الدكتاتورية الحميدة التي أنقذت بريطانيا من الفساد!

الدكتاتورية الحميدة التي أنقذت بريطانيا من الفساد!

ترجمة / عادل العامل
يبدو أننا لسنا الوحيدين في انتقادنا السياسيين و التحدث عن أفعالهم بمرارة لا تعادلها سوى تلك التي يتّسم بها حديثنا عن العملية السياسية و الديمقراطية بوجهٍ عام. فها هو الكاتب البريطاني تشارلس ميتفورد يعرب في كتابه الصادر حديثاً ( يونيَن جاك Union Jack *ــ مذكرات جاك نيلسون، دكتاتور بريطاني غير عادي جداً )، عن خيبة ظنه في سياسيي بلده و يورد أسباب عدم ثقته فيهم بالتحديد.

و إذا كان أحدٌ لا يحب السياسيين، كما يقول آدم محمد في عرضه للكتاب في Express، فإن المؤلف يريد إبعادهم تماماً عن بريطانيا إلى حين.
و ينظر كتابه هذا إلى الحياة في بريطانيا حديثة تحت حكم دكتاتورية غير عادية، حيث يُنفى أعضاء البرلمان بعيداً ليعملوا في السكك الحديد الكندية. و هكذا فمن الواضح أن لدى المؤلف هنا بعض الآراء الممتعة بالأحرى فيما يتعلق بالسياسة و السياسيين، و ليس هناك أية ثقة بالشياطين المكيَّفين هؤلاء، وفقاً لأسبابه السبعة الواردة أدناه :
1.السياسيون أنانيون
إن دافعهم الأول هو التمكن الشخصي من السلطة على الناس. و ما حقيقة تقديمهم لأنفسهم إلى المقام الأول للانتخابات، بالذات، إلا أحد الأسباب الكافية للشك فيهم.
كما أن حقيقة كونهم قد انتُخبوا مرةً، و إنهم يستمرون ليصبحوا أكبر النصّابين في المجتمع، و هم يتلاعبون بحسابات النفقات و يرتشون، سبب كافٍ لعدم الثقة بالسياسي من حيث المبدأ.
و هذا هو السبب في أن سياسيين أنيقين مثل كاميرون ليسوا بالأمر السيّئ، لأنهم في الأقل لا يحتاجون إلى المال.
2.السياسيون مولودون هكذا
يبقى السياسي كما هو حتى إذا كان الحزب الذي يمثله هذا السياسي أو السياسية قد توقف فجأةً عن الوجود.
و أن يكون المرء سياسياً ليس بالمهنة الأخلاقية أو المبدئية فهي اختيار أسلوب حياة و وسيلة للكسب المادي السهل. و هذا هو السبب في أننا بحاجة إلى دكتاتورية قصيرة حاسمة في هذا البلد لوضع الأمور في نصابها الصحيح.
و البطل في كتابي، ( Union Jack )، دكتاتور حميد يدعى جاك نيلسون يقوم بنفي أعضاء البرلمان ليعملوا في السكك الحديد الحقيقية في كندا كعمال بينما يقوم هو بإخراج كل وسائل كسبهم السهل عن سكتها في بريطانيا.
3.السياسيون يعيشون في فقاعة
إن معظم السياسيين لم يمارسوا عملاً ملائماً على الإطلاق في حياتهم الشخصية.
و لديهم خبرة حياة حقيقية أقل من الأطفال. و هم في الواقع أشبه بما كان عليه أطفالك، أو ما هم عليه الآن، أو ما سيكونوا عليه في فترة المراهقة، و هم لا يعرفون أي شيء و إنما يعتقدون بأنهم يعرفون كل شيء.
و يظلون يؤكدون على مقدار ما هم عليه من اتصال بجمهور الناخبين العاديين، الذين يرون أنهم بلا شك يمزحون في ذلك.
4.الجنس و السلطة و السياسيون
السلطة مثيرة للشهوة و السلطة المطلقة تُفسد، و ليست بالخليط السليم.
و هناك نسبة عالية منهم بشكل استثنائي منحرفون جنسياً، فما الذي يقوله لك ذلك؟
و أنا أُبرز بعضاً من نشاطاتهم الجنسية الواقعية الشاذة في كتابي هذا. و أحذّركم، أنكم ستكونون بحاجة لمشروب قوي و إلى حس الدعابة لديكم ( عند قراءته ).
5.السياسيون يدفعوننا إلى الجنون
إن أغلبيتهم لا يمتلكون إلا في النادر مركبات لائقة. فهم لا يريدون أن يظهروا مبَهرجين جداً على النحو الذي يدعم رأينا فيهم بأنهم محتالون فاسدون يُدفَع لهم من المال أكثر مما يستحقون. و هناك بعض الاستثناءات.
فألان كلارك ( 1928 ــ 1999 ) كان يسوق سيارة بنتلي نفّاخة و أخرى من نوع بوركر 911 كلاسيكية و كان جون بريسكوت يسوق سيارتين من نوع Jag في الوقت نفسه لكن ذلك يضع هذين النائبين في معزل عن معاصريهما الباهتين و ذلك هو السبب في شعورنا بشيء من الود المكتوم تجاه الاثنين.
و لو كان قلة من السياسيين أكثر لمعاناً قليلاً مثلهما فإنهم سيوفرون لنا في الأقل عندئذٍ شيئاً من قيمة التسليةً و يُحدثون شعوراً لدينا بأن تقبّل أيديهم في جيوبنا سيكون أسهل علينا قليلاً. و أنا شخصياً أود أن أرى عضو برلمان مقبوضاً عليه لشيءٍ ما يتّسم بالتسلية مرةً و ليس للسلوك المهلهل المعتاد أو الفساد.
6.السياسيون يكذبون
أن تكون كذّاباً محترفاً هو من متطلبات العمل الأساسية في النشاط السياسي.
فإذا ذهبتَ إلى منزل خاص لشراء سيارة مستعملة، مثلاً، و فوجئت بأحد سياسييِّك يستقبلك عند الباب فإنك ستقدم اعتذاراتك و تجري فوراً لأنك تعرف تماماً أنك لن تحصل على جواب صريح أبداً بشأن تاريخ خدمة السيارة المفقود و الأميال التي سارتها.
7.السياسيون لا يلبسون بشكل يؤثّر في غيرهم
يرتدي معظم السياسيين بطريقة سيئة حقاً. أعني، مع راتبهم و نفقاتهم العبثية كم يبدو صعباً عليهم أن تكون لديهم بدلة تفصيل محترمة، بدلة تليق فعلياً و أن يختاروا رباطاً ملائماً لا يتصادم مع القميص؟
أو ألا يبدو الأمر، في حالة السياسية الأنثى، بهذه الطريقة في اللبس، و كأنها قد استيقظت عاريةً ذات صباح في أحد محلات أوكسفام Oxfam من بعد ليلة سكر، و عليها بالتالي أن تختطف لها أي ثوبٍ معلَّق هناك؟
فإذا لم يكن بوسع السياسي أن يلبس بشكلٍ لائق على الإطلاق، كيف يمكن بحق الجحيم الثقة به لإدارة بلد؟
إن كتاب ( يونيان جاك Union Jack ) هذا، وفقاً لتعريف دار أمازون للنشر بالكتاب، مناظرة سياسية هجائية حول دكتاتور حميد يرتب انقلاباً و ينفي مؤقتاً جميع أعضاء البرلمان ليعملوا كعمال يدويين في السكك الحديد الكندية في الوقت الذي يقوم فيه بكل الأمور التي سنُحب القيام بها أيضاً لو كنا قادرين فقط على إدارة البلد جزئياً. و هو قراءة ضاحكة سريعة الخطى لكنها تحمل لوناً خفيفاً من التعليق السياسي و الاجتماعي. و الرواية، التي تستند على وقتنا الحاضر، هي من وحي أحداث واقعية في عام 1974 حين أوشكت بريطانيا على الوقوع تحت حكم انقلاب عسكري و تصبح دكتاتورية حميدة. و هكذا يصبح البطل جاك نيلسون ( في الرواية )، و هو رائد متقاعد في القوات الخاصة في سن 47 عاماً، أول دكتاتور حديث في بريطانيا حين يقوم بانقلابه لإنقاذها من جماعات الضغط القوية الفاسدة لـمؤسسة " لواء الصحيح سياسياً (PCB) " التي يعتقد بأنها استخدمت الكثير من التأثير على السياسيين الجبناء في العقود الأخيرة. ففي نظر نيلسون هذا فإن بريطانيا قد أصبحت بلاداً جُعل فيها التلاميذ يصيرون بدينين بشكل سيئ و غير مبدئيين كلياً لأن أحداً لم يكن يجرؤ على الوقوف بوجه هذه المؤسسة، و بالتالي فإن هناك أمراضاً بالانتظار لتنفجر على الخدمات الصحية الوطنية مستقبلاً بينما يقوم في غضون ذلك جيل من قطّاع الطرق السفاحين بزيادة صفوف السكان الأكثر إجراماً في تاريخ الجزيرة. و في رأي جاك، فإن الأمور ببساطة قد ذهبت بعيداً جداً. و كان ترتيب الأولويات العشوائي لثقافة الصحيح سياسياً تمضي بالبلاد إلى حافة الكارثة. و قد أصبحت بريطانيا مجتمعاً تُنفق فيه ملايين الجنيهات على الدفاع عن حقوق وعّاظ الكراهية المتطرفين المؤيدين لأعمال الإرهاب، و ليس لتحسين البنية التحتية الحيوية كالخدمات الصحية الوطنية. و كانت القشة التي قصمت ظهر البعير بالنسبة لجاك و جعلته يتخذ إجراءه العنيف هي الخبر القائل بأنه رغم أن القوات المسلحة يجري بسطها إلى نقطة حاسمة في مكافحة الإرهاب على ثلاث جبهات، هناك توجّه لخفض ميزانية الدفاع من أجل الإنفاق على المزيد من السكن و الرعاية الصحية للتدفق الهائل من المهاجرين الباحثين عن المنافع القادمين إلى بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. فيقوم جاك، و قد أمسك بالسلطة بمساعدة من رفاقه العسكريين الواعين لهذا الخطر، بنفي كل أعضاء البرلمان مؤقتاً إلى كندا و يعطي نفسه مدة خمس سنوات لتصحيح الأوضاع في البلاد بسياسات تخيّلية و مؤثرة جداً تؤدي في الغالب إلى نتائج مبهجة.

* هو في الأصل اسم للعلم البريطاني الحالي.

عن / Express و Amazon