وضع ضوابط التواصل مع الشبكة العنكبوتية تجنباً لادمانها

وضع ضوابط التواصل مع الشبكة العنكبوتية تجنباً لادمانها

عرض: صفاء عزب
كتاب " ادمان الانترنت في عصر العولمة " للدكتور محمد النوبي ـ أستاذ التربية الخاصة المساعد بكلية التربية جامعة الأزهر بمصر ، وجامعة الشرق الأوسط للدراسات العليا بالأردن ـ صادر عن دار صفاء للنشر والتوزيع بعمان ، في ثلاثمائة صفحة من القطع المتوسط ، وقسمه المؤلف الى خمسة فصول ؛ الفصل الأول جاء تحت عنوان " ماهية الادمان " ، وجاء الفصل الثاني تحت عنوان " ادمان الانترنت .. المفهوم والسمات " ،

والفصل الثالث حمل عنوان " سمات الانترنت .. المزايا والعيوب " ، وحمل الفصل الرابع عنوان " ادمان الانترنت لدى الموهوبين " ، بينما جاء الفصل الخامس والأخير تحت عنوان " ارشادات لمدمني الانترنت " . جدير بالذكر أن الكتاب له أهمية خاصة في موضوعه الذي يشغل بال قطاعات عريضة من مستخدمي ومحبي الانترنت.
احصائيات
في الفصل الأول من الكتاب ، قدم الكاتب بعض الاحصائيات الخاصة بمؤشرات انتشار الانترنت ؛ فأوضح أن أحدث الاحصائيات العالمية تقول ان عدد مستخدمي الانترنت في العالم يبلغ نحو 1.2 مليار مستخدم من تعداد سكان العالم 2007 البالغ عددهم نحو 6.5 مليار نسمة ، بنسبة 17% ، في حين لم يكن عدد مستخدمي الانترنت يتجاوز في عام 1997 أي منذ أحد عشر سنة 70 مليون مستخدم ، بما يعني أن عدد المستخدمين تضاعف نحو سبع عشرة مرة خلال هذه الفترة البينية القصيرة ، ويقرر الكاتب أن هذه الزيادة لم تشهدها أية وسيلة اعلامية أخرى على مدار التاريخ الانساني ، فضلاً عن استمرار انتشارها حتى الآن ، أما عربياً فقد ذكر الكاتب أن عدد مستخدمي الانترنت خلال نفس الفترة السابقة زاد خمسين ضعفاً من 600 ألف الى 29 مليون مستخدم ، وهو ما يعني أن الزيادة التي يشهدها انتشار الانترنت في المنطقة العربية تعد من أعلى النسب في العالم .
تنبؤات
وانطلاقاً من الاحصائيات السابقة في المنطقة العربية ، يقرر المؤلف أن زيادة عدد مستخدمي الانترنت عربياً يمكن أن يشهد توسعاً كبيراً ، استناداً الى التطور التكنولوجي الذي بدأ يأخد اللغة العربية في الاعتبار ، وهو ما لم يكن متاحاً حتى سنوات قليلة ماضية ؛ اذ لم تكن الكثير من خدمات الانترنت مهيأة للتعامل مع اللغة العربية ، فضلاً عن ضعف البنية الأساسية للاتصالات في أغلب البلدان العربية ، وارتفاع كلفة الاتصال ، والأمية ، بالاضافة الى الحذر والريبة اللتان تشوبا نظرة وتعامل العديد من الحكومات العربية مع هذه التكنولوجيا المتطورة التي تتيح للجمهور العربي ليس فقط تنوع مصادر المعرفة ، بل وصناعة الأخبار أيضاً .
مالك الانترنت
وعن مالك الانترنت ، تحدث الكاتب مؤكداً أنه يمكن القول بداية أن الحكومة الأمريكية ممثلة في وزارة الدفاع ، ثم المؤسسة القومية للعلوم ، هي المالك الوحيد للشبكة ، ولكن بعد تطور الشبكة ونموها ، لا أحد في الوقت الراهن يملك الانترنت ، واختفى مفهوم التملك ، ليحل محله ما أصبح يسمى بمجتمع الانترنت ، كما أن تمويل الشبكة تحول من القطاع الحكومي ، الى القطاع الخاص ، ومن هنا يوضح الكاتب: ولدت العديد من الشبكات الاقليمية ، ذات الصبغة التجارية ، والتي يمكن الاستفادة من خدماتها مقابل اشتراك ، ويذكر الكاتب أن هذه الخصوصية ـ أي عدم وجود مالك محدد ومعروف للانترنت ـ يجعل مهمة رجال الأمن أكثر صعوبة .
ادمان الانترنت
وحول مفهوم الادمان في حديثه عن الانترنت ، أوضح الكاتب في الفصل الثاني من الكتاب ، أن مصطلح " ادمان الانترنت " أطلق لأول مرة على يد الطبيب النفسي " ايفان جولد بيرج " كمزحة في بريد الكتروني على شبكة للنقاش ( الدردشة ) عبر الانترنت ، ويذكر الكاتب أن بيرج رأى أن هناك تشابهاً بين محك الاعتماد وعلى الكحول والسلوكيات المرتبطة بالانترنت ، وأطلق عليه " ادمان الانترنت " لما فيه من اعتمادية وجاذبية تدفع الناس لاستخدامها فترات طويلة ويعترفون أنهم لا يستطيعون التوقف عنها كما تشير الى ذلك الدراسات النفسية ، وينقل الكاتب عن المحللة والباحثة النفسية " يونج " أن حوالي 6.5 % من مستخدمي الانترنت يومياً والذي يقدر عددهم بنحو 70 مليون في المجتمع الأمريكي ، يمكن تصنيفهم كمدمنين ، وأن قائمة المعرضين لخطر ادمان الانترنت من الرجال والنساء عدد ليس بالقليل ، وتبدأ على مدمني الانترنت بعض الاضطرابات النفسية مثل الاكتئاب والقلق وعدم الثقة بالنفس والاحساس بالشقاء .
سبب الادمان
وحول الشيء الذي يجعل من الانترنت سبباً للادمان ، ذكر الكاتب أن " جون جرهول " أستاذ علم النفس الأمريكي لاحظ أن ادمان الانترنت عملية مرحلية ، حيث ان المستخدمين الجدد عادة هم الأكثر استخداماً واسرافاً لاستخدام الانترنت بسبب انبهارهم بتلك الوسيلة ، ثم بعد فترة يحدث للمستخدم عملية خيبة أمل من الانترنت ، ويوضح الكاتب وجهة نظر بعض الدراسات أن أكثر الناس قابلية للادمان هم أصحاب الاكتئاب والشخصيات القلقة والذين يعانون من الملل كربات البيوت ، وكذلك وجهة نظر البعض بأن الناس الذين تكون لديهم قدرة خاصة على التفكير المجرد هم أيضاً عرضة للادمان بسبب انجذابهم الشديد للاثارة العقلية التي يوفرها لهم الكم الهائل من المعلومات الموجودة على الانترنت ، ولا يحس المدمن بالوقت ويتسبب ادمانه في مشكلات اجتماعية واقتصادية وعملية .
أعراض الادمان
وعن بعض الأعراض التي يمكن للمستخدم من خلالها اكتشاف تورطه في ادمان الانترنت ، ذكر المؤلف منها زيادة عدد الساعات أمام الانترنت بشكل مطرد تتجاوز الفترات التي حددها الفرد لنفسه ، والتوتر والقلق الشديدين في حالة وجود أي عائق للاتصال بالانترنت قد تصل الى حد الاكتئاب اذا ما طالت فترة الابتعاد عن الدخول والاحساس بسعادة بالغة وراحة نفسية حين يرجع الى استخدامه ، والتكلم على الانترنت في الحياة اليومية ، مع اهمال الواجبات الاجتماعية والأسرية والوظيفية بسبب استعمال الانترنت ، واستمرار استخدام الانترنت على الرغم من وجود بعض المشكلات مثل فقدان العلاقات الاجتماعية والتأخر في العمل ، ومن تلك الأعراض أيضاً ، الجلوس من النوم بشكل مفاجئ والرغبة بفتح البريد الالكتروني أو رؤية قائمة المتصلين في برنامج المسنجر.
الطب والانترنت
وقد قدم الكاتب العديد من التفسيرات المختلفة لادمان الانترنت منها التفسيرات السيكودينامية ، والسلوكية ، والطبية ؛ فذكر في التفسير الطبي لادمان الانترنت أنه قائم على أساس أن سلوكيات الأفراد تحكمها مجموعة من العوامل الوراثية الجينية والتغيرات الكيميائية في المخ والناقلات العصبية ، وما يتعلق بها من تغيرات في الكروموزومات والهرمونات والمواد الكيميائية الضرورية لتنظيم نشاط المخ والجهاز العصبي ، وأنه توجد عقاقير قد تحدث خللاً في التواصل العصبي مما يترتب عليه أن يرسل المخ معلومات غير صحيحة كأن يتوهم شخص باعتدال المزاج لممارسة نشاط معين كمطالعة مواقع الانترنت ، وينقل الكاتب عن " جريفير " ان ادمان الانترنت هو أحد أنواع الادمان التي ليس لها علاقة بالعقاقير ، الا أنه لديها نفس أعراض هذا الادمان ، والذي يرتبط بعدة مظاهر للأعراض الانسحابية القريبة من الأعراض الانسحابية للادمان التقليدي .
لعنة الشات
كما أوضح الكاتب أن علاقة الانترنت بالعواطف والخيالات الرومانسية ، أحدثت انقلاباً في المفاهيم والممارسات النفسية والاجتماعية ، عندما أتاحت للانسان اطلاق رغباته الدفينة كلها والتعبير عنها بصراحة مع من يرغب عبر غرف الدردشة ، وهو ما يترتب عليه الكثير من المآسي والأزمات ، وينقل الكاتب عن أحد الأطباء النفسيين مثالاً لزوجة تعرفت على شخص عن طريق الشات ثم حادثته بالهاتف فوعدها بالزواج ان هي طلقت من زوجها ، فانجرفت وراء رغباته حتى سقطا في الرذيلة ، ثم طلبت الطلاق من زوجها وبعد حصولها عليه طلبت من هذا الشخص التقدم لها فأجابها بهدوء " يا غبية أتصدقين أنني من الممكن أن أتزوج من خانت زوجها؟!
ارشادات عملية
وفي الفصل الخامس والأخير من الكتاب ، ساق الكاتب مجموعة من الارشادات الموجهة لمدمني الانترنت ، بعد أن أشار الى دراسة سويسرية صادرة عن متابعة ادمان المخدرات والمسكرات تقول " ان كثرة استخدام الانترنت قد تؤدي الى نوع من الادمان المرضي سواء بين المراهقين أو البالغين " ، وكان من تلك الارشادات ضرورة مراقبة الألعاب الالكترونية التي يمارسها المراهقون عبر الانترنت ، اذ يجب أن تكون ملائمة لأعمارهم وألا تتضمن أحداثاً شديدة العنف أو خيالية ، وألا يزيد استخدام الانترنت في هذا المجال عن نصف ساعة يومياً ، وكذلك ضرورة الابتعاد عن المواقع الاباحية التي تترك آثاراً نفسية سيئة على المترددين عليها من الجنسين، بالاضافة الى طرق أخرى كثيرة ذكرها الكتاب.