المرأة العراقية.. دور فاعل في العهد الجمهوري الاول

المرأة العراقية.. دور فاعل في العهد الجمهوري الاول

افراح شبل عبد الحسن
تحددت مشاركة المرأة في الحياة السياسية ضمن أُطر ومؤسسات تطورت قبل ثورة 14 تموز 1958 وبعدها فقبل الثورة شكلت المرأة العراقية قوة مهمة في الحركة السياسية في مرحلة النضال من اجل استقلال العراق فقد ساندت الاحزاب السياسية الوطنية من طرح المطالب الوطنية ضد الاستعمار وكان ذلك عن طريق التجمعات التسوية مثل (نادي النهضة النسوية)

التي سبق ذكره والذي يعد أول جمعية نسوية في تاريخ العراق الحديث والتي اعطت اولوية للعمل والمطالبة السياسية قبل ان تدخل في الميدان الاجتماعي المرتبط بقضاياها كامراة ،فقد كان لرئيسة الجمعية اسماء الزهاوي مواقف مشرفة إلى جانب أخيها الشاعر جميل صدقي الزهاوي في وجه الحكام العثمانيين وبعدهم حكام الإنكليز حيث تحملت الكثير من الأذى والمتاعب على أيديهم.
وبالرغم من ذلك استمرت في مطالبتها بوجوب إثبات حق المرأة العراقية في ان تكون قوة مساندة ومكملة لمكانة الرجل في حركات التحرر وكانت تؤمن بأن هذا لا يتم الا بتحريرها اجتماعيا لذلك نادت بوجوب تحرير المرأة من القيود والتقاليد البالية وممارسة حقها في التعليم لكون التحرر الاجتماعي هو الأساس للتحرر السياسي.
ولم تحدد مواقف المرأة العراقية بذلك فقد ظهرت في الشوارع في اكثر من موقف سياسي فكانت الحركات العفوية المعبرة عن الانفعالات الوطنية التي حدثت في التظاهرات النسائية هي من اولى مراحل العمل السياسي التي كانت ممهدة لعدة خطوات أخرى ، فقد شاركت المرأة العراقية في كافة الثورات والانتفاضات الجماهيرية أبتدأ بثورة العشرين ، حيث وقفت الى جانب الرجل في المعارك التي نشبت مع جيوش الاستعمار البريطاني وقد تمثل ذلك بوقوف الشاعرات وهنَّ يُلهبنَ المقاتلين من خلال (الهوسات) العشائرية لتحفز فيهم مشاعر الحماس لمزيد من التضحيات ، اضافة الى اطلاق الزغاريد وتموينهم ، ومن المعارك التاريخية التي ساهمت فيها المرأة في ثورة العشرين هي معركة (الرارنجية) فقد كانت تحثهم على عدم الانسحاب ووجوب التصدي لنيران مدفعية الجيش البريطاني .
وفي انتفاضة آيار (مايس) عام 1941 ، اخذت مشاركة المرأة تتطور من خلال نزولها الى الشوارع ومشاركة ابناء شعبها في تظاهراتهم الحماسية التي عمت معظم المدن العراقية ، حيث رفعت اللافتات المتضمنة عبارات طرد الإنكليز من البلاد وشملت هذه المظاهرات مختلف الفئات النسوية من طالبات ومعلمات ونساء أخريات .
اضافة الى ما تحملته بعض النساء نتيجة علاقتها برجال الانتفاضة كونها زوجة او بنت ومنهن زوجة الشهيد محمود سلمان فقد تحملت هي واولادها الشيء الكبير بعد وفات زوجها.
فضلاً عن ذلك فقد كان لها دور أساسي في إسقاط معاهدة (بورتسموث) عام 1948، وهي المعاهدة التي استهدفت ربط العراق بالسياسة البريطانية ، وتمثل أثرها في الاحتجاجات والمظاهرات الصاخبة حيث تحملت في سبيلها التنكيل حالها في ذلك حال أخيها الرجل .
وعلى اثر هذه التظاهرات وأدت المعاهدة ، ولم يقتصر نشاطها هذا على القضايا الوطنية بل تعداه الى نطاق القضايا العربية ، حيث اشتركت المرأة في تظاهرة عام 1948 ،للضغط على الحكومة العراقية لارسال قوات للدفاع عن فلسطين والانضمام الى الجيوش العربية المتوجهة الى هناك بعد قرار التقسيم عام 1947.
وفي عام 1956 ، وقفت محتجة على الاعتداء الغاشم على مصر من قبل الجيوش البريطانية والفرنسية على اثر اعلان تأميم قناة السويس ، حيث سارت في شوارع المدن العراقية الرئيسية بتظاهرات صاخبة وهي تطالب الحكومة آنذاك بوجوب توضيح موقفها من ذلك الاعتداء ، ومساندة الشعب العربي في مصر كفاحه .اما بعد ثورة 14 تموز 1958 ، فتمثلت مشاركتها في بادي الامر بتأييدها للثورة من خلال المسيرات والتظاهرات التي شاركت فيها الطالبات والمدرسات والموظفات وربات البيوت اضافة الى إظهارها حماسا كبيرا في مساندة الجيش العراقي الذي اسقط نظام الحكم الملكي .
ولم يقف الأمر عند هذا بل راحت تشارك المرأة في العملية السياسية من خلال تبوءها مناصب وزارية في الدولة ومساهمتها في المؤتمرات العربية والدولية وكذلك مشاركتها في المظاهرات والاحتجاجات التي كان لها حضوراً متميزاً فيها ، الأمر الذي عزز مكانتها الاجتماعية التي أخذت تظهر يوم بعد آخر في العهد الجمهوري محطمة بذلك كل القيود المفروضة عليها .
الجمعيات النسوية ذات الطابع السياسي
وقد تبلورت وظهرت إلى الوجود على اثر هذا التغير السياسي بعض التشكيلات النسوية التي اتخذت طابعا سياسيا حيث تحول نشاط المرأة السياسي من تنظيم سري الى العمل الفعلي فقد لعبت هذه التنظيمات السرية دورا هاما في تعبئة النساء للمساندة الثورة بالاضافة الى دفاعها عن حقوق المرأة والعمل على مساواتها بالرجل في الحقوق والواجبات.
وللوقوف على نشاط هذه الجمعيات وبيان أغراضها سوف نوردها بالتفصيل:
رابطة المرأة العراقية
جاء تأسيس هذه الجمعية ذات الطابع السياسي على يد مجموعة من الفتيات في العام 1942 حيث عرفت اولا باسم (عصبة مكافحة النازية والفاشية) وقد حددت هدفها برفع المستوى الثقافي للمرأة عن طريق اقامة المحاضرات العلمية والمناقشات الادبية ومكافحة الامية عن طريق ستة مراكز أسستها الجمعية لتعليم الفتيات الاميات ،اضافة الى قيامها بمكافحة الافكار النازية والفاشية).
وفي العام 1952 ،انطلقت الرابطة النسائية على يد د.نزيهة الدليمي حيث كان لها الأثر الرئيسي في تأسيسها وأصبحت تسمى (رابطة الدفاع عن حقوق المرأة العراقية) وقد سبقها تحرك نسائي واضح منذ العام 1948 حيث قامت بتقديم طلب رسمي الى وزارة الداخلية واجيزت من قبل الوزارة في العام 1952 ، وأخذت بممارسة نشاطاتها ،أما أهدافها فكانت تتلخص بحماية المرأة وتقديم المساعدة لها للأخذ بدورها في المجتمع والمطالبة بحقوقها الاجتماعية والسياسية.
فقد تبنت الرابطة مطالب المرأة السياسية مثل حق المشاركة في صنع القرار السياسي وحق المشاركة في المظاهرات والانتخابات والمراكز القيادية في الدولة مثل الوزارة حتى اصبحت (نزيهة الدليمي) اول وزيرة عراقية ابان ثورة 14 تموز 1958.
ومن الجدير بالذكر هنا ان الرابطة كان لها مشاركات في المظاهرات والاحتجاجات ضد الحكومة في العهد الملكي فهي العام 1956 خرجت الجماهير النسوية في مظاهرات كبيرة شاركت فيها عضوات الرابطة من المثقفات وربات البيوت وحتى ساكنات الطرائف ،وكذلك في كل مناسبة وطنية وبالذات يوم 8 آذار ،كانت تغني وتهتف الرابطات باهازيج تطالب المرأة بالتحرك من اجل المطالبة بحقوقها من الحكومة (حكومة نوري السعيد) ،حيث تم اعتقالهن من قبل الشرطة عندما وصل الى أسماع السلطة اسم (نوري السعيد).
وفي العام 1958 عقدت الرابطة مؤتمر لها وقد شهد هذا المؤتمر حضورا يقدر بالالاف من النساء ومن الجدير بالذكر هنا ان (سافرة جميل حافظ) انتخبت في هذا المؤتمر سكرتيرة عامة للرابطة وفي هذه الفترة أخذت الرابطة تزيد من نشاطها في تعبئة النساء للتحضير لثورة 14 تموز 1958 واخذ نشاطها الطابع الثوري ،ونتيجة لذلك قام الزعيم عيد الكريم قاسم بزيارة الرابطة في اول مؤتمر لها بعد الثورة وفي العام 1959 ،حيث طلب فيه تغيير اسم الرابطة الى (رابطة المرأة العراقية) ،وقد جرى تأليف هيئة عليا للجمعية برئاسة (زكية خليفة) ويذكران المرأة سجلت حضورا يقدر بـ(45 ألف) المرأة في هذا المؤتمروكان للرابطة في العهد الجمهوري نشاطات عديدة فقد ساهمت في الانتفاضة الفلاحية (انتفاضة ال زيرج) في جنوب العراق وانتفاضة (فلاحي ره زهكي) في كردستان العراق، كذلك قامت بتنظيم أسبوع خاص بالمرأة سمي بـ(أسبوع المرأة والسلام) في 22-12-1959ومن الجدير بالذكر ان عدد العضوات اخذ بالازدياد في هذه الفترة الى ان بلغ في منصف العام 1959 بـ(4.) ألف عضوةكما اخذ الرابطة على عاتقها فتح مراكز محو الامية في بغداد والمحافظات الاخرى حيث كانت تدعوا النساء الى الانضمام في تلك المراكز عن طريق الجرائد والعضوات بالاضافة الى التنسيق بينها وبين الوزارة. اضافة الى تنظيمها احتفالات يوم الطفل العالمي الذي اقيم في العراق حيث احتفلت به الرابطة في قاعة الشعب في بغداد وكذلك باقي افرعها في المحافظات وقد اجيزت الرابطة ضمن قانون الجمعيات رقم (1) لعام 1960ومن نشاطاتها في مجال الخدمة الاجتماعية قيامها بفتح ورشة لتعليم الخياطة ولجنة لحل مشاكل المرأةوفي العام 1960 وفي الثالث من ايلول قامت الجمعية بافتتاح سوقها الخيري على يد الزعيم عبد الكريم قاسم وهذا ان دل على شيء فيدل على مدى الدعم والاسناد الذي كانت تتمتع بها الرابطة من قبل الحكومة.
كذلك قامت بفتح مستوصف في بغداد بطلب من امين العاصمة اضافة الى مشاركتها في المناسبات الوطنية حيث قامت بدعوة عضواتها في بغداد للحضور الى المسيرة التي نظمتها لمناسبة (1ايار) عيد العمال في ساحة الخلاني كمساندة منها الى العمال والطبقة العاملة في العراقوكذلك كانت تشارك في احتفالات يوم المرأة العالمي المقامة في العراق وأيضاً تشارك في احتفالات الشعب العراقي بيوم الجيش اضافة الى احتفالاتها كل سنة ومهرجاناتها بذكرى ثورة 14 تموز 1958.
أما موقف الرابطة من القضايا القومية فكانت لها مساهمات عديدة ومشاركات في دعم واسناد القضايا القومية المتأججة في تلك الفترة ومنها القضية المصرية والجزائرية حيث كانت للرابطة مشاركات مميزة في مساندة القضية المصرية التي تأججت قبل ثورة 14 تموز 1958 حيث نضمت الرابطة في حينها مسيرة غفيرة من الرابطيات وقد اتجهت المسيرة الى سفارة المصرية وقامت النساء باطلاق الاهازيج لغرض توصل صوتها الى السفارة للسماح لهن بالسفر الى مصر والمشاركة مع النساء المصريات في صد العدوان الثلاثي على مصر وحيث كن يرددن (سلحونة سلحونة ولمصر ودونة) ،وقد استقبلهن السفير المصري آنذاك واوعز لهن بمشاركتهن من خلال دورة التمريض التي فتحت آنذاك كنوع من الإسناد والمشاركة.
اما في العهد الجمهوري بعد ثورة 14 تموز 1958 فقد أعلنت الرابطة عن تضامنها ومساندتها للشعب الفلسطيني في قضية العادلة من خلال الدعم المادي والمعنوي حيث قامت بجمع التبرعات والاتصال بالنساء الفلسطينيات لغرض تعبئتهن وتقديم المساعدة والاسناد لهن وقد تم الاتصال بهن عن طريق الفلسطينية سلافة الحجاوي كذلك قامت الرابطة بالمنادات بوجوب اعطاء المرأة الفلسطينية دور في الاتحاد النسائي الديمقراطي العالمي، خاصةً وان الرابطة قد انضمت اليه في العام 1953 ،وأصبحت عضوة دائمة فيه.
ومن القضايا العربية والقومية الساخنة في تلك الفترة هي القضية الجزائرية حيث كان للرابطة أثر بارز في مساندة القضية الجزائرية من خلال عدة نشاطات حيث كانت الرابطة تحتفل سنويا بذكرى ثورة الجزائر ضد الاستعمار الفرنسي، كما قامت بإرسال رسالة الى الرئيس (الياس فرحات) تستنكر فيها المذابح التي راح ضحيتها عشرات الألوف من أبناء الشعب الجزائري.
وقد ناشدت الرابطة السكرتير للامم المتحدة بوجوب ارسال بعثات لتحقيق في المذابح الوحشية التي يقيمها الاستعمار الفرنسي ضد الشعب الجزائري كما اعلنت عن تضامنها مع المنظمات القومية الجزائرية ونضالها ضد الاستعمار الفرنسي في رسالة موجهة الى نساء العالم والسكرتير العام للامم المتحدة اضافة الى عدة برقيات رفعتها الى عدة جهات لتأييد الثورة الجزائرية ،كذلك قامت باصدار البيانات التي نادت من خلالها بوجوب (رفع راية التضامن مع الجزائر المناضلة) كما جاء في بيانها المؤرخ في 16 حزيران 1960 اضافة الى حملات التبرع بالمال والحلي(1) التي قامت بتسليمها الى فرع الاتحاد العام لطلبة المسلمين الجزائريين في القاهرة.ومن الجدير بالذكر هنا ان الرابطة كانت لها عدة مواقف من القضايا الدولية والعالمية فقد استنكرت الرابطة الاحتلال الامريكي لكوريا كذلك استنكرت الرابطة تفجير القنبلة الذرية في الصحراء الجزائرية والصحراء الكبرى الافريقية في العام 1959 فضلا عن مشاركتها في المسيرة العالمية للنساء التي نضمت في نيوريوك وبروكسل التي تم فيها جمع آلالاف من التواقيع لإدانة الاعتقال والعنف ضد المرأة في العراق وكانت الرابطة تعقد مؤتمر لها في كل سنة حيث عقدت أول مؤتمر لها في العهد الجمهوري بحضور الزعيم عبد الكريم قاسم الذي أشاد بصفات المرأة العراقية الكريمة في المؤتمر ، كذلك قامت بدعوة المنظمات العربية في الدول العربية لحضور مؤتمراتها التي تقييمها.
إضافة الى ذلك فقد شاركت الرابطة في المؤتمرات الدولية والعربية حيث تلقت الرابطة في العام 1960، رسالة من السيدة أوجين كوتون رئيسة الاتحاد النسائي العالمي تتضمن دعوتها لرفع صوتها للنضال ضد العنصرية.
ومن الجدير بالذكر ان الرابطة أصدرت مجلة في العام 1960 وأسمتها مجلة المرأة وهي لسان حال الرابطة كذلك اصدرت (المجلة النسوية) و(المرأة تحل مشاكلها) وقد تميزت في هذا المجال العديد من الناشطات منها (سالمة فخري) و(ايسر الخفاف) ، وقد تعرضت عضوات الرابطة لحملات الاعتقال من خلال الاعتداءات على مراكز وفروع المحافظات للرابطة حيث اعتقلت (روز قدوري) وقيدت الى سجن النساء اما (سافرة جميل) فقد قيدت الى قصر النهاية في العام 1963.

المرأة العراقية وزيرة وممثلة لبلادها في الخارج
فضلاً عن نشاط المنظمات التي شرعت بتقديم الخدمات على النطاق السياسي. وفي هذه الفترة بالذات توصلت المرأة العراقية الى تسلم منصب الوزارة وهو منصب سياسي حيث قام عبد الكريم قاسم بتعيين الدكتورة نزيهة الدليمي وزيرة للبلديات بتاريخ 14 تموز 1959 ، وقد تزامن اعلان قرار تعيينها في الوزارة مع إعلانه شرعية الاحزاب السياسية.
وفي العام 1960 ، تقلدت د. نزيهة الدليمي منصب وزير دولة بدلاً من وزيرة بلديات وكان ذلك بتاريخ 3 آيار/ مايس 1960وبالإضافة الى اشتراك المرأة في تخطيط سياسة البلد من خلال مشاركتها في الوزارات فقد كان لها نشاط في المجال الدولي ، حيث خرجت من النطاق المحلي الى العالم الخارجي وتمثل ذلك بالتمثيل الدولي حيث مثلت المرأة العراقية بلدها في المؤتمرات وشاركت الوفود في خارج العراق ، فقد شاركت د.نزيهة الدليمي بتاريخ 19/آب/1959 الوفد المسافر الى الهند والذي ضم عدد من الوزراء.
وقد قام الوفد بحمل رسالة موجهة من عبد الكريم قاسم الى جواهر لالنهرو بمناسبة تدشين الخط الجوي الجديد للخطوط الجوية العراقية بتاريخ 19 اب ، كذلك قام الوفد بمقابلة نهرو في يوم 21 اب ، وكان مع الوفد قاسم حسن السفير العراقي في الهند. فضلاً عن ذلك فقد مثلت المرأة العراقية بلدها في اجتماعات الجمعية العامة للامم المتحدة في نيويورك ، حيث تالف وفد حكومي لتمثيل الجمهورية في الدورة الرابعة عشر لاجتماع الجمعية العامة للامم المتحدة في نيويورك وكانت فيحاء ابراهيم كمال الملحقة في الممثلية الدائمة للعراق في الامم المتحدة من ضمن الوفد وقد شكل هذا الوفد بقرار من مجلس الوزراء انذاك بجلسته المنعقدة في 16 اب 1959.

مشاركة المرأة في المؤتمرات النسوية العربية والعالمية
لقد ساهمت المرأة العراقية في العديد من المؤتمرات الدولية العربية منها والعالمية حيث شهدت هذه الفترة تنامياً واضحا في التنظيم والمشاركة في المؤتمرات عن طريق الجمعيات النسوية التي نشطت في هذه الفترة والتي ذكرناها سابقا والتي اسهمت عضواتها في تمثيل العراق في العديد من المؤتمرات .
وبالرغم من ذلك فلم يقتصر نشاط ومساهمة المرأة العراقية في المؤتمرات من خلال تلك الجمعيات حيث شاركت بعض النساء في المؤتمرات الدولية ومثلت العراق من غير ان يكون لها عضوية في أي جمعية ومن هذه المؤتمرات:
1- مؤتمر الاتحاد النسائي العالمي لنزع السلاح في السويد عام 1960
حيث شاركت المرأة العراقية في هذا المؤتمر المنعقد في كوتنيرك بالسويد وقد مثلت العراق فيه المندوبة د. سميرة بابان ، حيث ضم المؤتمر نساء من مختلف الاتجاهات والميول والعقائد.
2- مؤتمر المرأة الافريقي الاسيوي المنعقد في القاهرة للمدة من 14-23 يناير عام 1961.
عقد المؤتمر في مصر وهو الأول من نوعه في تاريخ العالم الحديث وكان الغرض من عقدة مناقشة قضايا المرأة في دول القارتين ، وقد ضم المؤتمر ممثلات لستة وثلاثين دولة منها: العراق ولبنان وليبيا والاردن وجنوب غرب افريقيا والاتحاد السوفيتي والسودان وتونس واليابان والكامرون وكينيا وغيرها من دول القارتين الافريقية والاسيوية. وقد مثلت العراق فيه زكية عبود فتوح ، وقد تضمن جدول اعمال المؤتمر عدة موضوعات وهي:
1- دور المرأة في الكفاح من اجل الاستقلال الوطني واقرار السلام .
2- حقوق المرأة السياسية والقانونية.
3- المساواة بين المرأة والرجل في الميدان الاقتصادي .
4- حقوق المرأة الاجتماعية.
5- حقوق المرأة الثقافية .
وقد تمخض عن المؤتمر عدة قرارات بشأن العديد من القضايا التي كانت من اهم القضايا الملتهبة في تلك الفترة ومنها قرار بشأن التجارب الذرية الفرنسية في الصحراء الكبرى وفرار بشأن الجزائر ... وغيرها. وقد وضع هذا المؤتمر عدة توصيات وهي :
1- توصيات الكفاح المسلح في سبيل الاستقلال الوطني والسلام
2- توصيات اقتصادية :وتشمل على المساواة الكاملة للنساء في المجال الاقتصادي.
وقد مثل هذا المؤتمر ظاهرة خطيرة لكثافة عدد المشتركات من النساء فيه حيث لم يحضر لمؤتمر نسائي قبله ممثلات بهذا العدد الكبير من الدول الفروآسيوية.
أما على الصعيد الداخلي فقد كان للمرأة مشاركات عديدة في التجمعات والمظاهرات والاحتجاجات وذلك لتعبير عن موقفها إزاء القضايا الوطنية والدولية ، فقد شاركت في (لجنة اغاثة منكوبي كركوك) في عام 1959، وكانت باكزة رفيق حلمي من ضمن اعضاء اللجنة التي تقدمت بطلب الى وزارة الداخلية لتشكيلها مع عدد من الوزراء والسياسيين.
وكان الغرض من تأليف اللجنة هو جمع مبلغ 1.. ألف دينار لتوزيعها على المتضررين في حوادث 14-15 تموز 1959 في كركوك ، حيث وافقت وزارة الداخلية على الطلب وقد نشرت اللجنة نداء الى الشعب العراقي في يوم 3 آب 1959 طالبت فيه أبناء الشعب العراقي بمساعدة اخوانهم في كركوك.

مشاركة المرأة في المظاهرات والتجمعات
كان لنمو الحركة الوطنية في هذه الحقبة من تاريخ العراق تأثيراً في ذهنية المرأة التي كان لها أثر في ميدان النضال الوطني ، على نحو مباشر وملموس في مساندتها للقضايا الوطنية ، فضلاً عن مساندتها لقضايا الشعب العربي ضد الاستعمار.
ومن الجدير بالذكر هنا ان حكومة الثورة قامت بإصدار قانون للاجتماعات العامة والتظاهرات رقم 115 لسنة 1959 ،والذي عرف في مادته الاولى في الفقرة (أ) الاجتماع وعرف في الفقرة (ب) من نفس المادة التظاهرة. وقد اعطت المادة الثانية منه حرية الاجتماعات العامة والتظاهرات الحرة لكن في حدود القانون ، وعلى اثر هذا القانون استطاعت الجماهير ان تأخذ مكانتها في التعبير عن آرائها بحرية إزاء مختلف القضايا الوطنية والدولية .
فشاركت المرأة ضمن مسيرة الجماهير المعبرة عن تأييدها للشعب الجزائري الكبيرة والممتدة من ساحة التحرير الى باب المعظم مخترقة شارع الرشيد في يوم 2. كانون الاول 1960 ، وقد شاركت فيها العديد من الطالبات والنساء والمثقفات ، حيث قمنَ برفع الشعارات المنددة بالاستعمار الفرنسي والمطالبة باستقلال الجزائر، والمؤيدة للثورة الجزائرية ، وقد تمثل ذلك التأييد للثورة ونصرتها وفق أربعة محاور : منها إرسال البرقيات الاحتجاجية الى المنظمات والهيئات الطلابية في الوطن العربي والعالم وارسال برقيات الدعم والتاييد الى الاحرار في الجزائر عن طريق مكتب الجمهورية الجزائرية المؤقتة اضافة الى جمع التبرعات النقدية والعينية والمساهمة في اقامة هذه التظاهرات والتجمعات الطلابية على مستوى القطر ، وكذلك كان للمرأة حضورا متميزا في المؤتمر التأسيس الاول للاتحاد الوطني لطلبة العراق المنعقد في 23 تشرين الثاني عام 1961 ، حيث شاركت في التجمع الذي عقد في الكلية الطبية لغرض تقرير قيام الاتحاد ، حيث حملت وفود الطالبات اللافتات التي تحمل شعار الاتحاد ومجموعة من اللافتات الاخرى التي تحي هذا المؤتمر اضافة إلى هتافاتهن بالشعارات المؤيدة للحركة الطلابية.
ومما تقدم نستنتج بان المرأة العراقية كانت حتى ثورة العشرين تعيش بمعزل عن العالم وعن المشاركة الفعلية في الاحداث والقضايا التي تخص البلاد وقد عزز هذه العزلة الواقع الاجتماعي للمرأة الذي قيد حريتها بموجب التقاليد والعادات الامر الذي اثر على حدود تفكيرها التي كانت لا تتعدى جدران منزلها.
وبعد اشتراك المرأة في سوح معارك الثورة ووقوفها بجانب الرجال ومساندتهم اخذت تفكر بوجوب الأخذ بمكانتها في تقرير مصير بلادها سواء عن طريق التجمعات النسوية المساندة في الأحزاب أو المظاهرات والاحتجاجات او الجمعيات او العمل في الحقل السياسي واخذت تناضل طوال فترة الاستغلال والحكم الملكي وباشرت بتكوين الجمعيات والمنظمات التي استطاعت المرأة من خلالها ان تمارس حقها في المجالات الاجتماعية والسياسية ومساندة الرجل في كثير من المواقف الوطنية وايضا استطاعت الإفصاح عن رايها وتأييدها تارة او شجبها واحتجاجها تارة اخرى للعديد من القضايا اما في العهد الجمهوري بعد قيام ثورة 14 تموز 1958 ، وعلى اثر اطلاق الحريات في عقد التجمعات والمظاهرات وتكوين الجمعيات ووفق الأفكار الجديدة والتقدمية التي نادت بها الثورة وحملتها وجسدتها في قوانينها الصادرة والتي ساعدت المرأة للدخول في الحقل السياسي ومشاركة الرجل في بناء مجتمع متقدم .
فضلاً عن اهتمام حكومة الثورة آنذاك بوجوب إدخال المرأة في العملية السياسية الامر الذي حدا بها ان تتبوء عدة مناصب وزارية في الحكومة ، مع اخذ مكانها في التمثيل الدولي لبلادها في المؤثرات العربية والعالمية .