الشطرة..وبدايات تأسيسها قبل منتصف القرن التاسع عشر..

الشطرة..وبدايات تأسيسها قبل منتصف القرن التاسع عشر..

■ طالب الشطري
من مدن الفرات الأوسط الجميلة، تقع على مسيرة 45 كيلومترأ من الناصرية جنوبا حيث يقترن أسمها بإنشطار (نهر الغراف) قبل وصوله المدينة بخمسة كيلومترات الى شطرين يذهب الأيسر منهما إلى (هور الحمار)،ويسمى (شط البدعة) ويمر الثاني بالشطرة ثم يتفرع الى عدة فروع. ينصف الشطرة نهرها الذي وقف وراء شقه في العهد الملكي النائب عبد الهادي المنتفكي وقد تحول النهر الى مجرى قريب وتحولت المدينة وراؤه.

يبدأ تاريخ الشطرة حينما أسس جماعة من اهل (الغراف) قرية كبيرة في اراضي خفاجة اطلقوا عليم لفظة (الشاهينية) وهو اسم مدينة معروفة في التاريخ الحديث للأمير عمران بن شاهين، وقد اضمحلت هذه القرية في حدود عام 1787 م على اثر جفاف النهر الذي كان يرويها فا نتقلوا الى جدول (الخليلية) الذي كان يغذيه نهر(الغراف) واسسوا عليه قرية باسم (الشطرة) بقيت ماهولة بإلسكان زهاء تسعين حجة ونيف. وقد مر الرحالة البريطاني (هود) بالشطرة عام 1817م فقال في وصفها : " وصلنا فى 27 كانون الثانى الى الشطرة وهي مدينة معتبرة، وهي المدينة الوحيدة التي تستحق هذه التسمية بعد الكوت الذي مررنا بها "
وعمر الشطرة الحالية بعمر الناصرية تقريبا اذا ارتبط اسم الناصرية باسم مؤسسها ناصر الاشقر السعدون بينما قام ابنه بتاسيس الشطرة وسميت وقتها بالعدنانية أي على اسم الابن.وكان نعوم سركيس التاجر البغدادي المعروف (وهو والد المؤرخ العراقي يعقوب سركيس)، يتردد الى (سوق الشيوخ) ويقيم فيها لمشترى الاصواف وغيرها وتصديرها الى بغداد، وذلك قبل مشيخة ناصر السعدون بعشر سنوات، فما كانت مشيخة ناصر باشا المذكور سنة 1866 م، قر به اليه واتخذه امينا له ومستشارآ في بعض شؤونه، مع بقائه على تجارته، فكان في هذه الحقبة يصدر الحبوب الى البصرة والتمور الى الهند. وكان لمحمد الجاسم وكيل نعوم سركيس في الشطرة (منتر) على الغراف يذخر فيه ما يشتريه له من غلال، وموقعه اليوم في مدخل الشطرة من جهتها الشمالية، فاخذ نعوم يشوق الاهلين على الانتقال الى جواره، وشرع هو في بناء خان له مع قيسارية اهدى بعض حوانيتها الى معارفه من وجوه الشطرة ترغيبا لهم على الانتقال فكانت هاتان البنيتان نواة قصبة (الشطرة الجديدة) وكان ذلك في حدود سنة 1837 م. وفي سنة 9 184م شرع في بناء دار للحكومة وما لبثت ان سرت الحركة العمرانية فيها سيرأ مطردا حتى غدت عروس قرى الغراف وقصباته. فما كانت سنة 1881م حدث خلاف بين الحكومة والسعدونيين فاحتلت الحكومة لواء المنتفق ومنه الشطرة.
وقد اقيمت على الضفة اليمنى من الشطر الثاني قصبة الشطرة الجميلة التي كتب لها نحس الطالع ان تكون في محيط الفتن التي وقعت في المنتفق قبل الحرب العالمية الاولى (حرب عام 1914 – 1918 م) فجعلتها بيوتا مقوضة الجدران ومبان قليلة العمران وقيساريات عصرية مهملة. فما تم الاحتلال البريطاني الأول للعراق، واعيدت النظم الادارية فيه، وتألفت الحكومة العراقية، شرع في تنظيم (الشطرة) مرة اخرى، فنشطت حركة العمران فيها، وعاد اليها من كان قد هجرها، وانتقل اليها ارباب الكسب والارتزاق من سائر الأنحاء وأخذت تسترد منزلتها القديمة بالتدريج. وفي عام 1930م شرع في البناء على الضفة المقابلة لقصبة الشطرة بعد ان مد جسرحديدي فشيدت دارللقائمقام، وناد للموظفين ومدارس للبنات والبنين، وبضع دور للموسرين، كما اخذ العمران يتسع على الضفة اليمنى (الاصلية) فبنيت الأنزال للشيوخ، والدور للموظفين، والمرافق العا مة للحكومة والأهلين واقيم فيها مشروع للماء، وآخر لتوليد القوة الكهربية.
وقد جاء في السجلات الحكومية لسنة 1947 م ان نفوس قضاء الشطرة (68 0 95) نسمة بحسب الاحصاء العام الذي جرى في هذه السنة. ناحية الدواية : لقضاء الشطرة ناحية واحدة يقال لها (الدواية) ومركزها القرية المسماة باسمها القائمة على نهر البدعة المتشعب من الغراف في موضع يبعد15 كيلومترأ من الشطرة جنوبا، وهي جموعة من المبان الطينية مع سراي للحكومة ومدرسة للبنين ومستوصف.
والمدينة اليوم بقسمين شرقي وغربي عن النهر، حيث يسير شارعان طويلان معبدان حذاء النهر يبداءن من ناحية البدعة شمالا إلى مرقد أحد أحفاد الإمام الكاظم وهو السيد العباس بن الكاظم جنوبا وجزء من مقتربات الشارعين ترابية وهي التي تقع خارج حدود المدينة القسم الغربي يضم سوقا مسقفا مقسما حسب المهن والحرف فلكل حرفة او مهنة شارع خاص بها ولا يوجد تعدي على هذه القاعدة حتى عام 1980. ويضم هذا القسم اربعة مساجد ثلاثة منها كبيرة وواحد صغير داخل السوق وتعتبر منارة جامع السنة اعلى نقطة في المدينة. وفي القسم الغربي تقع دائرة البريد والبرق والهاتف حسب اسمها ومكتبة الشيخ الكرباسي ومتوسطة الشطرة وعدد من المدارس الابتدائية وشوارع هذه القسم الرئيسية معبدة بطريقة الرصف بالطابوق ثم الاكساء بالاسفالت. وفي هذا القسم ايضا نعمت المدينة باولى بوادر الصناعة اذ كانت هناك طاحونتان كبيرتان الحق بهما مصنع للثلج. يعبر الصوب الغربي الى الصوب الشرقي على ثلاث جسور هي الجسر الاصفر وهو خشبي مخصص للسابلة جميل الهندسة وجسر الشطرة وجسر حاج خيون حيث يقع الاخير بقرب قصر الحاج خيون ال عبيد وهو احد ساسة الجنوب الذين كانت لهم رؤيتهم الخاصة بشان الثورة على البريطانيين عام 1920.
القصر يختلف عن عمارة المدينة ويتنافر معها وهو بجناحين واحد للحكم والاخر للحريم وفوق شرفته وقف ملك العراق حيث كان الشيخ خيون العبيد هو السلطة الفعلية في المدينة تسنده عشيرته العبودة. يرتبط القصر بابواب داخلية مع سلسلة بيوت مبنية على جداره الخلفي وتابعة له وامامه يقع بيت العبيد وله بابين كبيرين من الحديد المشبك الذي يذكر بابواب قصور الاقطاع في اوروبا. تنزل المدينة الى شاطئ النهر من خلال اماكن محددة على شكل درجات تسمى مسنايات وهي نظيفة وشاطئ النهر مزروع ببعض الاشجار وخاصة عند قلب المدينة اذ كان هناك كورنيش مشجر ومسيج وشاطئه نظيف. عبورا الى القسم الشرقي تبدا المدينة باعدادية الزراعة من جهة الشمال حيث حقول الزهور والمناحل وحقول الدواجن والابقار التطبيقية ومن ثم بساتين ثم المكتبة العامة وهي بصالة كبيرة للقراءة واخرى للكتب كان فيها حتى عام 1980الاف العناوين. شارع صغير يفصل المكتبة العامة عن الحديقة العامة يفصلها الشارع الرئيس عن النهر الحديقة عبارة عن مجموعة دوائر من اشجار الاسيجة وخاصة الاس وفيها عدد من النخيل وحقول صغيرة من الورود واشجار متوسطة الارتفاع لورد الروز بعدة الوان اضافة الى ورود الدفلى. ياتي بعد ذلك مركز الشرطة او السراي تتوسطه اشجار السدر وفي بابه ينزرع اضافة الى شجرتين اخريين من السدر شرطيان في حالة استعداد عسكري. كان دخول مركز الشرطة لاتسبقه أي نوع من الاجراءات اثناء وقت الدوام الى انه ومنذ بداية عقد الثمانينات بدات الامور تتعقد الى حد كبير خطوات تاتي مدرسة ابتدائية كبيرة هي اكبر مدارس القضاء بعد مدرسة النهضة والى جانب مدرسة الشطرة الابتدائية يقع المستشفى وفيه جناح للرقود وعيادة خارجية ومركز للاسعاف الفوري، ثم دار السينما تلاصق المحكمة والى جانبهما دائرة البلدية، كان هناك محطة للنقل وسط القسم الشرقي من المدينة وهي مقسمة حسب المناطق التي تنطلق اليها السيارات واماكن انتظار السيارات مسقفة والساحة او الكراج كبير ومسيج بجدار دائري حوله دكاكين سوق البنكلة وامامه حديقة دائرية تسمى الفلكة وخلفه يقع سوق السمك وهو سوق حديث التقسيم والبناء. عبر شارع واحد يقع نادي العمال وهو الوحيد الذي يقدم لزبائنه الخمر اضافة الى دكانين يقعان قبالته مباشرة. كان في المدينة نصب يقع قبالة السوق الكبير للمثال عبد الرزاق الكايم وهو احد ابناء المدينة يجسد النصب حالة الثورة الاجتماعية والعلمية والسياسية وهو على صلة باحداث عام 1958.