في البدء:شيفرة دافنشي سينمائياً

في البدء:شيفرة دافنشي سينمائياً

 علاء المفرجي
السجال والضجة الكبيرة التي تصاعدت عند عرض فيلم (شيفرة دافنشي) قبل عامين، خاصة من جانب الكنيسة وتعمقت بانتقاد الفاتيكان الرسمي لهذا الفيلم والرواية التي اقتبست عنه.. يعيد الى الاذهان الجدل الذي صاحب اعمالاً سينمائية مماثلة سابقة حاولت اختراق التابوات، والتمرد على محددات اكتسبت شرعيتها من تاريخ طويل.

وشيفرة دافنشي هو اسم الرواية التي كتبها دان براون وحققت ارقاما قياسية في المبيعات وصلت الى عشرات الملايين من النسخ وفي مختلف اللغات.. وقد اثار موضوعها ردود افعال عنيفة من جانب الجهات الكنسية المحافظة حيث تتناول الرواية جريمة قتل غامضة لها علاقة بمحاولات الكشف عن سر حياة السيد المسيح، تعمل جماعة سرية على حمايته منذ قرون.. والفكرة الرئيسة التي هي نقطة الاعتراض الرئيسة تتعلق بزواج السيد المسيح، بينما تفيد التعاليم المسيحية انه لم يتزوج قط وانه صلب ومكث في القبر ثلاثة ايام وقام في اليوم الثالث. واتخذت هذه الاعتراضات منحى آخر عندما اقتبست السينما موضوع الرواية بفيلم يبدأ عرضه الاول بعد ايام في الولايات المتحدة اضافة الى اختياره كفيلم افتتاح لمهرجان كان السينمائي الذي يبدأ يوم غد.. وهو فيلم ضخم سيكون احد اهم النتاجات السينمائية لهذا العام قام باخراجه رون هوارد وجسد بطولته النجم الاميركي توم هانكس بدور لانفدون عالم الرموز الاميركي والممثلة الفرنسية اودري توتو. ويحفل التاريخ السينمائي بهذا النوع من الافلام التي تحاول بموضوعاتها ان نتلت من سطوة المحرمات الدينية خاصة تلك التي تفضي بالامتثال للتعاليم الدينية المتعارف عليها وعدم اظهار الرموز الدينية بشكل صريح وغير ذلك.. وكان لفيلم المخرج مارتن سكورسيزي (الاغواء الاخير للمسيح)... في ثمانينيات القرن المنصرم قصب السبق في تناول موضوع مثل هذا.. واثار حينها ردود فعل غاضبة وصلت الى تدخل الفاتيكان في مسألة مشاركته في مهرجان البندقية السينمائي في حينه واحرقت العديد من صالات العرض السينمائي التي وافقت على عرض الفيلم. والامر نفسه وان كان بشكل اقل مع فيلم ميل غيبسون (مخرجا وممثلا) آلام المسيح.. والفيلم المصري (بحب السيما) الذي أنتج العام الماضي.. وكانت هناك افلام في الماضي تناولت الموضوع نفسه مثل (كوفاديس) و(بن هور) و(الرداء) وغيرها. والملاحظ في هذه النوعية من الافلام خاصة المهمة منها.. انها مأخوذة عن روايات مشهورة ولكتاب كبار.. وكانت ردود الفعل عند صدور هذه الاعمال الروائية اقل وطأة من معالجة موضوعاتها في السينما.. فبين صدور رواية (الاغواء الاخير للمسيح) وإخراجها من جانب سكورسيزي زمن طويل.. وهكذا مع شيفرة دافنشي.. وحتى مع عمل مثل (اولاد حارتنا) لنجيب محفوظ التي حاول اكثر من مخرج في السنوات الاخيرة نقلها الى السينما برغم صدورها قبل اكثر من اربعة عقود.. وباءت جميع هذه المحاولات بالفشل. ولسنا بحاجة الى التأكيد على التأثير المهم الذي يمكن ان تلعبه السينما في رواج العمل الروائي واشاعته على الرغم من العلاقة الملتبسة بين الرواية والفيلم التي بدأت مع البواكير الاولى للانتاج السينمائي. فظاهرة مثل هذه تؤكد بلا شك الاثر الكبير للسينما كوسيلة اتصال ماضية تمتلك القدرة على اثارة اخطر القضايا وأهمها.