غازي الرسام رائد الكاريكاتير العراقي

غازي الرسام رائد الكاريكاتير العراقي

مروان الطائي
مَن منا نحن العراقيون (من عاش أربعينات وخمسينات وستينات القرن الماضي) لا يعرف الفنان الشعبي الموهوب (غازي الرسام) الذي لفـّه النسيان بسبب التعتيم الذي أحيط به بعد انقلاب عام 1963 بسبب الظروف السياسية . ولد في بغداد عام 1925..وكان غازي الوحيد لأمه الأرملة وكانت حالته الاقتصادية تلفـّها الفاقة والحرمان كباقي الكثير من الناس حينذاك وقد تخرج في المتوسطة عام 1949

والتحق بالدراسة الإعدادية صباحاً وفي معهد الفنون الجميلة مساءاً. كما وأقام عدة معارض خلال دراسته في المعهد وكان يحوّل أعمال مع أرضه إلى دار المعلمين العالية حيث يعرضها هناك ثم يتركها للآخرين وكانت موضوعاتها هي من الأغاني والأمثال الشعبية .
وفي السنة الثانية للمعهد ترك غازي الدراسة فيه وتخرج في الإعدادية. بعدها تمّ تعيينه في وزارة الدفاع بصفة رسام هندسي وهناك تعرف على الخطاط (صبري الهلالي) الذي تعلّم على يده فن الخط العربي كما تعلم رسم خرائط المباني والطرق.
قام بفتح مكتب للدعاية والإعلان بالاشتراك مع الفنان (خليل العزاوي) عندما سافر إلى مصر تم تكليفه بالرسم في مجلة (العراق الحديث) التي كانت تصدر في مصر .
كانت لدى غازي هواية كرة القدم حيث اشترك مع المنتخب الوطني العراقي في مسابقات دولية في مصر وتركيا وسوريا ٬حتى رسوماته الرياضية كانت متميزة جداً .
كانت هناك نية لإعداد وكتابة ملف شامل عن حياته لكن المنية كانت أسرع٬ حيث وافاه الأجل يوم 12/2/1999
كانت رسومات غازي الساخرة والساحرة بأفكارها اللاذعة وأسلوبها الفكه على مدى مسيرته الفنية التي بدأها في الصحافة العراقية في مجلة (قرندل) الأسبوعية عام 1947بالأضافة إلى مجلات أخرى مثل (قزموز, الحصون ابن البلد , العدالة , جفجير البلد, العصا, الآراء , المصور, جريدة الجريدة , لواء الاستقلال) وحتى لحظة لفظ أنفاسه الأخيرة .
غازي الرسام والخطاط كما كان يطلق عليه يجيد ممارسة الإبداعين معاًوقد حمل كل روحية ومادية وأنفاس بيئته الاجتماعية البغدادية وظروفها السياسية السائدة, بتقاليدها وعاداتها, بتراثها وفلكلورها سخريتها وحزنها، بأجناس أناسها المتنوعة٬ فكانت شخصيات رسوماته التعبيرية اللاذعة من صميم الواقع العراقي حصراً .أبتكر شخصية ابن البلد صاحب الجراوية البغدادية المعروفة ودشداشته وسترته ونكاته مثلما كانت تشاركه شخصية الكردي بزته الفلكلورية المتميز وبيئته الشمالية .لقد كانت مفردات أعماله تعتمد بالأساس على رسم الشخصيات الرئيسية وحواراتها الطويلة المستنبطة عادة من كلمات الأغاني والبستات والأمثال الشعبية والنكات الفكهه السائدة في المجتمع العراقي.
في مجموعته الكاريكاتيرية الأولى التي أصدرها عام 1958 يستذكر الفنان غازي تجربته مع الرسم قائلاً: " لم يدرْ بخلدي وأنا تلميذ بالصف الثاني الابتدائي أن أكون يوماً ما كما يقال عني رساماً سواء كان كاريكاتيرياً أم غير ذلك "
كان ولعه بفن الرسم بالذات في الصف الثاني..كانت له عادة رديئة كما يقول فهو يرسم ويشخبط بمناسبة وبغير مناسبة سواء على الباب أو الحائط أو الأرض..كان معلم نفسه..لقد صنع نفسه..صنعته موهبته..كانت رسوماته تمثل الواقع العراقي المضحك المبكي..واقعنا بمرارته وحلاوته.