من هو قرندل؟فيلم (ليلى في العراق)...

من هو قرندل؟فيلم (ليلى في العراق)...

صادق الازدي
صحفي عراقي راحل
كانت وزارة نوري سعيد العاشرة هي الوزارة التي جاءت في اول سنة 1949، فقد تالف في يوم 6 كانون الثاني من ذلك العام وهو من ايام العطل الرسمية فهو يوم عيد الجيش الباسل.. وقد تألف على الوجه التالي:

نوري سعيد للرئاسة ولوزارة الداخلية وجلال بابان للمواصلات والاشغال ووزيرا للاعمال وكالة، وعبد الاله حافظ للخارجية، ومحمد حسن كبه للعدلية، وشاكر الوادي للدفاع، ونجيب الراوي للمعارف، وضياء جعفر للاقتصاد، وبهاء الدين نوري للشؤون الاجتماعية.!
وبعد شهرين، على وجه التقريب، صرنا نسمع ان النية متجهة الى تعيين نائب لرئيس الوزراء، ثم جرى تعديل الدستور، فكتبت اقول في احد اعداد مجلتي، ان تعيين نائب لرئيس الوزراء يعني ان منصب الرئاسة يتعب الرئيس، فكيف يصبح ذلك وهو يشغل وزارة الداخلية، فاذا كانت رئاسة الوزراء تتعبه ويحتاج الى نائب له فيه، فلم لا يتخل عن الداخلية؟
تعديل وزاري!
وعندما حل يوم 7 آذار 1949 جرى تعديل وزارة السعيد العاشرة، فتم تعيين، عمر نظمي وزيراً بلا وزارة ونائبا لرئيس الوزراء، وتعيين فاضل الجمالي وزيرا للخارجية، وتوفيق النائب وزيرا للداخلية!
معارضة عنيفة..
وكان مجلس النواب القائم يومها يضم عدة نواب من المعارضين المثقفين، مثل فائق السامرائي.. وعبد الجبار الجومرد، وحسين جميل، ومحمد حديد والشبيبي، والظاهر، ومحمد مهدي كبه، وغيرهم، وهنا صار بعض نواب الحكومة يصرخون ويقولون ان الاقلية، اي نواب المعارضة، يريديون التحكم بالاكثرية، اي نواب الحكومة، فكتبت في العدد 49 اقول تحت العنوان التالي:
الاكثرية والاقلية!
النغمة الجديدة التي صرنا نسمعها في الاونة الاخيرة، نغمة الاقلية والاكثرية في مجلس النواب، وقد قيد الشيء الكثير فيما دعي بتحكم الاقلية بالاكثرية، فاين هو التحكم يا ترى!
ان المقصود بالاقلية (جبهة المعارضة) وهي في الواقع تضم اقلية من النواب، واما الاكثرية فهم من المؤيدين.
وبطبيعة الحال لايمكن ان تكون الاكثرية معارضة، اذ لو كانت لما استطاعت الوزارة البقاء في الحكم، اللهم الا في حالة واحدة، وهي حل المجلس واجراء انتخابات جديدة!
والاقلية مهما عارضت لايمكن ان تتحكم ما دامت الاكثرية ستصوت لصالح الحكومة، فما الداعي اذن للقول بان الاقلية تريد ان تتحكم بالاكثرية!
ان الاكثرية تريد ان تمنع المعارضة من الكلام، وقد يكون في خطاب المعارضين مالا يبرره الوضع، وقد يتمادى بعضهم في النقد العنيف، ولكن هذا هو شأن المعارضة، فاذا حدث، كما حدث عندنا، وتقدمت الاكثرية باقتراح لمنع المعارضة من الكلام، فهذا هو التحكم!
من هو قرندل؟
وسألني احد القراء قائلاً: "من هو قرندل؟".. وبعد ان حدثته عن "قرندل البغدادي" الذي كان يدق الكبة ولايأكل منها قلت:
ونبهني بعض الظرفاء من اصدقائي الادباء الى وجود (قرندل) في العصر الجاهلي، وهو الذي قال البيت التالي:
واذا تكون كريهة ادعى لها واذا يحاس الحيس يدعى جندب!
اي انه كان يدعى عند نشوب المعارك، ولكنه لايدعى عند اعداد (التمرية)، وانما الذي يدعى هو (جندب).
وقال اديب آخر من اصدقائي: ان قرندل العصر الاسلامي هو الذي قال:
اذا قتلنا وما يرثي لنا احد
قالت قريش: الا تلك المقادير
نعطى السوية من طعن له نفذ
ولاسوية اذ تعطي الدنانير
وهكذا خلد التاريخ اكثر من قرندل، وهناك الالوف بل الملايين من الذين لم يذكرهم التاريخ، فانظروا حولكم لتجدوا المئات من اشباه هذا القرندل وذاك، وسبحان مقسم الارزاق!
"من هل بركه"!
وتحت هذا العنوان كتبت انتقد تفشي الرشوة في ذلك الوقت، وكانت الكلمة تحت عنوان: "من اين لك هذا؟!.. من هل بركه؟! " قلت في مستهله:
اعلن معالي سعد صالح وزير الداخلية في مجلس الاعيان انه سيخرج لائحة قانون الاثراء غير المشروع الى النور بعد اجراء تعديل جوهري فيها بحيث تشمل الموظفين كبيرهم وصغيرهم.. كلهم يك حساب، ماكو فرق.
ثم اوردت نادرة تقول انه في العهد العثماني زار احد الولاة انحاء الولاية، ولما وصل الى مدينة جد صغيرة، دخل على موظف فيها، وهو بداره، فوقع نظره على مائدة عليها كل مالد وطاب.
فقال الوالي للموظف:
يابه هاي منين جبت فلوس هالميز؟!
فابتسم الموظف وقال: مولاي هذا من هل بركه!
واشار بيديه اشارة ذات معنى، فقهقه الوالي.. واكتفى بذلك الجواب!
واشرت في مستهل ذلك المقال الى انه كان قد نشر يوم 7 نيسان 1946 في جريدة النديم وقلت: "وها انا اعيد نشره بعد ثلاثة اعوام مرة اخرى، فهل ساعيد النشر بعد ثلاثة اعوام ايضا.."!؟
ليلى في العراق!
ونشرت الجرائد والمجلات في ذلك العام تقول ان فلم "ليلى في العراق" ستعرضه سينما روكسي ابتداء من مساء السبت 10/12/1949.
وكان ذلك الفلم من انتاج ستوديو بغداد ومن تمثيل محمد سلمان، نورهان، عفيفة اسكندر، ابراهيم جلال، عبد الله العزاوي، جعفر السعدي، وغيرهم.
عن جريدة الاتحاد
العدد 54 / ايلول 1987