الاقتصاد العراقي والمنافسة على المنافذ البحرية

الاقتصاد العراقي والمنافسة على المنافذ البحرية

ميعاد الطائي
أن العراق وبسبب قرار مجلس الأمن الدولي رقم 833 لعام 1993 فقد مساحات واسعة من مياهه الإقليمية وانكمشت حدوده البحرية لصالح الكويت بمساحة تصل إلى 57 كيلو مترا .في الوقت الذي كان العراق فيه بأمس الحاجة لهذه المساحة حيث تشكل المنافذ البحرية أهمية كبيرة للاقتصاد العراقي لأنه يعتمد عليها في دخول وخروج البضائع سيما تصدير النفط العراقي عبر البحر ومن خلال الموانئ التي يحاول العراق تطويرها لتستوعب الطموحات في النهوض بواقع التصدير والاستيراد .

وفي هذا الاتجاه كان العراق قد أعلن نيته بناء ميناء الفاو الكبير منذ عام 2005 وبالفعل تم وضع الحجر الأساس لهذا المشروع في نيسان من العام 2010 الا إننا شهدنا تأخيرا في تنفيذ هذا المشروع لاسباب تبدو ضبابية ، وبالفعل تقوم شركة ايطالية بوضع التصاميم لهذا الميناء الذي يعتقد المراقبون انه سيساهم في حصول العراق على مردود اقتصادي كبير الأمر الذي أثار حساسية دول الخليج بسبب وجود المنافسة على الحركة البحرية والتجارة في الخليج العربي .
وبعد عام على إعلان العراق نيته بناء ميناء الفاو الكبير أعلنت الكويت في السادس من نيسان 2011 البدء بمشروع ميناء مبارك الكبير ووضع الحجر الأساس له على السواحل الكويتية إلا انه يقع ضمن مداخل ام قصر الأمر الذي يؤدي الى مزاحمة مرور السفن العراقية و الأجنبية الأخرى والتي ستكون بحاجة الى أعماق اكبر لغرض دخول العراق . وهذا ما أكده وزير النقل على لسان النائب الشرع الذي أعلن فيه أنه طلب من الجانب الكويتي الابتعاد 3 كيلو مترات عن الخط الذي وضع فيه حجر الأساس لضمان حرية الملاحة وعدم التضييق على الموانئ العراقية .
ولقد أعلن الجانب الكويتي بإن المشروع سينفذ على أربع مراحل تنتهي آخرها في العام 2016، ويشمل إنشاء أرصفة للحاويات بطول كيلومتر ونصف، وعشرات المراسي، ومنطقة حرة للتبادل التجاري، ومجمع سكني متكامل، وخط للسكك الحديدية يربط بين طرفي الجزيرة.
ومن الأهمية بمكان ان نشير هنا الى ان الكويت لها الكثير من البدائل وانه ليست بحاجة ماسة لهذا المشروع حيث تمتلك خطوط ساحلية مفتوحة على البحر, يزيد طولها على 499 كيلومترا, بالإضافة الى موانئ تخصصية واسعة في الشعيبة, والأحمدي, والدوحة, والشويخ, والقليعة, وعندها مجموعة كبيرة من المرافئ والمراسي العميقة, وهي ليست بحاجة لهذا المشروع إنما يرى المراقبون ان هذا المشروع يأتي من باب المنافسة الاقتصادية والتضييق على بناء مشروع الفاو الكبير الذي يظن البعض من دول الخليج بأنه سيضر بمصالحه الاقتصادية . حيث من المؤمل أن يغير ميناء الفاو الكبير خارطة النقل البحري العالمية كونه سينقل البضائع من اليابان والصين وجنوب شرق آسيا إلى أوروبا عبر العراق.
بالإضافة الى ان الحكومة العراقية السابقة كانت قد أعلنت في شهر نيسان الماضي، عن إدراج العراق ضمن منظومة الدول المشتركة بالقناة الجافة حيث يسعى العراق إلى بناء منظومة نقل متكاملة تربطه مع الدول الإقليمية عبر القناة الجافة التي تصل بين دول البحر الأبيض المتوسط والخليج العربي ودول شرق آسيا، وتعد اكبر قناة نقل في العالم .
وربما تعد هذه الطموحات العراقية حافزا لبعض الدول الخليجية للسعي إلى عرقلة نجاح المخططات العراقية لتطوير الاقتصاد والنهوض بواقعه المتردي . إلا إن الأمر لا يعد كونه منافسة اقتصادية بل يعتبره العراقيون سياسة خاطئة تؤثر على العلاقات بين البلدين والتي سعى العراق الى تحسينها عبر السنوات الماضية من خلال فتح صفحة جديدة مع دولة الكويت التي لا بد ان تستجيب لنداءات السياسيين والبرلمانيين العراقيين الذي يناشدون الكويت بعدم تنفيذ المشروع والتوقف الفوري عن دق الركائز وإنشاء الطرق والسداد الترابية وانتظار ما سينتج عن التفاوض بين اللجان المشتركة بين البلدين والتي نتمنى ان تعمل بجدية وحرص كبيرين على مصالح الشعب العراقي . ونتمنى على الجانب الكويتي السعي الحقيقي والجاد لبناء شراكة اقتصادية ناجحة مع العراق وطي صفحة التوتر التي سادت بين البلدين لسنوات طويلة .