معوقات حركة الملاحة في الموانئ

معوقات حركة الملاحة في الموانئ

إيمان محسن جاسم
لا يمتلك العراق منافذ بحرية كثيرة وواسعة باستثناء الجنوب حيث يشكل شط العرب قناة عبورنا إلى البحار والمحيطات، وهذا الممر المائي عانى الإهمال منذ سنوات عدة لأنه بالأصل كان ساحة لحروب طويلة الأمد أثرت بشكل أو بآخر على بعده الاقتصادي ونشاطه التجاري خاصة في العقدين الأخيرين من القرن الماضي

حيث درج النظام السابق على سياسة الاعتماد على موانئ عربية كالأردن والخليج العربي، وبالتالي يحتاج لجملة من العمليات بغية تفعيل دوره في السنوات القادمة خاصة بعد انفتاح العراق اقتصاديا على التجارة العالمية التي تعد مهمة خاصة ما يتعلق بنقل البضائع عبر البحار وصولا للموانئ العراقية وأهمية ذلك على الحركة التجارية وتعاملاتها وانسيابية وصول البضائع للأسواق العراقية، هذا فضلاً عن عملية الاستثمار المتوقعة في العراق خلال الفترة القليلة القادمة.
وواحدة من المشاكل التي تعاني منها مياهنا الإقليمية وممراتنا المائية هي مشكلة الغوارق البحرية في المياه الإقليمية والداخلية، وهذه الغوارق هي عبارة عن سفن صغيرة ومتوسطة الحجم لكنها تؤثر بشكل كبير جدا على حركة الملاحة في هذا الممر المائي والحيوي للعراق خاصة وأن ممراتنا المائية محدودة بالقياس للدول الأخرى.
وعلى الرغم من الجهود الكبيرة التي بُذلت لغرض انتشالها إلا إن هذه المهمة تحتاج الى تخصيصات مالية كبيرة خاصة إذا ما أدركنا بأن انتشال أربعة غوارق كبيرة في خور عبد الله كانت على حساب القرض الياباني، أي ما معناه إن إمكاناتنا المادية غير كافية أو لم يتم تخصيص مبالغ في موازنة الدولة لمعالجة مشكلة تنظيف الممرات المائية يضاف إلى ذلك عدم وجود شركات عراقية متخصصة بهذا المجال ما يتطلب الاستعانة بالشركات العالمية خاصة وانه لا تزال هنالك 36 قطعة بحرية في مياهنا الإقليمية والداخلية بحاجة لانتشالها لاسيما وان اغلبها موجودة في قناة شط العرب وبعض هذه القطع ذات طبيعة عسكرية ما تتطلب جهوداً استثنائية لمعالجتها وانتشالها خشية آثارها الأخرى، وكما أشرنا فأن هذه المنطقة كانت مسرحا لحروب طوال وهي بالتأكيد تعج بحقول الألغام من شتى الأنواع والقطع العسكرية التي دمرت في الحرب الأخيرة وبقيت مستقرة في القاع.
لذا فأن الملاحة البحرية من وإلى الموانئ العراقية بحاجة كبيرة جدا للدعم بغية تحقيق الموارد الاقتصادية المطلوبة وتفعليها لكي تكون عاملا مساعدا في تنشيط الحركة التجارية ما بين العراق ودول العالم، خاصة وان العراق يعتمد كثيرا في معاملاته التجارية البحرية على موانئ أخرى سواء في الخليج العربي أو على البحر المتوسط والعقبة، وهذا من شأنه أن يستنزف الكثير من الموارد المالية بما فيها عمليات الشحن البري من هذه الموانئ للأراضي العراقية وهي مبالغ تشكل رقما كبيرا جدا يضاف إلى ذلك عمليات التفريغ والتحميل وحجز أرصفة وغيرها من المعاملات التي تتطلب إنفاق مزيد من الأموال تضاف إلى سعر البضاعة الحقيقي.
الجانب الآخر المهم يتمثل بأن رفع الغوارق البحرية من شأنه تشجيع المستثمرين على دخول منافسة استثمارات كبيرة في العراق وفي محافظة البصرة بالذات ومنها مشروع ميناء الفاو الكبير الذي تم وضع حجر أساسه مطلع هذا العام ويقع في مثلث أقصى جنوب الفاو شمال الخليج العربي والذي يبلغ ساحله 70 ميلاً بحرياً وهذا المشروع بحد ذاته يمثل قفزة كبيرة في الملاحة البحرية العراقية ومن شأنه أن يسهم بشكل كبير جدا في جميع النشاطات الاقتصادية والتجارية وتعاملات العراق سواء الحكومية منها أو القطاع الخاص ويقلل من تكلفة البضائع المستوردة من جهة ومن جهة ثانية يوفر فرص عمل حقيقية لعدد كبير جدا من أبناء محافظة البصرة وغيرها من مدن العراق.
من هنا نجد أن تتضمن موازنة عام 2011 مبالغ تخصص لتنظيف الممرات المائية في العراق وتهيئتها لأداء دورها بالتنسيق ما بين الحكومة المركزية ومجلس محافظة البصرة وشركة الموانئ والوزارات الأخرى التي ستستفيد من ذلك وفي مقدمتها وزارتا التجارة والنفط، خاصة وأن شركة الموانئ تتجه لطرح مناقصات جديدة لرفع الغوارق المتبقية في مياهنا الإقليمية وهذا بالتأكيد يحتاج إلى مبالغ ونفقات.