الإقراض في ظل نمو الاقتصاد في الإمارات العربية المتحدة

الإقراض في ظل نمو الاقتصاد في الإمارات العربية المتحدة

إياد مهدي عباس
الإمارات العربية المتحدة هذه الدولة الخليجية نجحت في ان تكون ثاني اكبر اقتصاد ضمن دول مجلس التعاون الخليجي الأمر الذي يتطلب نظرة نحو هذا الاقتصاد الذي فيه الكثير من التجارب الناجحة

والتي من الممكن لنا ان نستفيد منها كدولة قريبة من الظروف التي يتقاسمها أبناء المنطقة الخليجية والتي تعتمد في الدرجة الأولى على الدعم المقدم لها من القطاع النفطي.
وتشير التوقعات الرسمية الإماراتية الى نمو الناتج المحلي الإجمالي ما بين 3 و3.5 في المئة في عام 2011. وإذا صحت هذه التوقعات، فسيتخطى حجم الناتج المحلي الإجمالي للإمارات وللمرة الأولى حاجز التريليون درهم أي 270 مليار دولار.
ومن شأن هكذا نمو تعزيز مكانة الاقتصاد الإماراتي كصاحبة ثاني أكبر اقتصاد بين دول مجلس التعاون الخليجي بعد السعودية. يبلغ حجم الناتج المحلي الإجمالي السعودي في الوقت الحاضر قرابة 427 مليار دولار. وعلى صعيد العالم العربي، يحتل الاقتصاد الإماراتي المرتبة الرابعة بعد السعودية ومصر والجزائر على التوالي. وحسب أرقام البنك الدولي لعام 2009، يأتي ترتيب الاقتصاد الإماراتي في المرتبة رقم 42 على مستوى العالم مقارنة بالمرتبة رقم 21 للسعودية.
هذا ولقد توقع الخبراء في الاقتصاد الإماراتي أن يصل معدل النمو الاقتصادي في دولة الإمارات خلال العام 2011 إلى 3,3٪، وأن ترتفع نسبة الإقراض في السوق خلال العام الجاري بما يتراوح بين 6 إلى 10٪، وأكدوا توافر السيولة في مصارف الدولة، موضحاً أن قيمة السيولة المتوافرة في مصرف الإمارات المركزي في عام 2010 بلغت نحو 1,6 تريليون درهم مقابل 1,5 تريليون درهم في عام 2009، ومن المتوقع أن تحقق شركة دبي فيرست خلال الأعوام الثلاثة المقبلة بدءاً من عام 2011 حتى عام 2013 نمواً في الأرباح معدله يتجاوز 30٪، ويعتقد البعض ان معدل التعثر في السداد في أواخر عام 2010 قد تراجع إلى 12٪، مقابل نسبة تعثر خلال الربع الثالث من عام 2008 بلغت بما يتراوح بين 7 - 8٪ مقابل نسبة تعثر تراوحت بين 17 و20٪ في عام 2009، و10٪ عام 2010.
وحسب الخبراء فإن النمو الاقتصادي في الدولة يجد دعماً من أداء القطاع النفطي الذي من المقدر أن يشهد زيادة في الطاقة الإنتاجية قوامها 100 ألف برميل يومياً ليصل إلى 2,5 مليون برميل يومياً، فضلاً عن مساهمة قطاع الشركات الصغيرة والمتوسطة بنسبة تبلغ 60٪ من الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي، وأوضح أن صعود نمو الناتج المحلي الإجمالي يؤدي إلى ارتفاع القيمة الإجمالية للدخل القومي في دولة الإمارات، حيث أن معدل النمو المتوقع للاقتصاد الإماراتي يماثل مستوى معدل نمو الاقتصاد العالمي المتوقع تسجيله عن نفس الفترة، وأنه من المتوقع أن يسهم كل الشرق الأوسط وآسيا بقدر كبير من نمو الاقتصاد العالمي، وذلك بالمقارنة مع مساهمة الاقتصادين الأوروبي والأميركي، كما أنه من المتوقع أن يشهد الاقتصاد العالمي خلال الأعوام القليلة المقبلة مزيداً من النمو والازدهار.

ولقد كان من المتوقع أن يسجل اقتصاد الإمارات في عام 2010 نمواً نسبته حوالي 3٪، بيد أنه سجل نمواً نسبته 2,4٪، ولكن من المتوقع أن ينتعش نمو اقتصاد الإمارات في عام 2010 نتيجة لتضافر العديد من العوامل الداعمة في إعطاء قوة زخم أكبر لنمو الاقتصاد، وتتمثل في توقعات ارتفاع أسعار النفط وزيادة الإنتاج النفطي وإعادة هيكلة مديونيات الشركات وإطلاق مشروعات عملاقة عديدة في مختلف القطاعات.
ومن المتوقع أن ترتفع نسبة الإقراض في السوق الإماراتي خلال العام الجاري بما يتراوح بين 6 إلى 10٪، مقابل معدل منخفض بلغ 2,36٪ خلال النصف الثاني من عام 2010، وهو ما يؤشر عودة الحركة الاقتصادية في السوق وإعطاء قوة داعمة للنمو الاقتصادي، باعتبار أن هذه الزيادة جاءت أساساً من صعود معدل اقتراض الأفراد الذي بلغت قيمته في عام 2010 - بحسب إحصائيات المصرف المركزي ــ حوالي 247 مليار درهم، مقابل 237,9 مليار درهم، أي بزيادة نسبتها تقريباً 3,9٪، فيما تراجع حجم الإقراض العام في الدولة في عام 2010 ليبلغ 1,31 تريليون درهم مقابل 1,4 تريليون درهم في عام 2009.
من هنا ندرك توافر السيولة في مصارف الدولة، وان قيمة السيولة المتوافرة في مصرف الإمارات المركزي في عام 2010 بلغت نحو 1,6 تريليون درهم مقابل 1,5 تريليون درهم في عام 2009، وهذا يبين ان تحسن معدلات السيولة يسير سيراً تدريجياً، بالنظر إلى أنه من الصعب أن تقوم المصارف بإتاحة السيولة بشكل فوري، حيث يستغرق الأمر بعض الوقت، مع وجود دعوات إلى تأسيس مكتب موحد للائتمان يساعد المصارف على اتخاذ قرارات الائتمان بشكل حصيف وسريع.
ومن خلال نظرة لوضع أسواق الائتمان قبل تفجر الأزمة المالية العالمية بإشارة إلى أن عام 2008 تميز بانفتاح شهية الأفراد والشركات على الاقتراض، وهو ما واكبته زيادة في إقبال المصارف على الإقراض، وذلك على الرغم من اتباع المصارف قواعد في الإقراض تم تطبيقها بدرجة عالية من المرونة في إطار احتدام التنافس بين بعضها البعض على اجتذاب المقترضين وتقديم التسهيلات الائتمانية، حيث يقوم 34 مصرفاً بتقديم قروض للأفراد من إجمالي المصارف المتواجدة في الإمارات والتي يبلغ عددها 52 مصرفاً، وتوازي انفتاح شهية المصارف على تقديم القروض، مع إقبال الأفراد أنفسهم على الحصول على القروض من دون وعي وتفهم كاملين بتكاليف الاقتراض، وجاء ذلك في ظل غياب وجود مكتب موحد للائتمان، الأمر الذي جعل من الصعوبة على المصارف إجراء تقييم واقعي للجدارة الائتمانية للعملاء، واعتمادها بشكل أساسي على معاييره في الاقتراض، دون النظر إلى حجم الالتزامات الأخرى للعملاء، وزاد الوضع تعقيداً، تنافس المصارف على اجتذاب العملاء من دون التدقيق في جدارتهم الائتمانية.
وأوضح خبراء أن سوق إقراض الأفراد في الإمارات شهد تغيراً ضخماً خلال العامين الأخيرين، وذلك باتجاهه نحو اتباع كل من الأفراد والمصارف نهجاً متحفظاً تجاه عمليات الإقراض، فكما صارت نظرة المصارف نحو الإقراض أكثر تركيزاً على جدارة وجودة العملاء عوضاً عن حجم القروض المقدمة من خلال اتباع قواعد احترازية، صار الأفراد أكثر اهتماماً بإدارة أوضاعهم بحسب قدراتهم المالية، وذلك في ظل انحسار خياراتهم التمويلية.
وبالرغم الظروف الاقتصادية الصعبة التي ألقت بضغوطها على المصارف خلال العامين المنصرمين، وذلك على نحو ما تجلى في الخسائر التي لحقت بها، والاحتياطات التي تم رصدها وتخصيصها، إلا أن شركة دبي فيرست حققت أداءً تماشى مع التوقعات الموضوعة بشأن معدلات النمو والأرباح والحصة السوقية وغير ذلك من المؤشرات، وأنجزت الأهداف المرجوة.
وهكذا وجدنا إن معدل نمو احتياطات المصارف في الإمارات قبل عام 2008 كانت في حدود 7,5٪، وارتفع هذا المعدل خلال العامين 2008 و2009 بنسبة تبلغ 65٪، إذ بلغت احتياطات المصارف في عام 2010 ــ بحسب أرقام المصرف المركزي ــ حوالي 44,3 مليار درهم، أي بزيادة نسبتها 36٪ مقارنة باحتياطات قيمتها 32,6 مليار درهم في عام 2009.