الموسيقا والأغنية العربية..التطوير والتأثير

الموسيقا والأغنية العربية..التطوير والتأثير

يتناول كتاب (الموسيقا والأغنية العربيّة..أعلام وقوالب وتأثير وتطوير)، لمؤلفه ياسر المالح، جملة شؤون وشجون متعلقة بـ: الموسيقا والأغنية العربيّة، أبرز رموزهما، القوالب الغنائيّة، عملية التأثير والتطوير التي طرأت عليهما في العصر الحديث.


يبدأ الكتاب بالوقوف عند ثلاثة أعلام في الغناء العربي، هم: سيد درويش الذي يراه المؤلف لحناً لا ينتهي، ومبدعاً مات وهو في الحادية والثلاثين من عمره بلا ضجة، كما أنه قوبل بالجحود والإهمال في حياته ومماته. ثم يتحدث عن محمد عبد الوهاب رائد الحداثة في القرن العشرين، والاسم الكبير في فضاء الموسيقا والغناء العربيين.. الذي غطت شهرته الآفاق طوال القرن العشرين، ثم بدأت تتقلص شيئاً فشيئاً بعد رحيله. أما المطربة أسمهان فيراها صوتاً يعبر الزمان، إذ ظهرت في منتصف القرن العشرين ورحلت منذ نحو ستين عاماً، ولا يزال هذا الصوت يلامس أسماعنا جيلاً بعد جيل، ويستقر في الوجدان ليدخل عالم الخلود.
يقف المالح، بعدها، في بحثه القوالب الموسيقية والغنائية، عند (الليل والعين والموال). ويبين ان الموال قالب غنائي له أصوله وقواعده، وهو زجل يقترب من القصيدة حيناً ويبتعد أحياناً ليكون فناً شعبياً خالصاً، لكن معظم الشبان الذين يحبون الغناء العربي لا يعرفون الموال في أصوله وأنواعه وناظميه ومغنيه وتوزعه الجغرافي، بمن فيهم الذين يدرسون الموسيقا، حسب المالح.
ومن ثم يقف المؤلف عند الطقطوقة التي عمرها مئة سنة. كما يتناول: الأناشيد الوطنيّة (وهي تعبير شعبي عن حب الأرض والوطن)، ومن أشهرها: بلاد العرب أوطاني. كذلك يُشير الكتاب إلى أغاني أطفال العرب. وهي أنواع، منها: أغاني المهد التي عُرفت منذ الجاهليّة واستمرت حتى اليوم، وأغاني رياض الأطفال، وأغاني برامج الأطفال في الإذاعة والتلفزيون والسينما والمسرح والسوق.
يخصص المالح، مساحة مهمة في كتابه لموضوع تأثير ودور الشاعر السوري نزار قباني الذي شغل الناس في النصف الثاني من القرن العشرين، على الموسيقا والأغنية العربية، لافتاً الى ان شعره لايزال حديث العشاق وأهل السياسة. وشعر نزار، عدا ما يحفل به من موسيقى ذاتية، هو شعر هذا العصر، إذ يترجم العلاقة اليوميّة بين الرجل والمرأة، بألفاظ تحسبها من الحوار العادي. والعام 1960 هو البداية الحقيقيّة لغناء شعر نزار من قبل المطربين والمطربات، اذ ظهرت أغنية (أيظن أني لعبة بيديه)، التي غنتها نجاة ولحنها محمد عبد الوهاب.
ثم جاءت أغنية (أصبح عندي الآن بندقيّة)..غنتها أم كلثوم ولحنها محمد عبد الوهاب. ثم غنى له نجيب السراج (بيت الحبيبة) وفيروز (لا تسألوني)، وماجدة الرومي (بيروت)، وعبد الحليم حافظ (رسالة من تحت الماء)، وفايزة أحمد (رسالة من امرأة). ثم غنى له العديد من المطربين والمطربات منهم: كاظم الساهر، خالد الشيخ، لطيفة.
ومن الموضوعات التي أثارها الكتاب: تحليل قصيدة (قارئة الفنجان)، المعارضة الشعريّة والأغنية العربيّة، وأبريت مجنون ليلى، المسرح الغنائي.
يثير المالح في كتابه، الكتاب جملة من المسائل المتعلقة بالأغنية العربيّة، منها: أثر التكنولوجيا في الأغنية العربيّة ذات الأصول المغرقة في القدم. اذ بدأت من عصر الجاهلية، مروراً بالعهد الإسلامي، ووصولاً إلى عصرنا الحالي. ويشير إلى وسائل تقديمها بوساطة الحاكي والأسطوانة والسينما والإذاعة والتلفزيون. ثم في (الفيديو كليب) الذي يعتمد على أغنية مسجلة توحي للمخرج بالمكان والزمان ومظهر المؤدي..
ومشاركته وبعض التفاصيل الأخرى، لكن (الفيديو كليب) بشكل عام، لا يترجم مضمون الأغنية الحرفي إلى مشهد أو حركة. ويستعرض الكتاب أثر الموسيقى الإسبانية في اللحن والغناء العربيين، والجاً إلى ذلك، من تأثير العرب في الأساس، في الموسيقا الإسبانية والأوروبية. ثم يقف عند التانغو (التي تعتبر رقصة القرن العشرين) وعلاقتها بالغناء العربي. وفي السياق، يبين المالح علاقة الفالس والرومبا بالغناء العربي، ويشير إلى اللمسة المصرية في المدرسة الرحبانيّة.. وكذا يؤكد أنه وجد الأخوان رحباني في سيد درويش رمزاً للتجديد في التلحين والتوزيع.