التلفزيون وآليات التـلاعـب بالعقـــول

التلفزيون وآليات التـلاعـب بالعقـــول

بيير بورديو (1930- 2002) هو احد اهم علماء الاجتماع في النصف الثاني من القرن المنصرم.. كتابه (الورثة) الذي وصفه مع جون كلودياسرون، في الستينيات نقطة انطلاقة نحو الشهرة في تخصصه.. وقد اثار رحيله عام 2002 ردود افعال في كل مكان في العالم، وبرحيله فقد اليسار الاوربي (اكثر الاصوات المؤثرة على حركته والمعبرة عنه خلال العقود الاخيرة).

كتاب بورديو”التلفزيون وآليات التلاعب بالعقول”يطرح الكثير من الاسئلة التي تتعلق بالمصطلحات التي بدأ استخدامها بكثرة من قبل مدارس علم الاجتماع والتي تستهدف تحليل طبيعة بني المجتمعات في الثلث الاخير من القرن المنصرم مثل: مجتمع الاستهلاك، ومجتمع ما بعد الحداثة وصولاً الى مجتمع المعلومات.. والاسئلة تستهدف معنى هذه المصطلحات، وما تثيره من فضول فكري لدى المثقفين ومثل هذه الاسئلة لها علاقة بموضوع الكتاب.. ذلك ان هذا الكتاب وإن كان موضوعه المباشر يتلخص في بنية (وسائل الاعلام الحديثة) وآليات عملها، وبشكل خاص (التلفزيون) الذي يعد الوسيلة الاخطر في الاتصال الحديث.. إلا ان الكتاب يفتح الطريق بشكل مباشر للتأمل في طبيعة المجتمع الذي نعيشه.
يؤكد بورديو في كتابه هذا، ان القنوات التلفزيونية وبشكل خاص الفضائية لم تعد مجرد قنوات تقدم برامج للتسلية او للتثقيف بل اصبحت أدوات الضبط والتحكم السياسي والاجتماعي في المجتمعات الراهنة.. او هي عبارة عن أدوات لـ(العنف الرمزي) وفقاً للمصطلح الذي يستخدمه بورديو.
الكتاب هو بالاساس محاضرتين خاصتين بالتلفزيون قدمهما بورديو في الكوليج دي فرانس.. والتي وجد فيها ان التلفزيون من خلال الآليات المتعددة التي سعى الى وصفها في هذا الكتاب بطريقة سريعة، يكشف (عن خطر كبير جداً يهدد مجالات مختلفة على مستوى الانتاج الثقافي من ففهم، وأدب، وعلم، وفلسفة، وقانون).
وبورديو هو آخر المفكرين الكبار الذين تركوا بصماتهم الفكرية، وأثّروا بشكل عملي على الحركات الإجتماعية والسياسية التي شهدها النصف الثاني من القرن العشرين. كذلك فإنه يعتبر أحد أهم المنظرين الذين تُعدّ أعمالهم أدوات للنضال الفكري والنظري فيما يعرف الآن بحركة العولمة البديلة.