في كتاب"ما وراء الحرب"ينطلق ديفيد رود للعثور على مسلك جديد للولايات المتحدة في الشرق الأوسط بعد عقد من الحرب و سنوات الدعم الطويلة للأنظمة الدكتاتورية التي لا تحظى بالشعبية.
بعد إجراء مسح للمنطقة المضطربة و استذكار الحماقات التي ارتكبتها أميركا في العراق و أفغانستان، يدعو رود الولايات المتحدة الى مراجعة طموحاتها العسكرية و التركيز بدلا من ذلك على دعم المعتدلين و الجيل العربي المسلم الذي نفد صبره و يتلهف للانخراط بالعالم.
يصف رود كتابه بانه"مسعى لوصف نهج أميركي جديد اكثر واقعية و فاعلية تجاه العالم الإسلامي"، مثل هذا النهج ضروري جدا، لكنه يكافح لصياغة مجموعة فريدة من التوصيات عن كيفية القيام بذلك. هناك القليل ممن لا يتفقون مبدئيا مع دعوته السلمية لدعم المعتدلين و الحلفاء الذين يحملون نفس التفكير في المنطقة. لكن الكتاب يتعثر عندما يتعلق الأمر بتحديد أولئك المعتدلين او بصياغة الطرق المفيدة لمساعدتهم.
بصفته محاربا قديما و صحافيا نال جائزة البوليتزر، فان رود لابد ان يكون مؤهلا لكتابة سرد بانورامي عن منطقة تعاني من الاضطرابات. لقد ساعد في تفكيك قصة المجازر التي وقعت في سربرينيكا خلال حرب البوسنة، كما ان كتابه"نهاية اللعبة"قدّم سرداً موثوقاً و جذاباً عن أهوالها.
قبل ما يقرب من أربعة اعوام جرى خطفه من قبل حركة طالبان خلال رحلة تقريرية الى أفغانستان و ظل محتجزا لسبعة أشهر قبل هروبه. القصة الطويلة المعنونة"حبل و صلاة"عن تلك المحنة، و التي شاركت زوجته كريستين موهيلفيل في كتابتها، تظهره مرة أخرى أستاذاً بارعاً في كتابة المقالات الحادة من مناطق القتال.
تلك التجربة تتكرر في كتابه الجديد . يبين رود انه بعد هروبه وعد عائلته بانه سيضع حداً للسفر الى مناطق خطيرة. يبدو من الفجاجة انتقاده على هذا الالتزام الذي يستحق الثناء، مع هذا فمن الواضح ان غيابه عن المشهد في البلدان الرئيسية يحصد الكثير. يصر رود عل كتابة التقارير و على تقديم حكايات شهود العيان عن أناس يعيشون أوضاعاً مضطربة، لكنه في معظم الكتاب لم يكن هناك. و بدلا من ذلك فانه يستأجر عدة صحفيين للكتابة نيابة عنه بينهم الرائعة لورين بون و الميرا بيراسلي، و يمنحهم المصداقية الكاملة في أعمالهم. لكن مع حرص هؤلاء الصحفيين و قدراتهم في وصف التفاصيل، فانهم لا يمكن ان يحلوا محل رود في تقاريره المحنكة. ما ينتج هو لحن منفرد من المقالات القصيرة المفككة غالبا ما تتم كتابتها عن بعد و تحاول ان تضيف الى الصورة المتماسكة للمنطقة. فصول قصيرة تقفز من بلد الى آخر: ففي لحظة نرى إدانة المتعاقدين في العراق، ثم تأتي صفحات قليلة عن مسلسلات تركية، بعدها نعود الى تونس و ليبيا و مصر.
يبدو ان الرحلة تحذو حذو رحلة الحروب الأميركية ثم الربيع العربي، الا ان الكتاب لا يقدم شيئا من دول الخليج المحورية مثل البحرين و الكويت و اليمن، او من الصراع الاسرائيلي-الفلسطيني الذي بقي دون حلول، او الممالك غير الخليجية مثل الأردن و المغرب.
من المؤكد ان بعض المزاعم يحيط بها الركود، فالفصول التي تتعلق بالمتعاقدين في أفغانستان و العراق يبدو ان المقصود منها ان تكون كتاباً لوحدها، و الفصول الخاصة بالتحولات العربية المقصود منها كتاب آخر.
احد الفصول الجيدة عن الدبلوماسية في أفغانستان – مأخوذ عن مادة ساهم بها في مجلد عن ريتشارد هولبروك – يحمل لهجة تختلف كثيرا عن بقية الكتاب. تقاريره المصاغة بصورة جيدة عن أمراض المعونة الاميركية و المتعاقدين و بعثة الولايات المتحدة في افغانستان و العراق ستكون مألوفة خاصة لقراء صحافة و كتب الواشنطن بوست التي يكتبها راجيف شاندراسيكاران.
مناقشة رود للحركة الإسلامية في مصر بشكل خاص فشلت في مواكبة التطورات السريعة التي شهدها العام الماضي.