من ذكريات مسرحية (رأس الشليلة)

من ذكريات مسرحية (رأس الشليلة)

باسم حنا بطرس
تبقى مسرحية (رأس الشليلة) العمل المسرحي البارز في هذه فترة الخمسينات. وهي من تأليف الفنان يوسف العاني ، أعدَّها وأخرجها المرحوم داؤد الشورجي عام 1959 ، ومُثلت على المسرح لمناسبة الذكرى الأولى لقيام ثورة 14تموز 1958 المجيدة ، حيث كان الإقبال الجماهيري عليها كبيراً جداً ، ويرجع السبب الرئيس في ذلك، إلى الإعداد والتنظيم الجيدين .

فضلاً عن هذه المسرحيات فقد شارك داود الشورجي في إعداد العديد من الفعاليات الفولكلورية والشعبية التي شارك بها في المناسبات الوطنية والاستعراضات الرياضية التي كانت تقام سنوياً في بخديدا.
ولمسرحية (راس الشليلة) ذكريات خاصَّة عندي حيث كنت ما أزال طالباً في الموسيقى في معهد الفنون الجميلة ببغداد؛ فقد شهد العام 1952 نشاطاً سياسياً كبيراً على عموم البلد. وكان لطلبة الثانويات والمعاهد والجامعات دوراً بارزاً فيه.
على صعيد معهد الفنون الجميلة (في بنايته الواقعة قبالة البلاط الملكي في الكسرة آنذاك)، تم تنسيب حقّي الشبلي أستاذ التمثيل مفتِّشاً للنشاط المدرسي في وزارة المعارف، بناءً على طلبِه. وبهذا جرى إستخدام الفنان إبراهيم جلال (مدرِّساً) للتمثيل في المعهد. كان عميد المعهد بالوكالة عزيز سامي (مدرِّس جغرافيا في المرحلة المتوسطة!) وبقي الأستاذ حنا بطرس في موقعه معاوناً للعميد، إضافةً إلى مهامه التدريسية للموسيقى.
في الفصل الثاني من ذلك العام قدَّم قسم التمثيل عرضاً مسرحياً على مسرح المعهد إشتمل برنامجه على مسرحيتين شعبيتين ناقدتين، هما ( راس الشليلة ) و( محامي زهكان )، تأليف وإخراج وتمثيل يوسف العاني، مع زملائه الفنانين سامي عبد الحميد، محمد القيسي، وآخرون لا تحضرني أسماؤهم. حضر خليل كنَّه وزير المعارف آنذاك راعياً للحفل. تابع مشاهدة العرض المسرحي، وقبل إنتهاء المسرحية الثانية نهضَّ بعصبيَّة ممتعضِناً من الأفكار السياسية المضمَّنة غمزاً ولمزاً في كلا المسرحيتين، وإعتمر ( السِدارة) على رأسه وغادر المكان بنظرة غاضبة متوعِّدة.
يوسف العاني اليوم
بعد أيامٍ، صدرت الأوامر الوزارية القاضيةبـ:
1. إعادة عزيز سامي إلى وظيفته مدرِّساً في المرحلة المتوسطة،
2. فصل إبراهيم جلال من الخدمة،
3. إحالة حنا بطرس إلى التقاعد (مع توجيه كتاب شكر)،
4. فصل الطلبة من الدراسة في المعهد: يوسف العاني، سامي عبد الحميد والآخرين الذين شاركوا في العرض المسرحي. وغيرها من العقوبات الأمنيَّة.
5. تعيين عازف الكمان الشريف محمد أمين حيدر (شقيق الشريف محي الدين حيدر) عميداً للمعهد.
6. إعادة حقي الشبلي معاوناً للعميد، رئيساً وأستاذاً لقسم التمثيل.
وهكذا أُسدِل الستار ( مؤقَّتاً ) على راس الشليلة وأصحابها، وذهب من ذهب، ورحل آخرون، وبقي المسرح مدرسةً
للشعب.
عن موقع الفنان العراقي