اجمل جيد في العالم لاتعترف بالحب

اجمل جيد في العالم لاتعترف بالحب

هذه هي صاحبة أجمل جسد في العالم.. هكذا قررت في الأسبوع الماضي الجمعية الدولية للمصورين العالميين.. ثم أشارت الى فتاة متفجرة الأنوثة، لا يعرفها بعض النقاد الا وهي عارية اسمها بريجيت باردو

تسلقت بريجيت باردو قمة القائمة التي ضمت بعدها، مارلين مونرو، وجين مانسفيلد وجينا لولو بريجيدا وديانا دورس وآفا جاردنر...

وأصبحت تحمل لقب صاحبة أجمل جسد في العالم.
تخطت بريجيت كل هؤلاء وتربعت على عرش فينوس.. والذين شاهدوها يقولون انها تستحق اللقب والعرش عن جدارة، فان كل النساء يظهرن جميلات في صورهن، اما بريجيت فانها الوحيدة التي تتفوق طبيعتها على صورتها.. بحيث لا تملك وانت تراها الا ان تطوف بعينيك على محاسنها.
وراء صاحبة أجمل جسد قصة.. قصة مثيرة..
في سنة 1940، والأقدام النارية الغليظة تزحف على اوربا وتلتهم البلدان التهاما وتنشر الذعر وتوزع الرعب.. كانت كتائب منها تزحف نحو باريس تشفي غليل الحقد الدفين في صدور الألمان نحو الفرنسيين، وكانت جحافل الفارين من النازية تخرج من باريس في سبيل لا ينقطع،وافواج المذعورين تملأ الطريق الضيق المؤدي الى الجنوب حيث فرنسا الحرة، التي لم تقع في أيدي الالمان.
والفارون يحملون ما استطاعوا حمله من أمتعة فوق ظهورهم، او على عرباتهم، او في سياراتهم.. وكانت هناك صبية في الخامسة من عمرها تهرول فيما يشبه الجري لتلحق بأمها، اما الأب.. وان كان رجل اعمال مرموقا، فانه شغل بدفع عربة صغيرة أمامه عليها كل ما تملك الأسرة من الدنيا... بضع وسائد، وحشية، وعدد من النبات، وبين ساعة واخرى تدق الرؤوس وأصوات المدافع، ويجري الذين في المؤخرة فيحدثون ضغطا خانقا على الذين في المقدمة وفي الوسط.. وهنا تنحني الام – على وهنها – فتحمل الصغيرة بين يديها.. وتجري!
رحلة مجنونة قاسية، سقط على الطريق فيها عشرات داستهم الاقدام، ومات جوعا المئات.. ولايمكن.. لايمكن ابدا ان تنسى بريجيت باردو انها كانت الطفلة الصغيرة التي قطعت على قدميها اكثر من ستين كيلو مترا في هذه الحمى الجارفة!
ولم يكن احد يتصور ان هذه الطفلة المغلوبة على امرها ستصبح بعد ثمانية عشر عاما، اي وهي في ربيعا الثالث والعشرين، صاحبة أجمل جسد في العالم!
كان طريق بريجيت الى القمة التي تتربع عليها اليوم، اكثر صعوبة وشوكا من الطريق الذي قطعته في طفولتها.. ايام فرت من باريس، فقد كان عليها ان تكسب قوتها في سن مبكرة لان الماثل فقد كل ما يملك خلال العدوان..
حددت مستقبلها شقاوة الطفولة!
كانت بريجيت كاذبة بارعة، وكانت تجيد التمثيل، فمثلا تتسلل الى المعجب الذي يعلق عليه الضيوف قبعاتهم او معاطفهم فتضع فيها الضفادع، او قطع الثلج.. وتتحين الفرص فتدس بمسحوق الشعلة في المناديل التي يضعونها في جيوبهم، ثم تجلس بينهم وعلى وجهها سمات ملاك برئ لتراقبهم وهم يقفزون عندما تتحرك الضفادع تحت قبعاتهم.. او يسعلون ويعطسون اذا ما دسوا انوفهم في مناديلهم!
وكانت امها تبحث عن الفاعل في كل حادثة، واذا بالفاعل دائما مجهول! ولكن الام كانت تلاحظ ان بريجيت لا يمكن ان تنام في الليل، قبل ان ترى الضيوف وهم ينصرفون وترى كيف فعلت بهم "مقالبها"!
وراقبتها الام ذات يوم وضبطتها متلبسة بالجريمة.. وكانت علقة ساخنة.
ولكن الام شهدت لابنتها بانها ستكون ممثلة بارعة، ووضعت بريجيت هذا الإيحاء في أعماقها، وبدأت تتلمس طريقا لتحقيق الإيحاء الذي أصبح حلم حياتها..
***
في الرابعة عشرة بدت في جسدها معالم أنثى فائرة، وتقدمت بريجيت باردو الى مسابقة للجمال كان شرط السن فيها الا يقل عن 18 عاما، وفازت بريجيت بلقب ملكة الجمال!
ونشرت الصحف صورتها وهي في بلوفر ضيق! ورأى الصورة مارك الجربه الفنان الفرنسي المعروف فاشار على بريجيت بان تلتحق باحد معاهد التمثيل.
ولكن بريجيت كانت قد شاهدت عددا كبيرا من استعراضات الباليه، واحبت ان تصبح راقصة باليه، فالتحقت بمدرسة بورس كنيف، وهو روسي ابيض تتلمذت على يديه اكثر من نصف راقصات الباليه الفرنسيات.. ودرست في نفس الوقت في "الكونسير فتوار" الفرنسي أصول التمثيل، وبدأت بعمل متواضع على المسارح الباريسية وتقلدت أدوارا صغيرة ولكنها كانت مجتهدة فأتقنتها ولفتت إليها الأنظار.
وعندما تقلدت دورا كبيرا صمم رسام الاعلانات على ان يضع صورتها في اعلان الفرقة فرسمها عارية تماما الا من بضعة خطوط اخفت ما لابد من اخفائه!
وفوجئت بريجيت بالصورة معلقة في شوارع باريس، فوقفت أمامها خائفة والدم يغلي في عروقها، وذهبت الى الفرقة لتتشاجر مع الرسام، وتقول له انها فتاة شريفة.. بنت ناس.. ولا يليق ان يضع صورتها بهذا الشكل، وهز الرجل رأسه سخرية بغبائها وقال لها:
- انك ثائرة على أجمل فرص عمرك!
***
فعلا..
كانت تلك الصورة أجمل فرص عمرها، فانها هي بذاتها التي نشرتها الصحف اعلانا عن الفرقة وبدأ الناس يتدفقون على المسرح ليشاهدوا الطبق الشهي، الا ان الايطاليين سبقوا الفرنسيين الى اعطائها فرصة.. فذهب من يتعاقد معها على ان تظهر في فيلم "هيلين طروادة".. في دور امة بيضاء ترافق "روسانا بودستا" وتحرص حبها! ونجحت بريجيت باردو..
وتألق اسمها، وانتقلت من نجاح الى نجاح! ولكن القطة المتوحشة التي اتقنت ادوار الحب على الشاشة لم تكن تعرف الحب في حياتها، او كانت تعرفه وكان حظها فيه تعسا فتساوت مع التي لا تعرفه..
احبت قبل ان تبلغ الرابعة عشرة، وكان حب المراهقة عنيفا امتدت جذوره الى اعماقها وجند الحبيب وذهب الى برلين المحتلة.. وفي مشاجرة بينه وبين ألماني قتل!
وحزنت بريجيت اشد الحزن، ووضعت على قلبها ثقلا..
وفي سن السابعة عشرة وجدت من استطاع ان يحطم القفل وكان اسمه روجر ناديم وهو مخرج فرنسي شاب ونابه، وتزوجته بريجيت باقصى سرعة فانها كانت تعتقد انه سيموت ان لم تتزوجه.. الم يحدث هذا مع فتاها الأول؟.
غير انها ادركت بعد ثمانية أشهر.. ان التريث لا يجدي ولا السرعة، فقد وجدت في روجر مجنونا لا يقيم وزنا للحب، وكفرت بريجيت بالحب وطلقت روجر ثم قررت الا تفتح قلبها لحب جديد الا بعد ان تبلغ القمة..
** وفي باريس يباهون بها ويقولون انها أجمل من مارلين مونرو حتى يوم ان تربعت مارلين مونرو على عرش الجاذبية في العالم، ويقولون انها هي التي تستحق عن جدارة لقب فتاة العصر الذي حصلت عليه يوما ما الفرنسية انا ماريا كاجليو.
واصبحت افلامها انجح الافلام.. وتقاضت عن كل فيلم 150 ألف دولار، وهو أعلى رقم عرفته السينما الفرنسية التي تشكو أزمة مالية من نوع حاد، وافلامها هي الافلام التي لا يمكن ان يجيزها الرقيب قبل ان يمتد مقصه ويهذب هذا الموضع او ذاك، فان بريجيت التي ثارت ذات يوم على الرسام الذي رسمها شبه عارية.. اصبحت أجرأ امرأة في باريس.. وباريس أجرأ عاصمة في العالم!.
كتب عنها احد النقاد ذات يوم فقال: "ان جسدها العاري جميل.. انني لا اعرفها إذا ارتدت ثيابها"..
وكتب عنها ناقد آخر: "انها صنعت تحولا في عقلية الفتاة الفرنسية.. ان كل فتاة فرنسية تنظر الى المرآة وتحلم بان ترى في المرآة بريجيت باردو.
"نعم.. أليست بريجيت باردو صاحبة أجمل جسد في العالم!".
المصور / آب- 1958