جمعية حماية الأطفال ودور الاسرة المالكة في دعمها ورعايتها

جمعية حماية الأطفال ودور الاسرة المالكة في دعمها ورعايتها

■ نهلة نعيم عبد العالي
شهد العقد الأول من القرن العشرين تنامي وظهور عدد من الجمعيات النسوية في العراق ،أسوة بالجمعيات التي كانت مقتصرة على الرجال ،لاسيما بعد قيام ثورة العشرين ، حيث أدركت المرأة العراقية ضرورة أن يكون لها دور في هذا المجال ، فقد أسست جمعيات عدة كان للمرأة العراقية حضورها المتميز فيها ،وكان لتشجيع العائلة المالكة ودعمها المتواصل لتلك الجمعيات والنوادي أثره الواضح في نجاحها وتحقيق الأهداف المرجوة منها .

فقد كان للملكة حزيمة والأميرة عالية بنت الملك علي ووالدتها الملكة نفيسة وشقيقاتها ، نشاطات خيرية واسعة متمثلة في حملات التبرع بالأموال وخياطة الملابس وتوزيعها على الفقراء، فضلاً عن أنشاء عدد من المراكز الصحية ودور الأيتام تحت رعاية وأشراف مباشرين ، من لدن الملكة حزيمة والأميرة عالية وإقامة الحفلات الخيرية وإيداع أموالها للجمعية وبالتالي توزيعها على المحتاجين. وعلى الرغم من أختلاف تسميات وغايات تلك الجمعيات ألا أنها أنصبت في نهاية الأمرعلى العمل في حقل الخدمة الاجتماعية كما عكست الواقع الاجتماعي والثقافي للمجتمع العراقي ومن أهم هذه الجمعيات:
تأسست هذه الجمعية في الثاني عشر من آذار 1928على يد فئة متعلمة لإنشاء جيل يربى تربية صحيحة وبدأت أعمالها في إنشاء مستوصف لها في بغداد ليقوم بمعالجة ما يمكن معالجته من الأطفال فضلاً عن تزويدهم بالحليب والملابس ، ولتوسيع نشاطها فقد سعت الجمعية الى بناء مستوصف أخر كان الملك غازي قد وضع حجر الأساس له في العاشر من تشرين الثاني 1933وقد أفتتح في الخامس والعشرين من أب 1935 وقام بتقديم خدمات كبيرة إلى الأطفال من الحليب والملابس والأدوية ، كما قام بفتح دورات لتوجيه الأمهات وإرشادهن للعناية بأطفالهن .
وخطت من الملكة حزيمة خطوة اولى تبعتها خطوات مماثلة من نساء العائلة المالكة بعد أن أدركت أهمية هذه الجمعية وأهدافها النبيلة وانعكاساتها الإيجابية على فئات المجتمع العراقي وكانت خطواتها أن أمرت مدير التشريفات العامة بتوزيع بطاقات دعوة في الثامن من كانون الثاني 1929 على مجموعة من نساء العاصمة للحضور إلى القصر الملكي لمساندة الجمعية وجمع الإعانات المالية للمحتاجين كما قامت بشراء الأقمشة ووزعتها على النساء لخياطتها للأطفال المحتاجين، وبإلتفاته كريمة من الملكة حزيمة من أجل تشجيع النساء للانخراط في هذا المشروع الخيري قامت بأخذ كمية من القماش من أجل خياطتها وتوزيعها على الفقراء وقد استعانت في إنجاز هذا العمل الخيري بكريمتيها الأميرة عزة والأميرة راجحة. كما انتهزت الملكة حزيمة بعض المناسبات لاسيما الأعياد لدعم الجمعية فقد تبرعت بمناسبة حلول عيد الأضحى في الحادي عشر من أيار1931 بمبلغ عشرين دينارا لأكساء الأطفال الفقراء من دون تفريق وبصرف النظر عن كونهم مرضى أو أصحاء بل يكفي أن يكونوا فقراء ومعوزين.
كانت الملكة حزيمة تتابع باستمرار نشاطات الجمعية وما تقوم به من أعمال ، ففي الذكرى الخامسة لأنشاء الجمعية ، أقامت الجمعية احتفالها السنوي في الثاني والعشرين من كانون الثاني 1933، وقد حضرت الملكة حزيمة برفقة كريمتيها وفي هذه المناسبة عبرت الملكة عن سعادتها لما تقوم به الجمعية من أعمال إنسانية كما طالبت من عضواتها توسيع نشاطهن بتقديم الخدمات الإنسانية للنساء الحوامل والعوائل الفقيرة .
وهكذا استمرت الملكة حزيمة بإسناد الجمعية حتى وفاتها في الثامن والعشرين من آذار عام 1935، عندها أصبحت الأميرة عالية ملكة العراق ، فأخذت الأهتمام بالمؤسسات العلمية والأجتماعية ، و رعاية هذه الجمعية إذ سارت على نهج الملكة حزيمة ،وبمساندتها وحثها المتواصل تمكنت هذه الجمعية من تحقيق أهدافها المنشودة ، فقد كانت الملكة عالية من السباقات الى التبرع بالأموال بين الحين والأخرلجمعية حماية الأطفال، ففي الخامس عشر من نيسان 1936 تبرعت بمبلغ عشرة دنانيرللجمعية ، كما قامت الملكة عالية في العاشر من نيسان 1936 بالتبرع إلى صندوق الجمعية بمبلغ عشرة دنانير لمواساة الأطفال التي تقوم الجمعية برعايتهم، فضلاً عن اهتمام الملكة عالية بالجانب الصحي للأطفال.
وعندما اكتمل بناء مستشفى الأطفال في الأول من أيار عام 1934، وأنتقل المستوصف إلى البناية الجديدة ، توجه وفد من سيدات المجتمع العراقي لمقابلة الملكة عالية من أجل دعوتها لأفتتاح المستشفى الذي أطلق عليه مستشفى النساء والأطفال . وقد أفتتح في العاشر من أيار 1936،حضره ما يقارب مئة وخمسين سيدة من سيدات المجتمع العراقي منهن عقيلات الوزراء وكبار الموظفين والأطباء والممرضات البريطانيات . وفي هذا الحفل ألقيت كلمة ترحيب وشكر للملكة عالية لما قدمته من خدمات خيرية للجمعية والأطفال على نحو خاص ، مؤكدة أن مؤازرتها هي أكبر مشجع لاستمرار مسيرة هذا العمل الإنساني ، وبعد الانتهاء من كلمة الترحيب قامت الملكة عالية بافتتاح المستشفى وكانت ترافقها شقيقتها الأميرة عبديه وتفقدت البناية ومحتوياتها،وقد أشادت بالنظام العصري الواضح في المستشفى .وقد حققت الجمعية نجاحاً ملموساً في عملها الأمر الذي شجع أعضاءها لتوسيع فروعها وتقديم خدماتها لأكبر عدد من الأطفال، فأفتتح لها فرع نسوي في لواء الموصل عام 1937 .
واصلت الملكة عالية وشقيقاتها جهودهن لتطوير الجمعية وعملت على تنظيم مشروع سمي بـ (أسبوع الطفل ) وبمناسبة عيد ميلاد نجلها الملك فيصل الثاني في الثاني من أيار 1938 تبرعت بمبلغ من المال لصالح مشروع أسبوع الطفل، ودعت إلى تشكيل لجان لافتتاحه في مستشفى الجمعية و نظم احتفال خاص في الثامن والعشرين من ايار 1938 حضره رئيس الوزراء جميل المدفعي ممثلا عن الملك وألقى السيد رئيس الجمعية محمد طاهر سليم، كلمة أستعرض فيه مسيرة الجمعية في أكثر من عشر سنوات، وبعد خروج رئيس الوزراء من القاعة ، حضرت الملكة عالية وبرفقتها شقيقاتها الأميرة بديعة والأميرة جليلة ، وقامت بافتتاح مشروع أسبوع الطفل،وفي بداية الحفل أنشدت بعض التلميذات قصائد حيين فيها الملكة وجهودها تجاه الجمعية وذكرن في مطلعها:
يا أم فيصلنا الأميروربة التاج الأغر
تشرفت حفلتنا التي فيها جلالك قد ظهر
وحماية الأطفال شاكرة على طول الدهر
وبعد ذلك ألقت الآنسة أمت السعيد كلمة أستعرضت فيها أعمال الجمعية وأسبوع الطفل، ثم ألقت الدكتورة أوما أشديد محاضرة حول فائدة التربية الطبيعية للطفل وبعد الأنتهاء من الحفل تفقدت الملكة أقسام المعرض الخاص بالأطفال ،وقد زارالمعرض السفير البريطاني في العراق( كورونواليس Cornwallis) مظهراً إعجابه بهذا العمل الإنساني .
وتباعاً واصلت الملكة عالية مع والدتها الملكة نفيسة دعمها لمشروع أسبوع الطفل عبر زيارتها للأسواق الخيرية التي نظمتها الجمعية في الثاني والعشرين من كانون الأول 1939 ، حيث عرضت فيها ملابس للأطفال والمواد الصحية والكثير من الأمور التي تخص الطفل التي كانت هدايا مقدمة من الشركات والعوائل الثرية وطالبات المدارس، وتشجيعاً لأعمال الجمعية قامت الملكة عالية وشقيقاتها الأميرة بديعة والأميرة عبدية بشراء بعض المعروضات ، وقد أبدت الملكة عالية أعجابها بالقسم الذي خصصه المعرض للوقاية الصحية ، الذي هو عبارة عن عرض لبعض النماذج الجبسية لأعراض الأمراض الخطيرة.
سجلت الحقبة ألاحقة توسعاً في النشاطات المقدمة من الفرع النسوي للجمعية، بما يتناسب وتطورات المرحلة لاسيما ما يتعلق بالنهضة النسوية وما قامت به من خدمات أجتماعية. وفي أحدى أجتماعات الفرع النسوي للجمعية قررت الملكة عالية أن يكون أجتماع الفرع أسبوعياً لغرض تشجيع النساء الراغبات في الأنضمام للجمعية من أجل توزيعهن على اللجان المتفرعة من الجمعية ، لذلك أمرت بعقد اجتماع أخرفي يوم الرابع من آذار 1941وقامت بتشكيل ثلاث لجان وزعت عليهن المهام ، كلفت اللجنة الأولى بالأشراف على خياطة الملابس اللازمة للجمعية ومستوصفها ، وكلفت اللجنة الثانية بزيارة الأحياء الفقيرة والسعي لتعليم الأمهات العناية بالطفل من حيث المأكل الصحي والملبس النظيف أما اللجنة الثالثة فكانت مهمتها القيام بزيارة مستوصفات الجمعية في العاصمة وبذلك فهي تمثل حلقة الوصل مع الجمعية .
ولتشجيع النساء على التبرع تبرعت الملكة عالية بمبلغ مائة دينار وكذلك فعلت شقيقتها الأميرة بديعة والأميرة عبديه فتبرعت كل واحدة منهن بمبلغ خمسين دينارا الأمر الذي شجع النساء الأخريات على التبرع بمبالغ جيدة وألقت السيدة مديحه الهاشمي كريمة السيد ياسين الهاشمي كلمة أشارت فيها إلى الواجب الوطني والإنساني الذي تقوم به الجمعية في تقديم الأعمال الخيرية للطفل العراقي.
أستمر الدعم المالي من سيدات العائلة المالكة لمؤازرة الجمعية ، فتبرعت الملكة نفيسة بمبلغ ثلاثين ديناراً ، أما الملكة عالية فتبرعت للجمعية بمبلغمائة دينار، كما تبرعت شقيقتاها الأميرتين بديعة وجليلة بمبلغ خمسين ديناراًوتبرعت الأميرة صالحة شقيقة الملك فيصل الأول بمبلغ عشرة دنانير، كذلك تبرعت (ليدي كورنواليس Lady.Cornwallis ) زوجة السفير البريطاني بمبلغ خمسة وعشرين دينارا وعصمت السعيد بمبلغ دينارين.
و نتيجة للأهتمام الذي أولته الأسرة المالكة للجمعيات النسوية تأسس عدد من الجمعيات اختلفت في أهدافها وغاياتها ، وكانت أغلب هذه الجمعيات تهدف الى تقديم الخدمات الاجتماعية وهذا الأمر يتطلب عدداً كبيراً من النساء المتطوعات للعمل في حقل الخدمة الاجتماعية ، لذلك عقدت الملكة عالية اجتماعاً في الحادي عشر من تشرين الثاني عام 1944حضرته والدتها الملكة نفيسة وشقيقتيها الأميرة عبديه والأميرة جليلة في قاعة الكلية الملكية ، كما حضر الاجتماع عدد كبير من زوجات أعضاء السلك الدبلوماسي وكانت من ضمنهن الليدي كورونواليس زوجة السفير البريطاني فضلاً عن زوجات الوزراء ، وألقت الملكة في هذا الاجتماع خطاباً طالبت فيه التطوع للعمل في هذه الجمعية مؤكدة بأنها تقوم مقام الوالدين بما تقدمه من مساعدة للأطفال اليتامى والمعوزين.
كما ناشدت في هذا الاجتماع الحاضرات إلى التكاتف ، وقد عدت هذا العمل واجباً مقدساً مؤكدة لهن بأن العراق سيكون مديناً لكل خطوة يقمن بها لإنشاء جيل قوي البنية وسليم العقل وطلبت منهن مضاعفة الجهود لإنجاز أعمال الخياطة والحياكة الخاصة الجمعية للتعرف على مشاكل الأطفال المرضى . وبما أن الطفل هو المحور الأساسي للأجتماع ، فقد أكدت على الحاضرات أن تكون كل واحدة منهن مرشدة وواعظة بتقديم النصائح للأمهات، كما أكدت ضرورة المساهمة المادية بما يتيسر لهن ، وتقديم المساعدة لكل ما تتطلبه هذه الجمعية ثم قامت الملكة عالية بتوزيع الأقمشة على الحاضرات للقيام بخياطتها بعد أن أخذت هي وشقيقاتها قسماً منها. ثم ألقت السيدة صبيحة الشيخ داوود(3) كلمة أشادت فيها بالدور الكبير للملكة عالية وما قدمته للجمعية من خدمات عظيمة سواء أكانت هذه الخدمات عن طريق حضورها المستمر لتشجيع العاملات في الجمعية ومساعدتهن في الأشغال اليدوية كالخياطة أو ، عن طريق التبرعات المتوالية وكذلك استعرضت دور شقيقاتها ووالدتها لمساعدتهن الجمعية في كل عمل خيري.
ولم تقتصر نشاطات الفرع النسوي للجمعية على تقديم الخدمات الاجتماعية فحسب بل أقيمت دورات لتدريب السيدات على حماية ووقاية الأطفال وتربيتهم على وفق الطرق الحديثة ،وعلى يد متخصصات في هذا المجال حيث نظمت دورات الأمومة لتهيئة أمهات يحسن تربية الأطفال والعناية بصحتهم ، و قد أثمر ذلك عن تخريج دورتين في الثاني عشر من تشرين الثاني 1944، وأقيمت حفلة على قاعة الكلية الطبية لتوزيع الشهادات على خريجات الدورة ، وقامت الملكة عالية بتوزيع الشهادات على الخريجات ترافقها شقيقتاها الأميرة بديعة والأميرة جليلة ، كما ألقت الملكة عالية كلمة تحدثت فيها عن أعمال الجمعية وما قامت به من مشاريع خدمية لأبناء المجتمع لاسيما الأطفال الفقراء والمرضى.
وبعد انتهاء الملكة عالية من كلمتها تقدمت السيدة عصمت السعيد عقيلة صباح نوري السعيد فألقت كلمة شكرت فيها الملكة لما أبدته من تشجيع ورعاية لهذه الجمعيةثم وزعت على المدعوات مجموعة من النشرات الصحية لإرشاد الأمهات إلى كيفية العناية بأطفالهن عند الرضاعة وأوقاتها ومقاديرها بحسب تدرج سن الطفل ودعت الأمهات إلى حضور المحاضرات التي أعدها لهذا الغرض أطباء الجمعية. ومن جانبها دعت الملكة الحاضرات إلى الأسهام في مشروع إنقاذ الطفولة وذلك بإنشاء دار الطفل لإيواء الأيتام والمعوزين وقد لقيت هذه الدعوة ترحيباً من نساء المجتمع العراقي وكانت الملكة عالية أول المتبرعات فقد تبرعت بمبلغ مائة دينار.
كما أولت الملكة عالية هذا المشروع الإنساني الخيري اهتماماً كبيرًا حتى أنها دعت إلى التبرع الإجباري لبناء ( دار الطفل ) لغرض إيواء الأطفال الذين لا تتجاوز أعمارهم سبع السنوات ، ممن لم يتوفر سكن لديهم ، وتضم هذه الدار روضة ومستوصفاً وقاعات للألعاب ودار سينما للأطفال ، كما أنشأت دوراً للأمهات اللواتي يعملن نهاراً في الجمعية وتطلب هذا المشروع جمع مبلغ خمسين ألف دينار عراقي ،وقد جمع هذا المبلغ من التبرعات بالفعل ، وبعد ذلك تألفت لجنة لبناء هذه الدار يرأسها السيد جميل المدفعي، ونائبها السيد محمد مهدي كبة كما تكونت لجنة تنفيذية أخرى برئاسة الدكتورسندرسن باشا وعضوية كل من محمود الشاهبندر والسيد باقر أحمد
وهكذا وبجهود الملكة ونشاطها تم بناء دار لأيواء اليتامى من الأطفال.
ولم يقتصر نشاط الجمعية على الأعمال الخيرية فحسب بل كان لها نشاطات أخرى ففي الثاني عشر من كانون الثاني 1944 عقد المؤتمر النسائي الأول في القاهرة برئاسة السيدة هدى شعراوي ويعد هذا المؤتمر نقطة تحول مهمة في نضال المرأة العربية التي برهنت على كفاءتها وتفاعلها مع الأحداث وقدرتها على تحمل مسؤوليتها الوطنية والقومية ويهدف المؤتمر الى تكثيف الجهود لإيجاد تنظيمات نسوية في الأقطار العربية وقد قامت السيدة هدى شعراوي بتوجيه نداء إلى نساء الوطن العربي لحضور هذا المؤتمر فاستجابت الأتحادات والجمعيات النسوية التي كان العراق من ضمنها إذ تشكل وفد نسوي برئاسة السيدة نظيمة تحسين قدري عقيلة السيد تحسين قدري الوزير المفوض في مصر فضلاً عن عضوية كل من السيدة مائدة الحيدري ممثلة جمعية حماية الأطفال، والسيدة سرية الخوجة ممثلة جمعية الهلال الأحمر والدكتورة سانحة أمين زكي ممثلة وزارة الشؤون الأجتماعية . وفي أثناء أنعقاد المؤتمر ألقت مندوبة جمعية حماية الأطفال مائدة الحيدري كلمة مستعرضة فيها نشاط الجمعية منذ تأسيسها عام 1928 والأهداف التي أنصبت على مساعدة الأطفال الفقراء واليتامى منذ ولادتهم وحتى سن السابعة كما أستعرضت نشاط الجمعية في تأسيس المستوصفات لعلاج الأطفال وأمهاتهم ووقايتهم من الأمراض بإرشاد أطباء أخصائيين وممرضات متمرسات كما تحدثت أيضا عن مشروع إنقاذ الطفولة المشردة المدعوم من الملكة عالية والذي يضمن رعاية الطفل منذ ولادته حتى يكون قادراً على العمل.
وقد تبرعت الملكة عالية بتكاليف سفر مندوبة الجمعية السيدة مائدة الحيدري البالغة مائة دينار ،لكي يكون للمرأة العراقية حضورها الفعال في هذا المؤتمر فقابلت الأوساط النسوية هذا الدعم بمزيد من التقدير للملكة لأخذها بيد المرأة العراقية.
أخذت الجمعية في التوسع ، فأسست لها فرعاً نسوياً في لواء بغداد في الثاني عشر من آذار عام 1945 ،الذي جاء متأخرا بالقياس الى الفرع النسوي في الموصل الذي تأسس قبل ثماني سنوات وكانت أهدافه وغاياته لا تختلف عن أهداف الجمعية من تقديم خدماتها للعوائل الفقيرة والحوامل ،ثم أخذت الجمعية في فتح فروع لها في الألوية الأخرى كالنجف والعمارة والناصرية وكانت الملكة عالية تولي هذه الفروع أهتماماً كبيراً وتتابع نشاطاتها بأستمرار.و أعتمد فرع الجمعية في بغداد في ميزانيته على اشتراكات العضوات وتبرعات المواطنين وريع الأسواق الخيرية والحفلات التي يقيمها الفرع ، وكان للفرع نشاطات متميزة ، ففي نيسان 1945 أقيمت حفلات ترفيهية كان الهدف منها جمع المال لمساندة الجمعية ،ومنها حفلة تمثيلية أقيمت على قاعة الملك فيصل الثاني في التاسع عشر من نيسان 1945 وشاركت فيها فرقة مصرية وكانت هذه الحفلة برعاية الملكة عالية كما أقام الفرع حفلات موسيقية ترفيهية في الثاني والعشرين من نيسان 1946بحضور الملكة عالية والأميرة جليلة والأميرة عبديه وبحضور والدتهن الملكة نفيسة تشجعاً ودعماً منهن للجمعية ويعود ريع هذه الحفلات لمنفعة الأطفال الفقراء.
وتوجت جهود الجمعية بتأسيس مستوصف الشيخ عمر عام 1947 الذي عرف (بمبرة الملكة عالية ) تيمناً باسم الملكة عالية والتي أنشئت على غرار مبرة الملكة فريدة في مصر، لمساعدة العوائل الفقيرة ، وتبرعت الملكة عالية لهذه المبرة بمبلغ خمسين ديناراً في السابع عشر من كانون الأول 1947 ، كما قام الفرع النسوي بتوجيه نداء الى اصحاب المتاجر والمحسنين للتبرع لأنشاء هذه المبرة ، وقدمت الجمعية شكرها للملكة عالية وكل من لبى هذا النداء لدعمهم المتواصل للجمعية ، ونظراً للجهود التي بذلتها الملكة عالية تجاه الجمعية فقد صدرت الأرادة الملكية قراراً بمنحها نوط حماية الأطفال من النوع الذهبي.
ونظراً لجهود الملكة عالية في أعداد بيئة صحية وأجتماعية صالحة ولكونها الرئيسة الفخرية لجمعية حماية الأطفال ، فقد رشحتها وزارة الخارجية العراقية في السادس والعشرين من نيسان الأم الأولى 1950رداً على البرقية التي أرسلتها القنصلية العراقية في نيويورك طالبة فيها ترشيح الأم الأولى لمنحها جائزة الدبوس الذهبي الممنوحة من لجنة الأمهات الأمريكيات. ونظرا لأتساع مسؤوليات النساء فقد أصبحت لهذه اللجنة مسؤولية دولية تمنح فيها جائزة لكل أم من كل دولة من الدول التسع والخمسين المنضمة إلى هيئة الأمم المتحدة عند الاحتفال بيوم الأم في الثاني عشر من أيار من كل عام، وعند وصول البرقية أتصل المسؤولون بوزارة الشؤون الاجتماعية التي أعلمت جمعية حماية الأطفال أنها اقترحت أن تكون الأم العراقية التي تستحق هذه الجائزة هي الملكة عالية.