هاستينغز، كشفت الكاتبة عن عيوب المجتمع البريطاني، مضافا اليهما شخصية “ مس ماربل”، الذكية ذي التجارب في الحياة.
ان القراء في حاجة الى المزيد من اعمال اغاثا كريستي المشوقة، وان المشكلة ليست تتركز في انها كتبت الكثير من الروايات بل على العكس، المشكلة انها كتبت القليل.
عن / الهيرالدتربيون