تحيّة للدكتور شجاع مسلم العاني

تحيّة للدكتور شجاع مسلم العاني

علي داخل فرج
في خطوة أكثر من رائعة يتبنَّى الأستاذ الدكتور شجاع مسلم العاني، نشر كتاب (التناص، دراسة في الخطاب النقدي العربي) للدكتور سعد ابراهيم عبد المجيد على نفقته الخاصة، وإذا ما علمنا أنَّ أهمية الكتاب الصادر عن دار الفراهيدي ببغداد عام 2010م، وهو بالأصل أطروحة نال بها الباحث شهادة الدكتوراه من جامعة بغداد عام 1999م،

تمكن في شموليته وتقصيه لظاهرة التناص في الخطاب النقد العربي بصورة تكاد تكون وافية، وهو أمر يكفي الدكتور شجاع العاني فضلاً أنه أخرجه للمتلقي، ولم يُبقهِ حبيس المكتبات الجامعية، فإنَّ ما يثير الإعجاب والتقدير حقاً هو تلك الروح النبيلة، والوفاء الجميل الذي اتسم به الدكتور العاني ناشر الكتاب، ولا سيما إذا ما علمنا أنَّ مؤلفه الدكتور سعد ابراهيم عبد المجيد المصري الجنسية الذي أقام في العراق مدة تزيد على خمس وعشرين سنة كان قد توفي إثر حادث مؤسف بالقرب من بغداد بعد عام 2003م، الأمر الذي كان يمكن معه أنْ تظل أطروحته المذكورة رهينة المكتبات الجامعية مما يعني أنَّ عدد المطلعين عليها سيبقى محدوداً على الرغم من أهميتها وأصالة الأفكار التي اشتملت عليها صفحاتها.
أما علاقة الدكتور العاني بمؤلف الكتاب، فقد لخَّصها هو في المقدمة التي كتبها للتعريف بالكتاب والمؤلف، وفيها نقرأ:”تعرفت على سعد عبد المجيد، مصري الجنسية، لأول مرة في البصرة، حين تقدمت إليَّ فتاة يصحبها شابان، وطلبا إليَّ أن يحضرا محاضراتي في النقد، وأخبروني أنهم طلبة الماجستير في كلية التربية، وأنهم يفتقدون إلى درس نقدي حديث ورصين وجاد، وكان أحد الطالبين سعد عبد المجيد الذي توثقت بعد ذلك علاقتي به، بعد أنْ نُقلت إلى بغداد، وصادفته بائعاً للكتب في شارع المتنبي حيث باعة الكتب على رصيف الشارع..”وبعد أنْ قُبل سعد ابراهيم عبد المجيد في جامعة بغداد لدراسة الأدب العربي (مرحلة الدكتوراه)، استمرت العلاقة بين الاثنين، وتوطدت بصورة أكبر من خلال متابعة الدكتور العاني لمراحل كتابة الأطروحة وتقديم المساعدة له عن طريق تزويده بعدد من المصادر والمراجع، وإبداء الملاحظات والآراء التي أفاد منها الباحث والبحث، فضلاً عن مراجعة أحد فصولها وقراءته قراءة ناقدة ألزمت الباحث تقديم شكره له في مقدمة الأطروحة.
وبعد مرور عدة سنوات على وفاة الباحث سعد ابراهيم عبد المجيد، يعود الدكتور العاني ليضرب مثلاً رائعاً في الوفاء، وفاء الأستاذ لتلميذه، ووفاء العالم لعلمه، ولرسالته الإنسانية، لينشر الأطروحة التي كان هو أحد أعضاء اللجنة العلمية التي ناقشت الطالب في محتوياتها، فتكون الثمرة كتاباً قيماً كان من الممكن أن يبقى مجهولا على الرغم من قيمته العلمية التي لا يخطئها كل من يقلب صفحاته. فشكرا للدكتور شجاع العاني الناقد والأستاذ الذي يذكرنا بجيل رائع من الأساتذة طالما أصبحنا نفتقدهم اليوم..