الحلاقة التي قفزت الى مرتبة النجوم وكانت تصبغ وجهها بالوان الماء!

الحلاقة التي قفزت الى مرتبة النجوم وكانت تصبغ وجهها بالوان الماء!

أن اشهر اثنين في العالم، كانا تعملان، في محل للحلاقة، احدهما في لندن والاخرى في استوكهلم، وكان كلاهما يغمس الفرشاة في الصابون ثم يغطي وجه الزبون به ثم يقوم الاسطى الحلاق بازالة اللحية او الشارب!
انهما شارلي شابلنن وجريتا جاربو!!
وعندما ذهبت جربتا جاربو الى امريكا لأول مرة، لم يكن الشعب الامريكي قد سمع بها.

بل انها لم تكن تستطيع المتحدث باللغة الانجليزية، وكان ذلك منذ عشرة اعوامن ولكن جربتا باربو اليوم، وهي في الحادية والاربعين اصبحت من اشهر نساء العالم. بل انها اصبحت اكثر شهرة من ملوك وملكات آل فيكتج الذين تربعوا على عرش السويد خلال المائتي سنة الاخيرة وكانت جريتا جاربو في طفولتها ابعد ما تكون عن الصخب.. كانت تكره ضجة المدرسة كما انها اعتادت ان تهرب في بعض الاحيان الى كواليس مسرح المدرسة وتشب على اصابع قدميها لتستمتع بالرواية التي تمشي دون ان تشتري تذكرة!!
ثم تعود في المساء الى منزلها، في شبه ثورة، فتصبغ وجهها بالوان الماء التي يستعملها الاطفال وتتظاهر بانها سارة برنار وقد مات والدها وهي في الرابعة عشرة من عمرها، وترك اسرته في فقر مدفع، وبعد ان اشتغلت جريتا في صالون احد الحلاقين بعض الوقتن وجدت لها عملا في حانوت لبيع الخردوات في استوكهلم.. فراحت تبيع فيه القبعات!!
وفي احد الايام وقع حادث تافهن غير مصيرها، ودفع بها بعيدا في طريق الشهرة، بعيدا اكثر مما كانت تنتظر!! فقد ظهرت في اعلان ترتدي احدى القبعات.. وانتشرت هذه القبعة انتشارا واسعا، الامر الذي دعا صاحب الحانوت الى اخراج فيلم للدعاية عن قبعاته تقوم فيه جريتا بدور"الموديل"!!
ولو لم يشاهد مخرج سينمائي ذو نظرة خبيرة، ذلك الفيلم، لكانت جريتا حتى اليوم بائعة القبعات!!
وكان هذا المخرج اول ضحايا جمال جريتا.. وكانت في ذلك الوقت في السادسة عشرة من عمرها، فاقترح عليها ان تدرس فن الدراما!!
وبطبيعة روحها السويدية البسيطة، كانت تؤمن، انها بتركها محل بيع القبعات بدخله الثابت الذي تعتمد عليه، انما ارتكبت اخطر عمل في حياتها!!
وفي احد الايام، ارسل المخرج السويدي المعروف موريس ستللر الى مدرسة الدراما يطلب فتاة صغيرة السن لتقوم بدور قصير في احد الافلام.. وفازت جريتا جاريو بهذا الدورن وكان اسمها في ذلك الوقت جريتا جوستافسون.. ولكن اسم جوستافسون لم يكن اسما شاعريا او ذا جاذبية، كما انه كان من الصعب ان يعلق بالذاكرة.. وفي حركة سحرية تحور اسم جريتا جوستافسون الى جريتا جاريو!!
وجريتا مخلوقة من اشد مخلوقات العالم خجلا، واكثرهن غموضا!! انها تبدو كلغز حتى مع هؤلاء الذين يعملون معها.. فمثلا، عمل ولاس بيري معها في نفس الاستوديو عامين كاملين دون ان يراها.. بل الاغرب من ذلك انهما عملا معا في فيلم وحاد ولم يشاهدها مرة واحدة!! كانا يقومان بدوريهما في منظرين مختلفين.. وكان كل منظر يلتقط في وقت يختلف عن الاخر.. وحدث مرة ان ذهب ارتر برسبين وهو من اعظم كتاب امريكا، الى هوليوود، وطلب ان يشاهد جريتا جاربو، وهي تمثل في احد الافلام..
وعندما ذهب الى"البلاتو"رفضت جريتا جاربو ان تظهر امامه!! وقالت:
- اني اقرأ مقالات مستر برسبين كما اني معجبة به.. ولكني لا استطيع ان امثل بينما ينظر الى!!
وعندما تندمج جريتا جاربو في منظر عاطفي فانها تطلب عادة من مخرجها ان يغادر البلاتو حتى لا يراها احد، الا المصور وحده!!
والمصور اسمه ويليام دانيالز وقد عمل معها في فيلمها الاول الذي التقط في امريكا!! وفي هذه الايام.. كانت جريتا تتكلم انجليزية ركيكة، وكان الجميع يضحكون عليها الا ويليام دانيالز كان ذكيا ليحس، ان تلك الفتاة الصغيرة الجميلة، الغريبة، مخلوقة رقيقة الشعور وانه من السهل استثارتها!!
وعندما انتهت جريتا من تمثيل الفيلم، هنأها ويليام وقال لها انه يتمنى ان يعمل معها مرة اخرى!! وكادت جريتا تبكي من فرط اعترافها بالجميل!!
وعندما ذهبت الى اوروبا.. هل كتبت الى مدير الشركة التي تعمل بها؟ لا.. بل انها لم ترسل اليه كارت بوستال واحدا!!
اما دانيال فقد تسلم منها برقية واحدة!!
وفي الوقت الذي تنتهى فيه جريتا جاربو من تمثيل منظر تختفي بسرعة، كالغزال الشارد.
وتلجأ الى مخبئها، ولا تخرج منه مرة اخرى حتى ينادوا عليها لتمثيل المنظر الثاني!!
بل لعله من الغريب حقا ان يحرسها رجل عند باب الاستديو حيث يسجل الصوت، واخر داخل البلاتو نفسه!!
بل لعله من السهل ان ترى رئيس الولايات المتحدة، او ملك انجلترا، ولكن من الصعب ان ترى جريتا جاربو!!
وبالرغم من ان لجريتا جاربو ملايين المعجبينن الا ان اصدقاءها يعدون على الاصابع..
انها تعاني من مركب نقص فظيع.. لانها بالرغم من شهرتها ترتعد عندما تقدم الى شخص عظيم!!
وهي ايضا من اكثر نساء العالم اللاتي يعنين من الوحدة، انها تتناول طعام العشاء في عيد الميلاد وحدها في منزلها الكبير..
ولا يزورها الا اثنان من اصدقائها المقربين في هذا المنزل.. والتليفون فلما يدق.. والضحك نادرا ما تردده جدران المنزل!!
وليس هناك اكثر من اثني عشر شخصاً في امريكا يعرفون اين تعيش جريتا جاربو حتى الذين يعيشون في المنزل المجاور لا يعرفون ان جريتا تسكن بجوارهم.
وذات مرة استأجرت جريتا منزلا.. ودفعت اجرة ثلاثة شهور مقدما.. ولكنها لم تنزل فيه اكثر من ثلاثة ايام لان احد المصورين اكتشفه.
وتيش جريتا عيشة اكثر بساطة من زميلاتها النجوم، فهي تسوق سيارة عتيقة.. عتيقة لدرجة تثير السخرية.. لانها تحتاج الى دهان!!
ولجريتا ثلاثة من الخدم.. الاول سائق سيارتها الخاص، ثم خادمة زنجية، ثم طاهية.. وتصرف جريتا في الاسبوع عشرين جنيها ومرتبها في الاسبوع 1500 جنيها..
وبهذه المناسبة نذكر ان سائقها الخاص يحمل معه دائما بندقية!! وتحب جريتا الحيوانات الاليفة، وقلما تمر على كلب او حصان دون ان تقف لحظات وتربت عليه، وتربي جريتا الضفادع واسماك الزينة في حمام السباحة.. ويقول المؤلف المعروف هومر كروي.. انه عندما قابل جريتا جاربو، كانت تلعب مع ضفدعة.. وان الحديث الوحيد الذي دار بينهما كان حول الضفادع، في ذلك اليوم!!
وتميل جريتا الى ارتداء"السويتر"وبنطلون بحار، عندما تخرج، وعندما لا تمثل لا تستعمل ادوات الزينة قط.. كما انها لا تضع الروج او تلون اظافرها..
ولعلك سمعت تلك الفكاهات الى تقال عن قدميها وضخامتهما.. وفي الواقع ان قدميها ليستا كبيرتي الحجم.. ان طول جريتا خمسة اقدام، وست بوصات وترتدي حذاء مقياسه 7 بوصات!
وقد قيل لي ان هذا هو متوسط مقياس الحذاء الذي يتناسب مع طول امراة في مثل قامة جريتا واسنان جريتا بيضاء كانها قطع من العاج المتألق.. انها لم تزر في يوم ما طبيب اسنان..
آخر ساعة / تموز-1950